ملخص تنفيذي
ثمة ارتباط وثيق بين تنامي ظاهرة العولمة الاقتصادية وبين التحركات الدولية لرأس المال. وتتخذ العديد من الدراسات والتقارير الاقتصادية من التصاعد المستمر لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا على تنامي ظاهرة العولمة الاقتصادية. فمن المعلوم أن التدفقات الاستثمارية بين الدول تُزيل الحواجز التي تحول بين الأنشطة القائمة في جغرافيا الاقتصاد العالمي وأقاليمـه المختلفة.
ولما كانت دول القارة الأفريقية تقع متأخرة في ترتيب قارات العالم من حيث الجاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر، فإن دراسة المحددات المؤثرة في جاذبية القارة الأفريقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة تفيد في رسم سياسات اقتصادية تزيـد مـن فـرص هـذه القارة في جذب تدفقات رؤوس الأموال المفيدة للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. كما أن دراسة التحديات التي تواجه القارة الأفريقية حاليًا في مساعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية، مع تحليل اتجاهات المستقبل والمتطلبات الضرورية لتحسين التنافسية الأفريقيـة، كل ذلك يكتسب أهمية خاصة في ظل ما تعاني منه دول القارة من مخاطر تزعزع قدرات النمو الاقتصادي فيها.
ومن أجل إنجاز هذه الأهداف البحثية حاولت الدراسة الحالية بناء تحليل وصفي يتسم بالدقة والشمول والموضوعية لموضوع الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا، واستشراف مدى الاستعداد الأفريقي لاستقبال هذه التدفقات. لذلك، تنتقل موضوعات الدراسة من دراسة محدّدات الاستثمار الأجنبي المباشرفي القارة الأفريقية إلى الوقوف على أهم البرامج الأفريقية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. بعد ذلك حلّلت الدراسة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة للقارة الأفريقية خلال فترة العقدين الأخيرين 2000 - 2020، لمعرفة أهم المعوقات أمام جاذبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول القارة. وقد اختتم التحليل بمحاولة استشراف توجهات المستقبل للاستثمارات الأجنبية المباشرة في القارة الأفريقية.
وغني عن الذكر أن مسألة تهيئة الاقتصاد الأفريقي ليكون جاذبًا للاستثمار في المشاريع ذات القيمة المضافة تمثل أهمية خاصة، لمـا يترتب عـلى هذه المشاريع من مردودية مالية، وآفاق واعدة للتنمية الاقتصادية، وأبعاد اجتماعية إيجابية على الشعوب الأفريقية. وقد اقترحت الدراسة التركيز على الاندماج الأفريقي في سلاسل القيمة العالمية عبر دعم أنشطة المنطقة الحرة للقارة الأفريقية؛ من أجل تحفيز سلاسل القيمة العالمية نحو أفريقيا، وذلك عبر العمل في قطاعات صناعة السيارات والتعمق في أنشطة قطاع الطاقة. وبالرغم من أهمية الأبعاد الاقتصادية الحاكمة للجاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإن دعم الاستقرار السياسي والمسائل الأمنية يظل من أهم العوامل التي يتوجب توافرها لكي تتمكن دول القارة الأفريقية من اللحاق بركب الدول الباحثة عن استثمارات أجنبية مباشرة من أجل تحقيق تنمية مستدامة.