المقدمة:
تُعدّ قضية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام من القضايا المحورية التي استقطبت اهتمامًا عالميًّا متزايدًا على الصعيدين الأكاديمي والعملي في العقود الأخيرة (UNESCO, 2020a, p. 15; United Nations, 2023, p. 34) ، وقد جاء هذا الاهتمام مدفوعًا بتحولات فكرية نحو ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، والتعليم الشامل بصفته حقًّا أساسيًّا للجميع (Al-Jardani et al., 2022, p. 5) ، فبعد عقود من الممارسات التعليمية التي اتسمت بالعزل أدركت المجتمعات الدولية أهمية توفير بيئات تعليمية جامعة، تتيح لذوي الاحتياجات الخاصة فرصًا متكافئة للتعلم والتطور جنبًا إلى جنب مع أقرانهم من غير ذوي الاحتياجات الخاصة .(UNICEF, 2021, p. 45) هذا التحول لم يكن تغييرًا في الأطر السياسية فحسب، بل كان انعكاسًا لإدراك عميق بأن التنوع هو ثراء للمجتمعات، وأن دمج جميع الأفراد يُسهم في بناء أنظمة تعليمية أكثر استدامة .(Al-Dawas et al., 2023, p. 115)
لقد تضافرت جهود المنظمات الدولية، مثل اليونسكو والأمم المتحدة، مع حقوق الطلاب؛ للدفع باتجاه تطبيق سياسات تعليمية تضمن حق الجميع في التعليم، والتركيز على توفير الدعم اللازم للتكيُّف وتلبية الاحتياجات المتنوعة. (UNESCO, 2020b, p. 10; United Nations, 2023, p. 50)
وعلى الرغم من الإجماع الدولي على أهمية التعليم الشامل، فإن النظم التعليمية لا تزال تواجه تحديات كثيرة في تحقيق الدمج الفعال والشامل لذوي الاحتياجات الخاصة، تتطلب هذه التحديات إعادة هيكلة شاملة تتجاوز مجرد وجود الطلاب في الفصول العادية، لتشمل تعديلاتٍ على المناهج الدراسية، وتدريبًا متخصصًا للمعلمين، وتوفير بنية تحتية مدرسية ملائمة، وتطوير أساليب تقييم مرنة وشاملة (Al-Jabri & Al-Kharusi, 2020; Al-Maqbali & Al-Harthy, 2021). وتُشير العديد من الدراسات الحديثة إلى أن المدارس غالبًا ما تفتقر إلى الموارد البشرية المتخصصة، مثل معلمي التربية الخاصة والمختصين، والبنية التحتية المادية الكافية مثل الفصول المجهزة ومرافق الوصول (Al-Hazmi & Al-Ahmari, 2022; Ghabra et al, 2023)، إضافة إلى ذلك، يُعدّ تدريب المعلمين على استراتيجيات التعليم الشامل وطرائق التدريس المتمايزة تحديًا محوريًّا؛ إذ يفتقر الكثير منهم إلى المعرفة والمهارات اللازمة للتعامل بفاعلية مع التنوع الكبير في القدرات وأنماط التعلم التي يمثلها الطلاب ذوو الاحتياجات الخاصة( Al-Qarni & Al-Qahtani, 2023, p. 50) ، هذا النقص في التأهيل ينعكس سلبيًّا على جودة الدعم المقدَّم، ما يؤثر في التحصيل الأكاديمي والتكيف الاجتماعي لهؤلاء الطلاب، كما أن المواقف السلبية والتحيزات المجتمعية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة ما زالت تمثّل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الدمج الكامل، ما يستلزم جهودًا توعوية وثقافية متواصلة (UNESCO, 2020c, p. 25).
