Insight Image
Snapshot Image

سناب شوتس

هدنة هشة.. ماذا بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران؟

28 يونيو 2025

جرى إعلان الاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بعد سلسلة من الضربات العسكرية المتبادلة التي استمرت لـ12 يوم. ويعود الفضل في إقرار هذا الاتفاق إلى الولايات المتحدة وقطر. لكن، يبدو أنه من الوارد أن تنهار حالة الهدنة “الهشة” التي نعيشها، خصوصًا مع الخطاب التصعيدي المتبادل.

فبينما وجدنا خطاب المرشد الإيراني علي خامنئي متشددًا، وجدنا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتقدة وبشدة لخامنئي. وفي نفس الوقت فإن التصرفات الإسرائيلية، والأوامر الحكومية، أوضحت عدم تغير مقاربة تل أبيب بشكل عملي ضد طهران. والدليل على هذا الأمر هو استهداف إسرائيل لجنوب لبنان هذا الأسبوع، وأوامر وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، للجيش بإعداد خطة تنفيذية ضد إيران. هذه الأوامر شملت إعداد خطة تنفيذية تضمن: الحفاظ على تفوق إسرائيل الجوي ومنع طهران من إحراز التقدم النووي، وإنتاج الصواريخ، والرد على إيران لدعمها الأنشطة الإرهابية المعادية لإسرائيل “حسب توصيف كاتس”.

إن هذه المستجدات مرتبطة بشكل كبير حول ضبابية إعلان وقف إطلاق النار من قبل واشنطن. الأمر الملفت أنه إلى الآن لا يوجد إعلان مكتوب، ولا فهم مشترك أو لغة شفهية موحدة لما يعنيه هذا الإعلان. إضافة إلى ذلك، فإنه لا يوجد طرف ثالث للتحقق، ولا هيئة مستقلة لتحديد منْ فعل ماذا؛ لمعرفة حال انتهاك أي من الطرفين لهذا الإعلان.

وفي ظل هذا السياق الهش، فإن مجرد شائعة قد تشعل رَدًّا انتقاميًّا من أحد الطرفين. لذلك، فإن ثمة سيناريوهات محتملة ومطروحة على الطاولة: (1) الفوضى الأولية قد تؤدي إلى مزيد من القتال قبل أن يعود الدبلوماسيون لوضع قواعد واضحة لهذا الإعلان. وهذا الأمر لن يكون جديدًا في منطقة اعتادت أن تكون فترات الهدوء فيها قصيرة وهشة. (2) عودة الطرفان إلى نوع من المواجهة غير المباشرة، وزيادة في الهجمات السيبرانية أو الضغط الخفي- ما سيؤدي بالطرفين للعودة إلى حروب الظل. (3) انخراط طهران في محادثات جادة حول برنامجها النووي، خصوصًا مع وجود بعض البوادر الإيجابية. هذه البوادر تمثلت بالتصريحات (غير المؤكدة) حول استعداد طهران لنقل جزء من اليورانيوم المخصب خارج أراضيها، وهو الأمر الذي يفهم منه الاستعداد الإيراني لاتفاق نووي قد يكون ذو طابع إقليمي. (4) السيناريو الأسوء، والذي يتمثل بالانزلاق الحاد إلى المواجهات. هذا السيناريو مرتبط بتبدل الأهداف الأمريكية، حيث من المتوقع في هذه الحالة أن تكون الضربات أقوى وأعنف، والتي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تغير الكثير من المعطيات على الأرض.

وعلى كل حال، فإن ما يجعل هذا الوقت مختلفًا ليس التوتر بين إسرائيل وإيران فقط، بل هشاشة شبكة الأمان الدبلوماسية؛ إذ لا يوجد مراقب فعلي، ولا خطوط حمراء واضحة، ولا تنسيق كافٍ وفاعلٍٍ في جهود المجتمع الدولي. كما أن السياسات الداخلية في كلا البلدين تلعب دورًا مهمًّا في هذه الظروف؛ فالقادة على الجانبين يواجهون ضغوطًا داخلية للظهور بمظهر القوة، لا بمظهر المتساهل؛ ما يُصَعّب تمرير أي تسوية، حتى وإن كانت ضرورية لتجنب الحرب.

وفي النهاية، فإن صمود هذا الهدنة غير مقرون بإيقاف الأعمال العسكرية فقط، بل يعتمد على التواصل، وضبط النفس، وما إذا كانت هناك مصلحة مشتركة فعلية في تجنب السيناريو الأسوأ. إن الهدنة إلى الآن غير مستقرة وهشة، واستمرارها ونجاحها مرتبط بنوايا طهران وتل أبيب الجادة والإيجابية. وإذا لم تكن نوايا الطرفين كذلك، فمن المرجح أن تكون هذه الهدنة مجرد استراحة قصيرة قبل بداية الفصل التالي من المواجهات.