شارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات في الندوة الدولية لمراكز الفكر في دول البريكس، التي عقدتها الأكاديمية الوطنية للتنمية والاستراتيجية في بكين، وجامعة رنمين الصينية، تحت عنوان «البريكس.. تنمية خضراء ومستقبل ذهبي»، واستضافها المجلس الصيني لتعاون مراكز الفكر في دول البريكس، بهدف تبادل الخبرات والمعارف وتعزيز الشراكات بين مراكز الفكر في «البريكس»، إلى جانب تسريع التحول نحو اقتصادات منخفضة الكربون.
وناقشت الندوة عدداً من المحاور الرئيسية، منها مسارات التنمية الخضراء، والتعاون الأخضر عبر الحدود، والتكنولوجيا والمعايير الخضراء، والتعاون المستدام بين الأسواق، كما استعرضت استجابة دول البريكس للتغير المناخ العالمي والتحديات البيئية، حيث تبنت استراتيجيات رائدة في التنمية الخضراء، من خلال الابتكار وإصلاح السياسات والتعاون الدولي.

مسارات التنمية الخضراء
وساهم في الندوة، عبدالله الخاجة، الباحث في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، حيث قدم ورقة بحثية في الجلسة الأولى، التي جاءت تحت عنوان «مسارات التنمية الخضراء»، قال فيها إن التنمية الخضراء لم تعد خياراً بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة، بل أصبحت ركيزة أساسية لتحقيق المرونة الاقتصادية والاستقرار الجيوسياسي على المدى الطويل، مضيفاً أن مجموعة «البريكس» تأتي بقيمة مضافة وفريدة من خلال هذا الحوار، الذي يتيح الاستفادة من التجارب والنماذج التنموية المتنوعة لصياغة نظام بيئي أكثر شمولاً.

«استراتيجية الطاقة 2050»
وأكد الخاجة أن التنمية الخضراء في دولة الإمارات أصبحت توجهاً استراتيجياً شمولياً، حيث إن «استراتيجية الطاقة 2050» تهدف إلى رفع حصة الطاقة النظيفة إلى 50% بحلول منتصف القرن الحالي، مع خفض الطلب على الطاقة بنسبة 40%، كما تتماشى هذه التوجهات مع «استراتيجية الهيدروجين»، و«الإطار الوطني للاقتصاد الدائري»، وذلك عبر «اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة» التي تضم ممثلين عن 17 وزارة وهيئة لضمان تنفيذ متكامل لأجندة الأمم المتحدة 2030.
وذكر أنه في خطوة عملية، تم مؤخراً تدشين منشأة للطاقة المتجددة بقدرة 1 جيجاواط طورتها شركة «مصدر»، مصممة لتوفير طاقة نظيفة مستدامة، وهذا المشروع ليس مجرد حل لتحدي التقطع في إمدادات الطاقة المتجددة، بل هو تأكيد على أن النمو الأخضر أصبح واقعاً ملموساً.

ترسيخ الاستقلالية الاستراتيجية
وأشار الباحث في «تريندز» إلى أن التزام دولة الإمارات يتجاوز حدودها الوطنية، حيث يعكس انضمامها لمجموعة بريكس في 2024 رؤية استراتيجية تتماشى مع توجهات الاقتصادات الناشئة لإعادة صياغة مشهد الحوكمة العالمية، فرغم قوتها الاقتصادية، فإن دولة الإمارات تؤمن بأهمية تطوير أطر تنموية ومالية بديلة، وتعزيز التعاون بين دول الجنوب، وترسيخ الاستقلالية الاستراتيجية في ظل تحولات موازين القوى العالمية.
وأضاف أن هذا التوجه تجسد خلال قمة «بريكس+» في قازان، والتي أكدت أهمية بناء تعاون وشراكات وتوافقات في ظل نظام متعدد الأقطاب، وأبرز مثال على هذا التعاون، الاتفاقية الاستثمارية بين «مصدر» و«صندوق طريق الحرير» الصيني بقيمة 2.8 مليار دولار، والتي تهدف إلى نشر حلول الطاقة المتجددة في اقتصادات مبادرة الحزام والطريق.

مراكز الفكر والتنمية
وأوضح الخاجة أن مراكز الفكر في دول البريكس تلعب دوراً محورياً في تعزيز جهود التنمية الخضراء، وذلك من خلال تفعيل الحوار البناء بين المؤسسات والدول، وتنويع الشراكات المعرفية وتوطين تقنيات المناخ، وتعزيز آليات التنسيق الإقليمي، مبيناً أن التنمية الخضراء ليست مجرد إطار عمل للاستدامة البيئية فقط، بل هي اختبار للقدرات الجماعية على إدارة التعقيدات، وتعزيز الابتكار العابر للحدود.