وفي ظل سعي الأنظمة التعليمية إلى التغلب على هذه التحديات، برز الذكاء الاصطناعي (AI) كقوة دافعة واعدة لإحداث تحول نوعي في المشهد التعليمي بأكمله، بما في ذلك مجال التعليم الشامل. (Holmes et al., 2023, p. 55; Zawacki-Richter et al., 2022, p. 120)
وقد شهدت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم نموًّا هائلًا في السنوات الأخيرة، مدعومةً بإمكاناته الفريدة في تخصيص عملية التعلم، وتقديم الدعم الفردي الموجه، وتحليل البيانات التعليمية الضخمة لتحسين النتائج بشكل مستمر (Salloum et al., 2023, p. 125; Xing & Tang, 2021, p. 1365) ؛ إذ تُظهر الأبحاث الحديثة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر حلولًا مبتكرة للتغلب على القيود التقليدية في التعليم، وذلك من خلال قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، وتحديد الأنماط السلوكية والتعليمية، والتكيُّف مع احتياجات المستخدمين بشكل فوري وديناميكي (Huang et al., 2024 ; Chen & Liu, 2023) .
إضافة إلى ذلك، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تسهم في تطوير أدوات تقييم تشخيصية وتكوينية مرنة، تراعي الفروقات الفردية، وتوفر تغذية راجعة فورية للمعلمين والطلاب على حد سواء، ما يعزز من فاعلية العملية التعليمية ويضمن تحقيق الطلاب لأقصى إمكاناتهم (Mohamed et al., 2023, p. 10) ، كما تُبرز الدراسات الحديثة دور الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات التعليمية (Educational Data Mining – EDM) لفهم أنماط تعلُّم الطلاب وتحديد الصعوبات مبكرًا، إضافة إلى استكشاف دور الروبوتات التعليمية والاجتماعية في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة؛ خاصة أطفال طيف التوحد، من خلال توفير بيئات تفاعلية للتعلُّم (Cao et al., 2022, p; Salem et al., 2021) .
الأدبيات السابقة والفجوة البحثية:
لم يتوقف توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي على المجالات التربوية العامة فقط؛ بل امتد إلى مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال دراسات حثيثة تسعى للكشف عن أثره في خدمة هذه الفئات؛ إذ أشارت دراسة القحطاني (۲۰۲۲) إلى إمكانية استخدام التطبيقات التربوية في مدارس الدمج، وأشارت دراسة دسوقي (۲۰۲۰) إلى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع بعض فئات ذوي الاحتياجات الخاصة مثل تطبيق Story Sign، وتطبيقlive transcribe ، وتطبيق Listen at home للصُّمّ. أمّا فيما يخص فئة المكفوفين فنجد تطبيقBe my eyes ، وبالنسبة إلى الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، فقد صُممت لهم تطبيقات ذكية تسعى لحل بعض مشكلاتهم من أجل تيسير دمجهم داخل المجتمع، منها تطبيق Miracle modus وتطبيق Avaz وتطبيق Autism 5 ، وغيرها من التطبيقات.
وكما استخدمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في دعم وتأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، تطرقت العديد من الدراسات والبحوث إلى إمكانية استخدام تلك التطبيقات في تشخيص الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة؛ إذ سعت دراسةChaddad et al., 2021) ) إلى محاولة توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تشخيص اضطراب طيف التوحد. أمّا دراسة Jonathan, et al, 2022)) فتناولت تقييم جهاز طبي قائم على الذكاء الاصطناعي لتشخيص اضطراب طيف التوحد، وأشارت نتائجها إلى فعالية الجهاز في التشخيص المبكر للاضطراب، ولم يتوقف استخدام الذكاء الاصطناعي عند التشخيص، بل شمل مساعدة المعلم في التأهيل؛ فقد أشارت دراسةVasileios& Xiao 2021) ) إلى نهج ذكاء اصطناعي لاختيار استراتيجيات اتصال المعلم الفعالة في تعليم ذوي اضطراب طيف التوحد.
تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعلمين في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة اعتمادًا على نوع الإعاقة ودرجتها، ولكن تظل تواجههم مشاكل التكيُّف في المدارس العادية. ومن أجل مراعاة الفروق الفردية وتلبية الاحتياجات التعليمية لهم، من الضروري الاهتمام بالنمو الجسدي والعقلي والتطور المحتمل لذوي الاحتياجات الخاصة في عملية التعليم؛ إذ يمكن استخدام مزيج من الذكاء الاصطناعي والشبكة العصبية لجمع وتحليل المعلومات الخاصة بحالة التعلم السابقة، وتقديم التعلم، وتخصيص خطة التعلم التكيُّفية لتناسب الوضع الشخصي للمتعلمين، ومن ثمّ تحقيق الغرض من مساعدتهم على التعلم، ومساعدة المعلمين في التعليم. وفي الوقت نفسه، يمكن إنشاء مجموعات بيانات التدريس، ما يسمح للمسؤولين أو خبراء التعليم باقتراح آراء التقييم وخطط التحسين في تحليل البيانات ومقارنتها (Han et al., 2022).
وفي السياق ذاته ترى دراسة (2023.MacDonald et al) أن عملية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة تتطلب تصميمًا تعليميًّا أدق، ما يستدعي توفير التقنيات الذكية التي تسع إلى تخصيص التعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، ما يضمن تعليمًا أشمل للفئات الخاصة. وأوصت الدراسة بتقديم نموذج تعليمي يساعد في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم.
بينما تؤكد دراسة (2023,Parachar el al) أهمية توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي؛ ومنها أدوات الرسوم المتحركة؛ لتوفير طرق فعالة لتعليم للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في العملية التعليمية، وتحسين فرصهم في الحصول على تعليم عالي الجودة، وتعزيز التضمين الاجتماعي والقبول، وتطوير مهارات جديدة لديهم، وزيادة التحفيز والمشاركة في عملية التعلّم.
وتشير دراسة (2023 Alasadi & Bair) إلى أنه يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لسد الفجوات التعليمية، وأهمية وجود نظام بيئي تعليمي يدعم المساواة من خلال التكامل الحكيم لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وأوصت الدراسة بأنه يجب على الجهات الفاعلة في التعليم النظر في كيفية دمج الذكاء الاصطناعي لتعزيز المساواة والشمولية في جميع جوانب العملية التعليمية، بما في ذلك المناهج الدراسية والتقييم والدعم الأكاديمي، وجاء فيها: يجب على الجهات الفاعلة في التعليم تطوير سياسات وممارسات تدعم استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة عادلة وشاملة، ويجب على الجهات الفاعلة في التعليم إجراء مزيد من البحث لبناء نظم دمج تساعد على تحقيق المساواة والشمولية في التعليم.
وأكدت دراسة كل من (Kazimzade, Patzer, & Pinkwart, 2019; Lopez-Gavira et al.,2019; (Dziatkovskii ,2023; Nieminen ,2022; Ramadevi et al,2023) أهمية توفير نظام للدمج التكنولوجي والمعلوماتي القائم على توظيف الذكاء الاصطناعي لدمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم.
كما أوصت العديد من المؤتمرات بأهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم؛ منها مؤتمر تقنيات الحوسبة الناشئة الذي عقد بالمملكة العربية السعودية في ١٢ فبراير ٢٠٢٠ وأوصى بإنشاء مراكز ومنصات بحثية متخصصة لدعم التحول الرقمي في المملكة، كما أوصى المؤتمر الدولي للتطورات في تقنيات الحوسبة الناشئة، الذي نظمته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالتعاون مع منظمة (IEEE)، وشدد على أهمية توظيف تطبيقات الأنظمة الذكية وتعلم الآلة لخدمة علوم الشريعة واللغة العربية بشكل رقمي، ورفع جودة التعليم ومخرجاته من خلال الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية؛ لمعرفة مواطن القوة والضعف، ومراقبة الجودة في عملية التعليم والتعلم ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة.
