Insight Image
Snapshot Image

سناب شوتس

دلالات الإجراءات الفرنسية ضد تمويل الإخوان المسلمين

12 يوليو 2025

تشهدُ الجمهوريةُ الفرنسية تحولًا لافتًا في تعاطيها مع ظاهرة الإسلاموية السياسية، ممثّلةً بتنظيم الإخوان المسلمين وامتداداته المؤسسية والفردية. فبعد صدور تقريرٍ رسميّ عن “خطر جماعة الإخوان” في شهر مايو الماضي، أطلقت الحكومة الفرنسية سلسلة من الإجراءات الأمنية والمالية والإدارية، استهدفت شخصياتٍ وكياناتٍ مرتبطةً بالتنظيم، في خطوة تعكس تبدّلًا في المزاج السياسي العام تجاه المشروع الإخواني، ولاسيما في ظل تزايدِ القلق من تأثيره على قِيَم الجمهورية واستقرار المجتمع الفرنسي. ومن أبرز هذه الإجراءات تجميدُ أصول “المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية” في مقاطعة “نيفر” الفرنسية. كما طالت الحملةُ 12 كيانًا آخر، من دُورِ نشرٍ وأفراد ومؤسسات، تتَّهمها السلطاتُ بالمساهمة في التغلغل الإخواني داخل المجتمع الفرنسي.

تعكسُ هذه الإجراءاتُ وجودَ رؤيةٍ فرنسية تصحيحية، تسعى إلى الحد من الأنشطة المزعزعةِ للاستقرار التي تَنتهجُها جماعةُ الإخوان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويُعد هذا التوجُّه الاستراتيجي خطوةً مهمة نحو شلِّ البنية التحتية المالية للتنظيم، والتقليلِ من تأثيره الإعلامي السلبي، الذي يُمارَس عبر منصاته المختلفة. كما تأتي هذه التحركاتُ بالتوازي مع إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن مشروع قانون لمكافحة “التغلغل الإخواني”؛ ما يعني أن هذه الأحداث من المحتمَل أن تتطور على المدى المنظور، لنشهد انتقالَ المواجهةِ مع الجماعة إلى المجال التشريعي، عبر فرض رقابة مشددةٍ على الجمعيات والمراكز الإسلامية المرتبطة بالتنظيم.

ومن المتوقع أن تقودَ هذه التطوراتُ إلى ثلاث نتائج رئيسية: (1) تصعيدٌ أوروبي منسَّق: من المرجح أن تنتقلَ “العدوى الفرنسيةُ الإيجابية” إلى دول أوروبيةٍ أخرى، وعلى رأسها ألمانيا وبلجيكا، المعروفتان بكونهما حاضنتين تاريخيتين لنشاط الإخوان، وقد نشهد قريبًا تحالفًا سياسيًّا-أمنيًّا على مستوى الاتحاد الأوروبي. (2) ردود فعل معاكسة: فقد تلجأ الجماعاتُ المحسوبةُ على الإخوان أو المتعاطفةُ معها إلى التصعيدِ عبر المظاهراتِ أو المواجهات مع السلطات، في محاولة للضغطَين الإعلاميّ والسياسي؛ لتغيير المقارباتِ الحكومية التي تستهدفها. (3) إعادة التَّمَوضُع، فقد تسعى جماعة الإخوان إلى إعادة تموضِعها جغرافيًّا وتنظيميًّا؛ وذلك عبر نقل المحسوبين عليها إلى تركيا أو دول البلقان، مع التحوُّل إلى أسلوب العملِ السري، والاعتماد المكثف على الفضاء الرقمي؛ لنشر خطابها وتنظيم أنشطتها.