أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة تحليلية جديدة بعنوان “الدروس المستفادة من الحرب الإسرائيلية–الإيرانية”، تناولت التصعيد العسكري غير المسبوق الذي اندلع في 13 يونيو 2025، وأدى إلى تحوّل جذري في طبيعة الصراع بين الطرفين، من “حرب ظل” إلى مواجهة مباشرة مفتوحة، بدعم أمريكي لإسرائيل ورد إيراني مكثف شمل هجمات بالصواريخ والطائرات المسيَّرة على العمق الإسرائيلي.
وأوضحت الدراسة، التي أعدّها قسم الدراسات الاستراتيجية في المركز، أن الهجمات الإسرائيلية–الأمريكية ألحقت أضراراً جسيمة بالبرنامج النووي الإيراني، وتسببت في تدمير واسع للبنية التحتية النووية، واغتيال عدد من كبار العلماء والقيادات العسكرية، في حين تمكّنت إيران من تنفيذ ضربات صاروخية دقيقة على أهداف استراتيجية داخل إسرائيل، مما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة تجاوزت قيمتها 5 مليارات دولار خلال 12 يوماً.
وبيّنت الدراسة أن الحرب كشفت محدودية فاعلية منظومات الدفاع الجوي الروسية والإيرانية، وأظهرت في المقابل فاعلية التكامل بين الهجمات الجوية والسيبرانية والطائرات المسيَّرة الدقيقة. كما رصدت الدراسة تصاعد الدور الأمريكي وظهور نمط جديد من “دبلوماسية القوة”، يعتمد على الضربات المباغتة والتفاوض من موقع تفوّق عسكري، دون الحاجة إلى تحالفات دولية موسّعة.
وسجلت الدراسة تغيّرات بارزة في موازين القوى، منها فشل إيران في استخدام وكلائها الإقليميين بصورة فاعلة، وتراجع مكانتها الدولية، مقابل نجاح إسرائيل في تثبيت “الردع النشط” وإنفاذ سيادتها الجوية فوق الأراضي الإيرانية، رغم تكبّدها خسائر بشرية واقتصادية.
وفي تقييمها للدروس المستفادة خليجياً وإقليمياً، شددت الدراسة على ضرورة تعزيز القدرات الاستخبارية والهجومية السيبرانية، وتطوير برامج الطائرات المسيَّرة والصواريخ الفرط صوتية، ومراجعة فاعلية أنظمة الدفاع الجوي التقليدية، إلى جانب بناء استراتيجيات ردع هجينة تتماشى مع الواقع الأمني الجديد في المنطقة.
وأكدت الدراسة أن الحرب مثلت لحظة تحوّل مفصلية، وأفرزت ملامح نظام إقليمي جديد يقوم على معادلات توازن غير تقليدية، مما يستدعي من دول الخليج العربي إعادة صياغة أولوياتها الأمنية والعسكرية وفقاً للمعطيات المستجدة.