تحتل دراسة النظام الإقليمي الأفريقي بوصفه نظامًا فرعيًّا من النظام الدولي، أهمية بالغة في دراسة العلاقات الدولية الأفريقية، وذلك للعديد من الاعتبارات الرئيسية؛ منها محدودية توافر الأدبيات والدراسات العربية المعنية بدراسة النظام الإقليمي الأفريقي، ولاسيما من منظور بيئة التفاعلات البينية والخارجية المرتبطة به، وكون مصر دولة أفريقية بحكم التاريخ والجغرافيا، ومن ثم فهي تنتمي إلى النظام الإقليمي الأفريقي، وهو ما يجعل من الضرورة بمكان دراسة هذا النظام ومستقبله، والإسهام في إيجاد حلول أفريقية لمعالجة المسائل والقضايا المختلفة ذات الاهتمام القاري، وذلك من خلال محاولة تقديم تصور بشأن كيفية تطوير أداء النظام الإقليمي الأفريقي ووظيفته، وهو ما سيقلل حتمًا من التبعية وعدم استقلالية النظام الإقليمي الأفريقي في علاقته بالنظام الدولي والقوى الكبرى الرئيسية في إطاره.
وقد قسمت هذه الدراسة إلى ثلاثة أبواب رئيسية، بالاستناد إلى مقاربة تحليل النظم إطارًا نحليليًّا ناظمًا لدراسة النظام الإقليمي الأفريقي والتفاعلات البينية والخارجية المرتبطة به، أما الباب الأول فيتمثل في الإطار النظري وتطور نشأة النظام الإقليمي الأفريقي، بينما تطرق الباب الثاني إلى الإطار المؤسسي المرتبط بالنظام الإقليمي الأفريقي، وذلك من خلال دراسة الهياكل السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية على المستويين القاري والإقليمي الفرعي، في حين انصرف الباب الثالث للحديث عن الإطار التفاعلي للنظام الإقليمي الأفريقي، وذلك من خلال دراسة نماذج للتفاعلات الاقتصادية والعسكرية والأمنية، وكذا التطرق لأثر هذه التفاعلات المختلفة والعوامل المفسرة لها.
وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن النظام الإقليمي الأفريقي ما يزال نظامًا ناميًا، وذلك على الرغم من الجذور الفكرية والتاريخية لنشأته، ويبدو ذلك من خلال بعدين رئيسيين؛ أما الأول فيتمثل في عدم اكتمال بعض الأطر البنائية والهيكلية الكلية للنظام من جانب، وعدم فاعلية بعضها من جانب آخر، وذلك على نحو يؤثر سلبًا في قدرته على ممارسة وظائفه ومهامه، بينما يتمثل البعد الثاني في محدودية حجم التفاعلات الإقليمية البينية…