وكذلك مؤتمر: التعليم في مواجهة الأزمات الفرص والتحديات، الذي نظمته وزارة التعليم السعودية في الفترة من 8-11 مايو ۲۰۲۲. وشارك في المؤتمر وزراء وخبراء في مجال التعليم، وأكثر من ٢٦٢ جهة عالمية ومحلية، إضافة إلى جهات تعليمية من ٢٣ دولة حول العالم. وأكد استثمار التقنيات الرقمية لتعزيز تعليم وتعلم ذوي الإعاقة، والمؤتمر العلمي الدولي الأول لسهولة الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي عقد في الفترة من ٢٢ إلى ٢٤ مايو ٢٠٢٢، تحت رعاية وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية وجامعة القاهرة، وأوصى بوضع المعايير والمواصفات الدولية لسهولة الوصول، وتطبيقها في جميع المجالات، ووضع نظام لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم.
أمّا المؤتمر الدولي الأول لخدمة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ومتحدي الإعاقة تحت عنوان: نحو رؤية مستقبلية لتحدي الإعاقة، الذي عقد في الفترة من ٢١ إلى ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٢ تحت رعاية المجلس القومي للمرأة، فقد أوصى بدعم الدمج المجتمعي لذوي الاحتياجات الخاصة، بعد وضع نظام لدمجهم في التعليم.
لقد تناولت الدراسات البحثية السابقة موضوع دمج ذوي الاحتياجات الخاصة من زوايا متعددة. فقد ركزت مرحلة أولى من هذه الدراسات على تحديد التحديات والعقبات التي تواجه هذا الدمج (Al-Hazmi & Al-Ahmari, 2022; Ghabra et al., 2023)، وأشارت إلى نقص الموارد، وعدم كفاية تدريب المعلمين، ومحدودية مرونة المناهج، ووجود مواقف سلبية. لقد قدمت هذه الدراسات صورة واضحة للتحديات القائمة، ما مهد الطريق للبحث عن حلول مبتكرة.
في المقابل، بدأت دراسات حديثة في استكشاف الإمكانات التكنولوجية في دعم التعليم الشامل، مع تركيز متزايد على الذكاء الاصطناعي تحديدًا (Holmes et al., 2023, p. 60). فقد بينت هذه الدراسات أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر حلولًا مبتكرة لتقديم محتوى تعليمي متخصص، وتقييم الأداء بشكل مستمر، وتوفير دعم فردي يعزز من فرص نجاح الطلاب (Chen & Liu, 2023, p. 5595; Salloum et al., 2023, p. 130) .
وبرغم هذا التراكم المعرفي والتطور في الأدبيات البحثية، فإن هناك فجوة بحثية واضحة تتمثل في غياب نموذج تعليمي شامل وموحد يوضح كيفية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي على نحو منهجي فعال لتعزيز الدمج التعليمي لذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام. (Huang et al., 2024, p. 165) ، إذ تركز الدراسات على تطبيقات فردية للذكاء الاصطناعي أو على فئات معينة من الاحتياجات الخاصة، وتفتقر إلى رؤية متكاملة للنموذج الذي يمكن أن يدعم الدمج بشكل شامل ومستدام، كما أن الكثير من هذه الأبحاث تُجرى في سياقات غربية، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى قابلية تطبيق نتائجها في السياقات التعليمية العربية، التي تتميز بتحدياتها وظروفها الثقافية والاجتماعية والتعليمية الخاصة.
(Al-Maqbali & Al-Harthy, 2021, p. 205; Al-Qarni & Al-Qahtani, 2023, p. 55)
إن هذه الفجوة تبرز الحاجة الماسة إلى دراسة استشرافية تتجاوز مجرد تحديد الإمكانات، وتتجه نحو بناء إطار عمل نظري وتطبيقي قابل للتطبيق يدمج بين الجوانب التربوية والنفسية والتكنولوجية، مع الوضع في الحسبان خصوصية البيئة التعليمية العربية.
