اختتم مركز تريندز للبحوث والاستشارات مشاركته الفاعلة في معرض جيتكس جلوبال 2025 بالإعلان المشترك مع النيابة العامة لدولة الإمارات عن إطلاق “الورقة البيضاء” لقمة حوكمة التقنيات الناشئة (GETS 2025)، التي استضافتها العاصمة أبوظبي تحت شعار:
“نحو إطار عالمي مرن لحوكمة التكنولوجيا الناشئة: رؤية إماراتية استباقية لصناعة الفرص والمستقبل”.
وجاء هذا الإعلان خلال حفل خاص أقيم في جناح النيابة العامة بالمعرض، بحضور عدد من أصحاب السعادة والمسؤولين من الوزارات والهيئات الحكومية والشركاء الاستراتيجيين.

شراكة استراتيجية ومعرفة وطنية
أعرب الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، عن بالغ الشكر والتقدير للنيابة العامة الاتحادية بقيادة معالي المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، النائب العام للدولة، مشيراً إلى أن الشراكة الاستراتيجية المعرفية ، والدعم المتواصل من النيابة العامة شكّلا الركيزة التي جعلت مشروع الورقة البيضاء ممكناً.
وأوضح الدكتور العلي أن القيمة الفريدة للورقة البيضاء تكمن في قدرتها على تحويل مداولات القمة التي استمرت يومين إلى “أصل معرفي دائم” يمكن الرجوع إليه، مؤكداً أن الهدف هو ضمان أن يصبح “زخم اليوم خارطة طريق الغد”، من خلال تحويل الأفكار والتوصيات إلى مشاريع قابلة للتطبيق.
وشدّد على أن الهدف المشترك يتجاوز مجرد حوكمة التقنيات، إذ يسعى الشركاء إلى تشكيل مستقبل يرتكز على العدالة والمرونة والازدهار المشترك، مع الالتزام بمشاركة المعرفة وإفادة المجتمعات.

كلمات الإطلاق
تحدث في حفل الإطلاق سعادة المستشار سالم علي الزعابي، رئيس نيابة بمكتب النائب العام للاتحاد ورئيس اللجنة التنظيمية العليا لقمة حوكمة التقنيات الناشئة، مؤكداً أهمية التعاون الوطني والعالمي لضمان أن “تظل التقنية في خدمة الإنسان لا أن يصبح الإنسان في خدمتها
بدوره قال عبدالعزيز أحمد الشحي، نائب رئيس قطاع البحوث في مركز تريندز للبحوث والاستشارات إن هذه الورقة تُعد استمراراً للعمل المعرفي الذي بدأ بسن تريندز والنيابة العامة في القمة ، وتضمن وجود مخرج بحثي يمكن الإشارة إليه كمرجع يوثّق ما دار من نقاشات علمية ورؤى إستراتيجية لضمان استفادة مجتمعات العالم من مخرجات قمة حوكمة التقنيات الناشئة، وتعزيز حضور دولة الإمارات في قيادة الحوار العالمي حول الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة”.
كما أكدت الدكتورة خديجة الفقيه، المستشار الاستراتيجي في مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، أن إطلاق الورقة البيضاء يمثل محطة مهمة في مسيرة دولة الإمارات نحو المستقبل الرقمي، وتجسيداً عملياً لريادة الدولة في الحوكمة الأخلاقية للتقنيات الناشئة.
وأضافت أن القمة جمعت نخبة من الخبراء والمفكرين من أكثر من 25 دولة، ناقشوا واحدة من أهم قضايا العصر: كيف نحكم التكنولوجيا قبل أن تحكمنا؟ وكيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان؟

عرض الورقة ومخرجاتها
استعرضت الأستاذة أميرة الوحشي، مدير مشروع القمة في النيابة العامة للدولة، أبرز ملامح الورقة البيضاء، مشيرة إلى أن القمة شهدت مشاركة أكثر من 1500 خبير ومسؤول من نحو 80 جنسية، وأن نحو نصف المتحدثين كانوا من دولة الإمارات، ما يعكس ريادتها في هذا المجال، وبيّنت أن الورقة تضمنت خلاصة أكثر من 70 جلسة، وكشفت عن مجموعة من المبادئ والتوصيات الجوهرية الهادفة إلى صياغة سياسات دولية لحوكمة التكنولوجيا والأخلاق الرقمية، مؤكدة أن الوثيقة ترتكز على ثلاثة مبادئ أساسية للحوكمة المسؤولة هي:

الشفافية، والمساءلة، والعدالة.
كما تضمنت الورقة أبرز التوصيات وهي الحوكمة الأخلاقية المرنة: لتحقيق التوازن بين تسريع الابتكار وحماية المجتمع، والمساءلة والتصميم الأخلاقي: إدماج مفهوم المساءلة في بنية أنظمة الذكاء الاصطناعي، والثقة الرقمية والإشراف البشري: ضمان الرقابة البشرية على القرارات التقنية الحساسة، والتعاون الدولي: لمواءمة الأطر القانونية ومواكبة التطور التكنولوجي المتسارع، والعدالة التكنولوجية والشمول الرقمي: لضمان وصول التقنية ومنافعها لجميع فئات المجتمع، والابتكار المسؤول: من خلال إنشاء مختبرات سياسات تجريبية خاضعة للرقابة.
ودعت الورقة إلى تأسيس تحالف دولي يهدف إلى وضع ميثاق عالمي لحوكمة التقنيات الناشئة، وتعزيز العدالة في الخوارزميات، وتطوير تشريعات مرنة واستباقية تواكب التطور التكنولوجي ولا تعيقه.

جلسة حوارية تخصصية
عقب عرض الورقة، عقدت جلسة حوارية متخصصة تناولت أبرز التحديات والتوصيات في قطاعات العدالة، والتعليم، والصحة، والأمن السيبراني، والاقتصاد الرقمي، والصناعة.
وأكد المشاركون أن الإنسان هو الجوهر وخط الدفاع الأول في التحول التكنولوجي، وأن العدالة يجب أن تحافظ على بعدها الإنساني، مع إخضاع التقنية للقيم والأخلاق.
وفي قطاع التعليم، جرى التأكيد على أهمية بناء حوكمة تعليمية رقمية متكاملة تواكب التحول السريع، وتضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية.
كما تناولت النقاشات حوكمة الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاجات الروبوتية لضمان سلامة المرضى، والتأكيد على أن الوعي هو خط الدفاع الأول.

وفي قطاع الصناعة والاقتصاد الرقمي، تم التشديد على أن التحول الصناعي الذكي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في دولة الإمارات.
واختتمت الجلسة بالتأكيد على أن المبادئ الأساسية للورقة البيضاء – الشفافية والمساءلة والاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات الناشئة – هي الأساس لتعزيز الثقة في مسيرة التحول الرقمي، وترسيخ مكانة دولة الإمارات نموذجاً عالمياً في حوكمة التكنولوجيا الناشئة.