لعله من البيّن أن المشروع السياسي الإخواني قد أُشْبعَ بحثًا، وقد بذل الباحثون والمفكرون ورجال الدين العرب (يتعاون كثير منهم مع مركز تريندز) جهدًا عظيمًا في تحليله، وفي مناقشة كتب "الخبراء" الغربيين، التي تناولته وروجت له، وأدت دورًا كبيرًا في إقناع الحكومات الغربية بمزاعم مفادها أن الإخوان أهم حاملي لواء الديمقراطية في العالم الإسلامي وأحسنهم، وأنهم الأقدر على إخراج الشعوب العربية الإسلامية من حلقات القهر والظلم والفقر والتخلف، وعلى تشكيل الأنظمة الإقليمية لتكون أكثر استقرارًا، وتنعم بالسلام، وتتفرغ للتنمية، وتكف عن إلقاء اللوم على الغرب لتبرير الفشل، وأنهم الأقدر على تحديد صيغة تجمع بين الحداثة والأصالة. ومن نافلة القول أن عددًا منهم لم يسقط هذه السقطة، بل أجاد في وصف آليات عمل الجماعات الإسلامية المختلفة ومنهجها الحركي ورؤيتها للعالم، مركزين أساسًا على التبعات السياسية والأمنية لهذه الرؤى. ولكن الربط بين الأبعاد السياسية الدينية لهذه الرؤية، وبين ماضي المجتمعات وحاضرها، وبينها وبين المدركات والثقافات الشعبية والمخيال الجمعي والذاكرة التاريخية، كل ذلك يحتاج على أحسن تقدير إلى مراجعة قد تكون جذرية…