مشكلة البحث:
تنبع مشكلة البحث من التحديات المستمرة التي تواجهها الأنظمة التعليمية في تحقيق الدمج الفعال والشامل لذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام، على الرغم من الجهود الدولية والمحلية المبذولة في هذا الشأن، إذ يفتقر المشهد التعليمي الحالي إلى نموذج تعليمي متكامل ومُبتكر، قائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، قادر على تلبية الاحتياجات التعليمية المتنوعة والفروقات الفردية لذوي الاحتياجات الخاصة بكفاءة وفاعلية في الفصول الدراسية العادية. هذا الغياب يؤدي إلى استمرار تحديات مثل نقص الدعم الفردي، وعدم كفاية تكييف المناهج، وصعوبة قياس التقدم بشكل دقيق، ما يعوق تحقيق الأهداف المنشودة للتعليم الشامل، ويحد من فرص هذه الفئة في الحصول على تعليم عالي الجودة يتناسب مع إمكاناتهم.
بناءً عليه، يمكن صوغ مشكلة البحث الرئيسية في التساؤل التالي:
ما هو النموذج التعليمي المقترح القائم على الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يسهم في تعزيز دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام في السياقات التعليمية العربية؟
ويتفرع من هذا التساؤل تساؤلات فرعية عدة:
- ما هي المكونات الأساسية للنموذج التعليمي المقترح القائم على الذكاء الاصطناعي لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة؟
- ما هي أبرز آليات تطبيق هذا النموذج في البيئات التعليمية العربية؟
- ما هي التحديات المتوقعة والفرص المحتملة لتطبيق نموذج تعليمي قائم على الذكاء الاصطناعي لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام في المنطقة العربية؟
- كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز من تخصيص التعليم وتقديم الدعم الفردي لذوي الاحتياجات الخاصة ضمن هذا النموذج؟
أهداف البحث
يهدف هذا البحث إلى تحقيق الأهداف الرئيسية الآتية:
- تحديد وتوصيف المكونات الرئيسية لنموذج تعليمي مقترح قائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، يستهدف تعزيز دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام.
- استشراف آليات وإجراءات تطبيق النموذج المقترح في السياقات التعليمية العربية، مع وضع الخصوصيات الثقافية والتعليمية في الحسبان.
- تحليل التحديات المتوقعة والفرص المحتملة لتطبيق النموذج المقترح في البيئات التعليمية العربية.
- تقديم رؤية استشرافية لكيفية إسهام الذكاء الاصطناعي في بناء بيئات تعليمية أشمل وأكثر إنصافًا وفاعلية لذوي الاحتياجات الخاصة على المدى الطويل.
أهمية البحث
يكتسب هذا البحث أهمية بالغة من جوانب عدة:
- الأهمية النظرية:
- سدّ الفجوة البحثية: يسهم هذا البحث في سد الفجوة البحثية القائمة في الأدبيات المتعلقة بالتعليم الشامل والذكاء الاصطناعي، من خلال محاولة بناء نموذج تعليمي متكامل، بدلًا من التركيز على تطبيقات جزئية.
- تطوير الإطار المفاهيمي: يسهم في تطوير الإطار المفاهيمي للتعليم الشامل القائم على الذكاء الاصطناعي، ما يوفر أساسًا نظريًّا للبحوث المستقبلية في هذا المجال.
- إثراء الأدبيات العربية: يقدم إسهامًا نوعيًّا للأدبيات العربية في مجال دمج ذوي الاحتياجات الخاصة والذكاء الاصطناعي، إذ إن معظم الدراسات المماثلة أجريت في سياقات أجنبية.
- الأهمية التطبيقية:
- توفير خارطة طريق: يقدم هذا البحث خارطة طريق عملية لصناع القرار في وزارات التربية والتعليم، ومديري المدارس، والمعلمين، لتطوير وتطبيق نماذج تعليمية مبتكرة تدعم دمج ذوي الاحتياجات الخاصة.
- تعزيز ممارسات الدمج: يمكن أن يسهم النموذج المقترح في تحسين ممارسات الدمج التعليمي من خلال توفير أدوات وحلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح التخصيص التعليمي، والدعم الفردي، والتقييم المستمر لاحتياجات الطلاب.
