الملخص التنفيذي
تتعامل جماعة الإخوان المسلمين مع مفاهيم المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة، بنوع من الانتهازية والبرجماتية القائمة على التقية السياسية والدينية؛ بهدف الوصول إلى السلطة وإقامة الدولة الإخوانية للانطلاق نحو قيادة العالم تحت شعار «أستاذية العالم» وفق أسس وأفكار مؤسسها حسن البنا.
لا تؤمن جماعة الإخوان المسلمين بمفاهيم المشاركة السياسية وتداول السلطة، وإنما تعدها مجرد وسيلة فرضتها عليها الضرورة للوصول إلى السلطة، وخصوصا أنها تعتقد أن وصولها إلى الحكم هو بمنزلة فرض عين عليها، لكونها صاحبة الرؤية الوحيدة الصحيحة للإسلام، والتي تمثل الطائفة المؤمنة.
تستغل الجماعة تلك المفاهيم خلال مرحلة الاستضعاف، لترسيخ وجودها على الساحة، وتعزيز دورها في مواجهة النظام السياسي القائم، مـن خــلال استغلالها في تشويه الأنظمة السياسية القائمة واتهامها بالاستبداد والدكتاتورية وعدم الديمقراطية، والتضييق على الحقوق والحريات.
عندما تكون الجماعة في السلطة، فإنها تعمل على إقصاء المعارضة بشتى أشكالها وصورها، لقطع الطريق على أي تداول سلمي للسلطة، مستخدمةً في ذلك سلاح التكفير الديني عبر اتهامها بالوقوف ضد تطبيق الشريعة ومعاداة الإسلام، ما يجعل تلك القوى في مرمى نيران التكفير والتهديد.
تكشف أدبيات جماعة الإخوان المسلمين عن تصور لمفاهيم المشاركة السياسية وتداول السلطة، مغاير للتصورات المتعارف عليها في مدارس العلوم السياسية المختلفة، إذ الجماعة تنطلق من رؤية سيد قطب الذي كان يرى أنه لا يمكن أن يكون هناك نظام يحكم البلاد غير النظام الإسلامي، الذي تختفي معه كل القوانين الوضعية وتوجه فيه الضربات إلى لقوى السياسية المعارضة.
من أبرز دلائل عدم إيمان جماعة الإخوان المسلمين بمفهومي المشاركة السياسية وتداول السلطة، هو عدم تطبيقها لهما داخل هيكلها التنظيمي؛ حيث تسيطر عليه الديكتاتورية القيادية وإقصاء المعارضة، وعدم السماح بوجود أي شكل من أشكالها، بالإضافة إلى أن تولّي المناصب القيادية يكون بناءً على الولاء للقيادة، وليس بناءً على الكفاءة.
تشير تجارب جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة مع المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة، إلى أنها لم تؤمن بتلك المفاهيم قَطُّ، نظرًا لأن مرجعيتها الفكرية ترى أنها مفاهيم غربية تتنافى مع الطبيعة السياسية للإسلام وأصول الحكم فيه، وأن التعامل معها يكون من باب الضرورات التي تبيح ا المحظورات، بعدما أصبحت تلك المفاهيم جزءًا من الفكر والممارسة السياسيين اللذين قامت عليهما الدولة الحديثة.
من خلال تحليل بعض النصوص المؤسسة لجماعة الإخوان المسلمين، يتضح أن الجماعة لا تؤمن بحرية التعبير ولا بحرية التفكير والبحث العلمي؛ لأنهـا تعتقد اعتقادًا راسخًا أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وأنها الوحيدة التي تمثل
الإسلام الحقيقي، وكأنها جماعة المسلمين أو كأنها الفرقة الناجية.
يمكن التأكيد أن التحولات الظاهرة المؤقتة التي شهدتها جماعة الإخوان المسلمين بإعلانها قبول بعض قيم الديمقراطية والحداثة – مثل الانتخابات- لم يكن من صميم فكر الجماعة، ولكنه نوع من المراوغة والخداع لتحقيق أهدافها وأطماعها الخاصة بسهولة...