15 أغسطس 2020

أكد الدكتور محمد عبدالله العلي مدير عام مركز تريندز للبحوث والاستشارات أن اتفاق دولة الإمارات العربية المتحدة، وإسرائيل حول مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، يمثل محاولة جادة لإنقاذ عملية السلام في الشرق الأوسط المتعثرة منذ سنوات، وإعادة الحياة إلى المفاوضات التي تجمدت خلال السنوات الماضية، خاصة مع انشغال العالم بمواجهة وباء كورونا "كوفيد-19"، وانحسار الاهتمام بمختلف القضايا الإقليمية والدولية الأخرى.

وأشار الدكتور محمد العلي إلى أن أهمية هذا الاتفاق لا تكمن فقط في كونه يعيد القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام الدولي، باعتبارها قضية العرب والمسلمين الرئيسية، وإنما أيضاً فيما ينطوي عليه من مكاسب نوعية للشعب الفلسطيني، وإنقاذ حل الدولتين، وهذا لا شك يمثل بداية جادة لإقامة سلام حقيقي ودائم في المنطقة، خاصة أن إسرائيل بمقتضى هذا الاتفاق تلتزم بتجميد خطة ضم أراضي فلسطينية جديدة إليها، وهذا لا شك يعد إنجازاً نوعي يؤكد قوة الدبلوماسية الإماراتية، وقدرتها على تحقيق الاختراق في هذه القضية المعقدة، انطلاقاً من مبادرة السلام العربية التي تستهدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، وفقاً لمرجعيات عملية السلام وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وأكد الدكتور محمد العلي أن قبول إسرائيل بالتخلي عن خطة ضم أراضي فلسطينية وانخراطها في سلام حقيقي يُعد إقراراً بقوة التأثير الذي تمارسه دولة الإمارات العربية، وما يحظى به دورها الإقليمي والدولي من تقدير كبير، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل لم تستجب خلال الأشهر الماضية للعديد من المبادرات والدعوات الصادرة عن قوى دولية وكانت تطالبها بالتوقف عن ضم أراضي الفلسطينيين، لكنها سمعت لصوت السلام الذي أطلقته دولة الإمارات العربية المتحدة، لأنها تدرك أنها طرف فاعل في صناعة السلام في المنطقة، وتحظى مبادراتها بالقبول لدى المجتمع الدولي.

وأوضح الدكتور محمد العلي أن خبرة الصراع العربي-الإسرائيلي خلال السنوات الماضية تُشير بوضوح إلى أن السلام هو الطريق الحقيقي لاسترداد الحقوق وتحقيق الأمن والاستقرار، فمصر لم تسترجع سيناء كاملة إلا بعد إبرامها معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، والأردن لم يسترد حقوقه المشروعة في المياه إلا بعد توقيعه اتفاقية السلام عام 1994، وعلى هذا يمكن القول أن اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل من شأنه أن يعزز حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

وأكد العلي أن الخطوة الإماراتية الفريدة والشجاعة أعادت الحياة مجدداً إلى عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأتاحت فرصة كبيرة ينبغي على المجتمع الدولي التحرك الفاعل لاستثمارها من أجل بناء سلام دائم وشامل.

Ahmad AlAstad news photo

وبدوره، أكد الأستاذ أحمد محمد الأستاد المستشار العلمي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات أن الإمارات تقود الجهود الرامية إلى بناء سلام حقيقي ودائم في المنطقة، سلام يرتكز على التعاون والتعايش السلمي والتسامح ويفتح آفاقاً للتنمية والأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة، لأنها تدرك أن استمرار الصراع العربي-الإسرائلي لا يمثل فقط خسارة لكافة الأطراف، وإنما أيضاً يخدم قوى التطرف والإرهاب التي تستثمر هذا الصراع في نشر أيديلوجياتها التي تحض على العنف وتنشر الكراهية هنا وهناك.

وأشار أحمد الأستاد إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة نزعت فتيل أزمة كادت تنفجر وتهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها، حينما أقنعت إسرائيل بالتخلي عن خطة الضم، لأنها لو كانت واصلت في تنفيذها، فإنها كانت تعني تدمير كافة فرص السلام، والقضاء على حل الدولتين. وأضاف المستشار العلمي لمركز تريندز أن دعم القضية الفلسطينية يعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية التي أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والتي تنظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعالم العربي، ولهذا تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة؛ وعاصمتها القدس.

وأضاف الأستاذ أحمد الأستاد أن اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائبل جاء بعد دراسة عميقة وقراءة واعية للتطورات التي تشهدها المنطقة والعالم من حولنا، أدركت من خلالها الإمارات أن اللحظة الراهنة تقتضي خطوة واقعية كهذه تتجاوز الأفكار والرؤى التقليدية التي أسهمت في تجميد عملية السلام، والتفكير بإيجابية في مستقبل المنطقة.

وشدد أحمد الأستاد على أن المنطقة الآن في حاجة أكثر من أي وقت مضى لجهود السلام الصادقة والمخلصة التي تقودها دولة الإمارات العربية المتحدة، لأن استمرار حالة "اللاسلم" التي تعيشها المنطقة تجعلها تعيش في حلقة مفرغة من الأزمات والصراعات المدمرة التي تستنزف جهود التنمية والبناء، وتجعلها رهينة لقوى التطرف والإرهاب وأصحاب الأجندات المشبوهة التي تتاجر بآلام الشعب الفلسطيني، وبقضيته العادلة، ولهذا فإن الخطوة الإماراتية تمثل الأمل في بناء سلام حقيقي ودائم قابل للحياة يحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني، ويستجيب لتطلعات شعوب المنطقة بأكملها في تحقيق الأمن والتنمية والاستقرار الشامل.

وكشف الأستاذ أحمد الأستاذ أن مركز تريندز سيطلق منتدى سنوي تحت عنوان "أمن الشرق الأوسط: تحديات الحاضر وفرص المستقبل"، وستكون نسخته الأولى في منتصف شهر أكتوبر المقبل، وستركز على عملية سلام الشرق الأوسط، ومساراتها المستقبلية في ضوء الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة، وتداعياته المختلفة على الصعد كافة، السياسية والأمنية والاقتصادية.

إسرائيل الامارات السلام الشرق الأوسط فلسطين