- تحسين جودة التعليم: يهدف إلى تحسين جودة التعليم المقدم لذوي الاحتياجات الخاصة، وزيادة فرصهم في التحصيل الأكاديمي والاندماج الاجتماعي، ما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمع كله.
- تمكين المعلمين: يساعد المعلمين على التعامل بفاعلية أكبر مع التنوع في الفصول الدراسية من خلال توفير أدوات ذكية لدعمهم في تصميم الأنشطة التعليمية المتمايزة وتحديد احتياجات الطلاب.
المحور الأول: تطبيقات الذكاء الاصطناعي لذوي القدرات الخاصة:
يعد الذكاء الاصطناعي من المصطلحات الحديثة نسبيًّا، وتتنبه الدول والقطاعات إلى أهميته، وتسعى الدراسات والبحوث في القطاع التعليمي إلى البحث فيه، بهدف توظيفه وتطبيقه، للاستفادة مما يحمل من مميزات في غاية الأهمية والجودة والدقة والسرعة وغيرها، ما قد يسهل الحياة اليومية والعملية التعليمية لجميع أفراد المجتمع، أصحاء وذوي احتياجات خاصة (القحطاني، ۲۰۲۲).
ويشير بدوي (۲۰۲۲) إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي أظهرت دورًا فعالًا بميدان التعليم والتدريب، كما يوجد اتجاه عالمي نحو الاعتماد على هذه التطبيقات بشكل كبير في معظم المجالات التعليمية، وذلك لما تتسم به من سهولة في التعامل، وقلة التكلفة، والقدرة على تخزين كم هائل من المعلومات؛ إذ تعتمد هذه التطبيقات على التعلم الآلي أو التعلم العميق.
ويختلف الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة عن الأشخاص العاديين بسبب الاختلافات في الأعراض الجسدية، أو الجنس، أو الاحتياجات التعليمية الخاصة، أو التزامن مع حالات أخرى، كما يلزم إجراء تقييم لتحديد مستوى إعاقة المتعلم وتصنيفه وتوزيعه على الفصول الدراسية، ويعتمد نظام التدريس الذكي الذي جرى تطويره بناء على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على الخوارزميات والبيانات، وتطبيق تكنولوجيا الذكاء الحسابي، وتحليل التعلم، واستخراج البيانات وغيرها من التكنولوجيات، التي يمكنها فهم عملية التعلم الديناميكية للمتعلمين، واستخدامها أساسًا لفهم مستوى التعلم وحالة المتعلم، واختيار المحتوى التعليمي المناسب لهم، وتنظيم تقدم التعلم، وفي عملية التدريس يمكن أن تولد تلقائيًّا الأسئلة المناسبة وفقًا لأهداف التعلم، ومن خلال الحكم على إذا ما كانت الإجابات صحيحة، يمكن تعديل محتوى التعلم وتقديمه للمتعلمين ديناميكيًّا، ما يساعد على إتقان المعرفة، وتعزيز الوعي الذاتي لدى المتعلمين ذوي الاحتياجات الخاصة وزيادة دافعيتهم للتعلم (Drigas & Ioannidou, 2013).
وفيما يأتي توضيح لبعض استخدامات الذكاء الاصطناعي لغرض تسهيل حياة الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة:
- تطبيقات الذكاء الاصطناعي لدى الأفراد ذوي الإعاقة البصرية: طُوّرت تقنيات عدة قابلة للارتداء، وتطبيقات الهاتف النقال القائمة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وقُدّمت إلى المستخدمين. ويمكن اعتبار بعض مزايا استخدام هذه المنتجات للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية مثل التعرف على الأشخاص من حولهم، والتواصل معهم، والتعرف على الأموال والأشياء، ما يسمح لهم بالتسوق بشكل مستقل، وكذلك قراءة النص المعروض لهم، ومن ثمّ، زيادة تفاعلهم مع العالم (Mao et al., 2020; Najafzade, 2020).
