كانت نشأة المنظمات الإسلامية في أمريكا استثنائية بصورة تعكس حقيقة وجود المسلمين فيها، وطريقة تفكيرهم، وطبيعة همومهم ومشاكلهم. ويمكن القول إن هذه المنظمات لم تحقق المأمول منها؛ في أن تكون جزءاً من المجتمع الأمريكي وقادراً على التأثير فيه، وفي عملية صنع السياسة الداخلية والخارجية بما يحقق مصالحها ومصالح الجاليات التي تعبر عنها، وعلى العكس من. ذلك تورطت معظم هذه المنظمات في صراعات سياسية في دول العالم العربي وجنوب آسيا، وكأنها إنما أنشئت لخدمة جماعات معينة في تلك الدول. وهنا يُثار سؤال لماذا" حدث هذا؟، وهو السؤال الذي تحاول هذه الدراسة الإجابة عنه في المقام الأول .
وكمخرج لهذه المشكلة ترى الدراسة ضرورة توطين هذه المنظمات بمعنى أن تكون أمريكية خالصة تخدم المسلمين الأمريكيين وتحافظ على قيمهم ودينهم في السياق الاجتماعي الأمريكي، بصورة تنتج نسخة إسلامية أمريكية، وذلك عن طريق توافر شرطين أساسيين: الأول؛ وجود قيادات مسلمة أمريكية نشأت في المجتمع الأمريكي ولا علاقة لها بالارتباطات الخارجية، وليست مرتبطة بجماعات سياسية؛ لأن أكثر ما يعيق عمل المنظمات الإسلامية في أمريكا هو محاولة توظيف دورها في أمريكا لمصلحة جماعات سياسية تخوض صراعاً سياسياً في دول أخرى. والشرط الثاني؛ هو التمويل الذاتي لجميع الأنشطة والفعاليات، والتوقف عن التمويل الخارجي الذي يرتهن هذه المنظمات ومجتمعاتها لأجندات خارجية، ومن ثم يجعلها مرتهنة لقيادات تملك مفاتيح التمويل، فتتحول المنظمة إلى ملكية خاصة لمن يملك مصادر التمويل.