مقدمة
منذ عام 2020، ومع التوترات والصراعات المتصاعدة - اقتصاديًا وعسكريا على حد سواء - فقد أدّى كل ذلك إلى إضفاء إحساس بضرورة التركيز على الحالة العالمية للجغرافيا السياسية، بدرجة لم نشهدها منذ ذروة الحرب الباردة. وفي هذا الصدد فإن الحرب الدائرة رحاها في أوكرانيا، والتي بدأت مع الغزو الروسي في فبراير 2022، تُعَدُّ مثالًا صارحًا على الاضطرابات الحالية. ومن المعروف أن حرب أوكرانيا التي جاءت بشكل مباشر في أعقاب وباء كوفيد 19 - COVID قد أدَّتْ إلى زيادة ملحوظة في تنافس القوى الكبرى، لا سيما بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، فضلا عن معاناة لم تكن في حسبان شـعـوب الشرق الأوسط العربية التي تعتمد على واردات القمح من أوكرانيا وروسيا. ولا شك في أن التنافس على الهيمنة في البرّ الأوراسي والنطاق البحري لمنطقة المحيطين الهندي والهادي سيستمر . خلال السنوات القادمة.
من الواضح أن منطقة المحيطين الهندي والهادي، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط العربية، سوف تظـل هـي المسرح الجغرافي الأساسي للمنافسة الاستراتيجية بين واشنطن وبكين. ولا شك أنه مع المقاربة التعديلية للصين وروسيا – مقترنة بتصورات قوية عن تراجع الولايات المتحدة – دخل العالم عصر تعدد الأقطاب المرن. وبدأت المواقف تتجــه نحــو التشدد، مع انخراط الدول المتنافسة في ردود فعل انتقامية لفظية ومادية. كما أن مطالبات الصين الإقليمية المحفوفة بالمخاطر في بحري الصين الشرقي والجنوبي وتايوان، فضلًا عن الصراعات الجارية في اليمن وسوريا وليبيا - والتي تحدث كلّها في المحيطين الهندي والهادي - كل ذلك أسهم في خلق بيئة عالمية تصادمية متزايدة...