ملخص تنفيذي
في ظل المكانة الرائدة التي تحتلها منطقة اليورو في العلاقات الاقتصادية الدولية، فمن الطبيعي أن ما تواجهـه مـن تحديات ينعكس مباشرة عـلـى أوضاع الاستقرار والنمو العالمي. ومن هنا تنشأ أهمية تحليل التحديات التي تواجه هذه المنطقة الاقتصادية ومحاولة الاستشراف الدقيق لمستقبل أدائها الاقتصادي.
ولقد استهدفت هذه الدراسة الوقوف على أهم التحديات التي تجابه منطقة اليورو منذ بداية التطبيق العملي للتكامل النقدي وظهور العملـة الأوروبية الموحدة «اليورو» في الأسواق. ولتحقيق هذا الهدف، انقسمت الدراسة إلى ثلاثة محاور أساسية. إذ انطلقت في محورها الأول من دراسة ظروف النشأة ومراحل تطبيق العملة الأوروبية الموحدة، مع التركيز على اتفاقية ماستريخت للتكامل الاقتصادي والنقدي. ثم استعرضت الدراسة في محورها الثاني التداعيات التي تركتها الأحداث الإقليمية والدولية على دول منطقة اليورو. وانصب اهتمام المحور الثالث من الدراسة على أهم ما يواجه منطقة اليورو من تحديات في ظل عصر اليورو، وخصوصًا إشكالية تنسيق السياسات النقدية والمالية لدول منطقة اليورو وضرورة تعزيز قواعد الحوكمة.
وانطلاقا من النتيجة الرئيسية التي توصلت إليها الدراسة بأن وجود بنك مركزي أوروبي أفضى إلى وجود تنسيق منضبط للجوانب النقدية على درجة عالية من الكفاءة والفعالية وهو عكس الحال في السياسات المالية التي لا توجد فيها سلطة مالية موحدة تناظر السلطات النقدية لمنطقة اليورو؛ فإن الدراسة قد انتهت إلى أن توافر قواعد للحوكمة الرشيدة هي الضرورة الواجبة
لكي تتجنب منطقة اليورو استمرار التعارض بين السياستين المالية والنقدية مع تفاقم المخاطر التي تهدد الوحدة النقدية للمنطقة. فبالرغم من استيفاء دول منطقة اليورو لشروط التقارب بين مؤشرات الاقتصاد الكلي التي أقرتها معاهدة ماستريخت فإن زعزعة الاستقرار المالي تنعكس دائما على سلامة الأداء النقدي، وخصوصـا مـع غياب التنسيق في السياسات المالية المطبقة، وعلى رأسها النظام الضريبي وأنظمة الأجور والمعاشات والحماية الاجتماعية.
واتصالا بهذه النتيجة الرئيسية، خلصت الدراسة إلى أن إعادة النظر في مضمون اتفاقية ماستريخت التي أسست لقيام الاتحاد النقدي الأوروبي، خاصة فيما يتعلق منها بمهام البنك المركزي الأوروبي وسلطته ومعايير التقارب الاقتصادي، وضرورة إيجاد آلية لتنسيق السياسات الاقتصادية لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة لمنطقة اليورو، وأهمية وضع ميثاق لحوكمة السياسة الاقتصادية المتبعة من قبل دول المنطقة، لتحقيق الانسجام بينها - مثلت كلها عوامل ذات أثر حاسم في سلامة التكامل القائم فيما بينها واستمراره في المستقبل طويل الأجل.