- تطبيقات الذكاء الاصطناعي لدى الأفراد ضعاف السمع: توفر أجهزة السمع الذكية القائمة على الذكاء الاصطناعي مثل Widex’s Evoc، أداة مساعدة للسمع لاسلكيًّا، إذ يتصل جهاز السمع بالتطبيق الذي يعمل على الهاتف الذكي. وبمساعدة المعينات السمعية الذكية، يمكن للبالغين والأطفال الذين يعانون ضعف السمع أن يعيشوا حياة أكثر راحة مع والديهم والموظفين في العمل والمتعلمين في الفصل الدراسي وغيرهم. ومن ثم، بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، يمكنهم المشاركة بشكل كامل في أنشطة الفصل الدراسي والانخراط في التفاعل الاجتماعي (WS Audiology, 2022 Widex, 2023).
- تطبيقات الذكاء الاصطناعي لدى الأفراد الذين يعانون اضطرابات اللغة والنطق: تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال بعض الأدوات الحسابية في تشخيص حالة الأشخاص الذين يعانون اضطرابات اللغة، على الرغم من صعوبة التعرف على اضطراب النطق واللغة لأن له علامات وأعراضًا مشابهة لأعراض أمراض أخرى. ولكن بمساعدة هذه الأدوات الحسابية، يمكن التمييز بين اضطرابات النطق واللغة وأنواع الإعاقات الأخرى مثل التوحد. كذلك، صُممت بعض النظم الخبيرة لمساعدة الأشخاص الضعاف السمع من خلال التوصية ببعض الإجراءات العلاجية؛ مثل عدد الجلسات التدريبية ومدتها ومحتواها لكل فرد، وإنشاء مجموعة تمارين مثالية بناء على البيانات المتاحة ودرجات الاختبار والمعايير الاجتماعية والمعرفية والعاطفية (Murero, Vita, Mennitto & D’Ancona, 2020).
- تطبيقات الذكاء الاصطناعي لدى الأفراد ذوي صعوبات التعلم: طُوّرت نماذج لشبكات عصبية اصطناعية يمكنها اكتشاف صعوبات تعلم القراءة والكتابة والرياضيات من خلال اختبارات قائمة على المناهج الدراسية يجريها معلمون متخصصون. كذلك، طُوّرت نظم تقييم للمتعلمين ومن ثم تحسينها باستخدام البرمجة الجينية. تعتمد هذه النظم على الشبكات العصبية المبرمجة وراثيًّا (GPNN)، وهي مصممة لتقييم إجابات المستخدمين على الأسئلة في بيئة التعلم الإلكتروني وتقييم مجالات التعلم الآتية: القراءة، الكتابة، التهجئة، القواعد (الجملة والتعرف على الحروف)، والترتيب الأبجدي (Şen & Akbay, 2023).
- تطبيقات الذكاء الاصطناعي لدى الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد: صُمّمت روبوتات ذكية تُسجّل الإشارات الصادرة من الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد، وترجمة تلك الإشارات إلى معلومات يمكن أن يقيّمها طبيب نفساني أو طبيب أعصاب. ويراقب الروبوت الطفل، وعندما يبدأ الطفل في فقدان الاهتمام، فإنه يتحرك ويصدر أصواتًا لجذب انتباه الطفل مرة أخرى، كما أنه يحتوي على كاميرا يمكنها تسجيل عدد نقاط الاتصال البصري وقياس تقدم الطفل كميًّا، وتسجيل كل كلمة للطفل المصاب باضطراب طيف التوحد ومراقبة نموه. كما طُوّر روبوت اجتماعي آخر يشبه الإنسان، مصمم للمساعدة في تعليم المهارات الاجتماعية للأطفال الذين يعانون اضطراب طيف التوحد، يمكن أن يساعد في التحدث مباشرة وتسهيل التعليمات من دون الحاجة إلى شرح الإشارات الاجتماعية، ما يساعد الأطفال الذين يعانون اضطراب طيف التوحد على التركيز على المهارات التي تُدرّس بدلًا من شرح الإشارات الاجتماعية. وفي المستقبل، من المتوقع أن تؤدي هذه الروبوتات الذكية دور زميل اللعب والمعالج في الوقت نفسه. ويمكن أيضًا استخدام الأجهزة القابلة للارتداء للتنبؤ بالأمراض، وتقديم النصائح حول كيفية الحفاظ على الصحة، وحتى مساعدة الأشخاص على التغلب على تحدياتهم الاجتماعية المتزايدة. جُهّز Google Glass بتقنية الذكاء الاصطناعي لإنشاء جهاز يسمى Autism Glass، الذي يسمح للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد بفهم تعبيرات وجوه الآخرين. صُمّمت هذه الأداة لتقليل مستوى القلق الذي يعانيه الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد في أثناء التفاعل الاجتماعي، وحال ارتداء الفرد نظارة التوحد يستطيع برنامج الذكاء الاصطناعي قراءة تعابير وجه الشخص الذي أمامه، ويحتوي كل زوج من هذه النظارات الذكية على شاشة عرض علوية يمكن أن تعكس المشاعر المناسبة للوجه البشري (Costa et al., 2018).
