يطرح هذا الكتاب إشكالية مستقبل الإسلاموية، وهي إحدى الإشكاليات الملحة المطروحة في دوائر البحث ولدى متخذي القرار، لما تطرحه ظاهرة الإسلاموية والظواهر المرتبطة بها من تحديات وتهديدات في مستويات عدة أمنيا وسياسياً واجتماعيا وفكريا وثقافيا. وقد تنوعت زوايا النظر وتعددت المقاربات المتعلقة بالإسلام السياسي ومستقبله؛ إذ يرى بعض الباحثين أن ظاهرة الإسلام السياسي باقية ولن تزول، أو أن زوالها لن يكون في المدى القريب، سواء كان ذلك في شكل ذوبان متدرج، أو في شكل انهيار كلي في لحظة معينة، أو في صورة تحوّل نحو أشكال وسيطة، تسير على مراحل في طريق زوالها. ويرى آخرون أن موت الإسلاموية هو مصيرها المحتوم؛ وذلك نظرا إلى ما تلقته الجماعة من ضربات شديدة في السنوات الأخيرة.
ولا نغفل عن وجود كتابات عربية وأجنبية حديثة تنظر تحول تنظيم الإخوان المسلمين» إلى تيار فكري عام؛ وذلك كرد فعل على سياق الصراعات التي ضربت الجماعة بعد حدوث ما يسمى «الربيع العربي»، وهي الصراعات التي أثرت سلبيا في مكانة الجماعة وقوتها ووجودها على جميع المستويات. ومما لاشك فيه أن تلك المقاربات تعكس زوايا نظر أصحابها المتعددة، وتنوع أدوات التحليل التي يستعملونها واختلاف مشاغلهم باختلاف مواقعهم الأكاديمية والحضارية.
ويطرح الكتاب جملة من الأسئلة البحثية المتصلة بمنهجية المعالجة الأكاديمية الموضوع جماعة الإخوان: ما المقاربات السائدة في الأدبيات لفهم الإسلاموية ومآلاتها ؟ وهل موت الإسلاموية هو مصيرها المحتوم؟ وما معنى الموت في هذا المفهوم الجديد؟ وما الفرق بين موت الإسلاموية وما بعدها Post-Islamism (بمعنى تمكنها من إكساب تصوراتها الدينية مسحة ديمقراطية، خصوصا تلك التصورات المتصلة بسؤال السلطة؟ وما معنى انتشار كتابات عربية وأجنبية، في الآونة الأخيرة، تنظر التحول تنظيم الإخوان المسلمين إلى تيار فكري عام؛ وذلك كرد فعل على سياق الصراعات التي ضربت الجماعة بعد حدوث ما يسمى «الربيع العربي»، وهي الصراعات التي أثرت سلبيا في مكانة الجماعة وقوتها ووجودها على جميع المستويات؟
ويهدف الكتاب إلى الإجابة عن تلك الأسئلة من بين أسئلة أخرى، لذلك يناقش الفصل الأول المحددات التي يمكن من خلالها استشراف مستقبل الإسلام السياسي، وذلك على المديين القريب والمتوسط. ويقسم الفصل تلك المحددات إلى محددات نظرية ومحددات عملية. كما يحلل مستقبل الحركات الإسلامية الدعوية بمنأى عن مستقبل الحركات الإسلامية السياسية والحركات الجهادية. ويناقش الفصل كذلك تأثير محدد السياسات الغربية وإيجاد بدائل للإسلاموية لسد الفراغ التديني في المجتمعات العربية على مستقبل الإسلاموية.
أما الفصل الثاني فيدرس ويحلل مدى ارتباط مآلات الجماعة والتنظيمات الإرهابية بتسليط الضوء على ملامح الترابط الفكري والتنظيمي بين جماعة الإخوان والتنظيمات الجهادية، وذلك للإجابة عن تساؤل مهم هل ثمة وحدة مآلات بين الجماعة وتلك التنظيمات؟ بمعنى أن سقوط أحدهما أو تراجعه يعني سقوط أو تراجع الطرف الآخر، وهل العكس سيكون صحيحًا؟ وذلك من خلال تحليل عوامل الارتباط بين الطرفين سواء من الناحية الفكرية أو من الناحية التنظيمية وطبيعة العلاقة بين الطرفين، ومدى تأثر كل طرف بصعود الطرف الآخر أو تراجعه