يمثل التسامح قيمة رئيسية في دولة الإمارات العربية المتحدة ونموذجها التنموي المزدهر. حتى غدت تجربة رائدة في التسامح. فالحديث عن معالم التجربة التنموية في دولة الإمارات في العقود الخمسة الماضية، التي يحلو للبعض أن يُطلق عليها معجزة الصحراء»، لا يكاد يخلو من الإشارة إلى ما يتمتع به مجتمعها المتنوع ثقافيًا من تسامح بين جميع القاطنين على أرضها على الرغم من انتمائهم إلى أكثر من مئتي جنسية والواقع أن التسامح - في صورته الإماراتية. قيمة مظلة ترتبط بجملة من القيم الأخرى، وفي مقدمتها الاعتدال والتعايش السلمي والتنوع الثقافي والانفتاح الحضاري
ولا شك أن الخلفية التاريخية والثقافية لدولة الإمارات، وجهود قيادتها الرشيدة في تعزيز التنوع الثقافي في الدولة واستثماره، كل ذلك يوفر أرضية صلبة للتسامح في مجتمعها. وطبقا لتقارير دولية ذات مصداقية عالية المستوى، فإن دولة الإمارات نجحت في تقديم نموذج ملهم للتسامح الإنساني وضاعفت الاهتمام الإقليمي والعالمي بقيمة التعاون من أجل نشر التسامح وتدعيم أسسه ما يثبت أن مساحة صغيرة من الأرض يمكن لها أن تحتضن كل ثقافات العالم، وتتسع لها، وأن تقبلها بعقل وقلب مفتوحين وتفتح الطريق أمام تألفها وتقاربها، ولعل النموذج الإماراتي في هذا الصدد، يمكن أن يكون ملهما لدول أخرى للاستفادة من آفاقه المقترنة بالاستقرار والازدهار والحياة الكريمة للجميع.
ويحمل نموذج التسامح الإنساني القائم في دولة الإمارات أهمية استثنائية وقيمة نوعية عالمية في حسم الجدل السائد بين الباحثين حول العلاقة بين الحضارات والثقافات. فهذا النموذج يشكك بقوة في احتمالات الصراع القائمة على التضاد أو التنافر الحضاري والثقافي. وبمعنى آخر، فإن النموذج الإماراتي يقدم تفنيدا عمليا لأطروحة صدام الحضارات أو الثقافات التي قال بها الباحث الأمريكي صمويل هنتنغتون في تسعينيات القرن المنصرم. وتنهض فكرته على أساس أن الصراعات الدولية، في عالم ما بعد الحرب الباردة، ستقوم بين الدول بسبب الاختلافات الثقافية والحضارية، ولاسيما الدينية منها.
في مقابلة صحفية مع جريدة الشرق الأوسط عام 2006، عبر، المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة آنذاك، رحمه الله، عن رأيه في دعاوى صدام الحضارات، ولاسيما بين الحضارتين الإسلامية والغربية. وفي هذا الخصوص، وصف - رحمه الله - هذه الأطروحات الفكرية بالمتشائمة، وأن العلاقة بين الحضارتين ينبغي أن تكون علاقة حوار وتواصل، وتكامل وتفاعل وتحقيقا لهذا الهدف المنشود، شدّد المغفور له الشيخ خليفة رحمه الله، على أننا في حاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى بناء تحالف للتفاهم والسلام من أجل اجتثاث جذور العنف والكراهية، وإفشاء ثقافة التسامح والاعتراف بالآخر واحترام قيمه الدينية وخصائصه الثقافية.. إن حوارًا إنسانيا مثل هذا هو المخرج الأفضل للأزمة الراهنة. ودعا، رحمه الله، إلى تنظيم مؤتمر دولي ترعاه الأمم المتحدة يهدف إلى تعزيز التفاهم بين الحضارات، وإرساء قواعد التسامح.