أكد خبيران دوليان أن دول الخليج لم تعد مجرد أطراف متلقية للمتغيرات الدولية، بل أصبحت فاعلاً نشطاً ومؤثراً في رسم التوازنات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، مستفيدة من قدراتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي وتحالفاتها وشراكاتها الاستراتيجية المتنوعة مع الشرق والغرب على حد سواء.

جاء ذلك خلال مائدتين مستديرتين نظمهما مكتب “تريندز” الافتراضي في جامعة الشرق الأوسط التقنية (METU) بتركيا وجامعة الشرق الأدنى (NEU) في قبرص، بمشاركة كل من الدكتور سرهات س. جوبوكجو أوغلو، مدير المكتب، والدكتور بريندان كانون، الخبير في الشؤون الدولية.

وشهدت الجلسات تفاعلاً لافتاً من قِبل الحضور الأكاديمي والطلابي، حيث تناولت النقاشات عدداً من المحاور الاستراتيجية، أبرزها تحولات النظام الدولي، أمن البحار، واستراتيجية “الوطن الأزرق” التركية، إضافة إلى التدريبات البحرية المشتركة كأداة لبناء التحالفات والردع.
وأوضح الدكتور سرهات أن دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، تتجه نحو تنويع شراكاتها الدولية عبر أطر متعددة مثل “بريكس+” ومنظمة شنغهاي للتعاون، ما يعكس تحولاً نحو تعددية الأقطاب في المنطقة. ولفت إلى أن هذه الدول باتت تعتمد سياسة خارجية قائمة على الاستقلال النسبي، والانفتاح، بما يتيح فرصاً لإعادة التوازن في الحوكمة الاقتصادية والسيطرة على أسواق الطاقة بعيداً عن الهيمنة التقليدية.

من جهته، تناول الدكتور بريندان كانون تطورات التدريبات البحرية المشتركة في الخليج، مشيراً إلى أنها لا تخدم فقط الجاهزية العسكرية، بل تمثل تحوطاً استراتيجياً من قبل دول الخليج تجاه التنافس بين القوى الكبرى.
كما ناقشت المائدتان التغير في العقيدة البحرية التركية، حيث استعرض الدكتور جوبوكجو أوغلو تطور مفهوم “الوطن الأزرق” كركيزة للاستراتيجية البحرية التركية، موضحاً أن المفهوم يجمع بين أدوات الردع والدبلوماسية في منطقة شرق المتوسط وما وراءها.

واختُتمت الجلسات بالتأكيد على أن البحر يظل ساحة مركزية للتنافس الدولي، حيث تتقاطع أدوات القوة الصلبة والدبلوماسية، مشيرين إلى أن دول الخليج باتت تؤدي دوراً محورياً في صياغة نظام إقليمي جديد متعدد الأقطاب.