عقب إعلان فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أجريت في الثالث من نوفمبر 2020، ضجت الأوساط السياسية الأمريكية والدولية بأحاديث حول حدود التغيير المتوقع في سياسات الولايات المتحدة الداخلية والخارجية، لا سيما أن بايدن دأب خلال حملته الانتخابية على إعلان رفضه لمواقف سلفه ترامب من بعض قضايا السياسة الخارجية، وأعلن عزمه على تغيير هذه المواقف التي رأى أنها أثرت سلباً على مصالح البلاد الوطنية.
برز الحديث في هذا الإطار عن سياسة بايدن الخارجية إزاء منطقة الشرق الأوسط بعد أن أبدى عزمه على اتخاذ مواقف مختلفه نوعاً ما عن مواقف سلفه ترامب إزاء بعض قضايا المنطقة وأزماتها، وفي مقدمتها أزمة الملف النووي الإيراني، التي ربما تشهد تغيراً في الموقف الأمريكي يتجسد في الرجوع إلى الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بعدما كان ترامب قد أعلن انسحاب بلاده منه في مايو عام 2018.
ولا شك أن هذا التغيير المتوقع في السياسة الأمريكية في عهد بايدن تجاه منطقة الشرق الأوسط، سينعكس بدرجة أو بأخرى على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لا سيما في ما يتعلق بأزمة الملف النووي الإيراني، والسلام الإقليمي، وغيرها من القضايا؛ الأمر الذي يقتضي الوقوف على حدود هذا التغيير المتوقع وتداعياته المختلفة على دول منطقة الشرق الأوسط عموماً، ودول "مجلس التعاون" خصوصاً، والنظر في ما يجب على هذه الدول أن تقوم به للتعاطي مع سياسة خارجية أمريكية ربما لن تكون جديدة بشكل كامل، لكنها بالتأكيد مختلفة عما كانت عليه في فترة ترامب.
في هذا الإطار تنقسم هذه الورقة إلى مجموعة من المحاور الرئيسية التي تسعى إلى تسليط الضوء على ملامح سياسة بايدن الخارجية إزاء منطقة الشرق الأوسط عموماً ومنطقة الخليج خصوصاً، وما قد يواجهها من تحديات في سبيل تنفيذ هذه السياسة وتحقيق أهدافها، بالإضافة إلى نظرة دول الخليج إلى هذه السياسة وما قد تفرزه من تداعيات، وما ينبغي لهذه الدول القيام به من أجل التعاطي مع هذه السياسة.