المحور الثاني: النموذج التعليمي المقترح القائم على الذكاء الاصطناعي لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام
يهدف هذا النموذج إلى تقديم إطار عمل شامل ومستدام يدعم دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في البيئات التعليمية العامة بفاعلية، مستفيدًا من الإمكانات التحويلية لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
أولًا: مبررات النموذج
تستند الحاجة إلى تطوير هذا النموذج المقترح إلى مبررات أساسية عدة، تتجلى في التحديات القائمة والفرص الواعدة:
- تحديات الدمج التقليدي: تواجه الأنظمة التعليمية تحديات كبيرة في تحقيق الدمج الشامل، بما في ذلك نقص الموارد البشرية المتخصصة، وعدم كفاية تدريب المعلمين على استراتيجيات التعليم المتمايز، ومحدودية مرونة المناهج والبنى التحتية. هذه التحديات تؤثر سلبيًّا على جودة التعليم المقدَّم إلى ذوي الاحتياجات الخاصة.
- الحاجة إلى التخصيص الفردي: يمتلك ذوو الاحتياجات الخاصة فروقًا فردية واسعة في أنماط التعلم والقدرات والاحتياجات. تتطلب عملية الدمج الفعال توفير تعليم مخصص يلبي هذه الفروق، وهو ما يصعب تحقيقه بالأساليب التقليدية في الفصول ذات الأعداد الكبيرة. والذكاء الاصطناعي يقدم حلولًا متقدمة لتحقيق هذا التخصيص.
- الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي: يوفر الذكاء الاصطناعي قدرات غير مسبوقة في تحليل البيانات، وتكييف المحتوى، وتقديم الدعم الفوري، ما يجعله أداة مثالية لمعالجة تحديات التعليم الشامل. تطبيقات مثل نظم التعلم التكيفي، والروبوتات التعليمية، وأدوات تحليل البيانات يمكن أن تعزز من إمكانية الوصول والمشاركة والنجاح الأكاديمي والاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة.
- الفجوة البحثية والتطبيقية في السياقات العربية: على الرغم من الاهتمام العالمي، لا يزال هناك نقص في النماذج الشاملة التي تدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الشامل ضمن السياقات التعليمية العربية، مع مراعاة خصوصياتها الثقافية والاجتماعية. هذا النموذج يسعى لسد هذه الفجوة وتقديم إطار عمل قابل للتطبيق محليًّا.
- تعزيز العدالة والإنصاف: يمثل النموذج خطوة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالتعليم الجيد والشامل للجميع، ويؤكد حق كل طفل في الحصول على تعليم عالي الجودة يتناسب مع احتياجاته وقدراته.
ثانيًا: مكونات النموذج
يتألف النموذج التعليمي المقترح من مكونات رئيسية عدة تتكامل فيما بينها لضمان تجربة تعليمية شاملة وفعالة:
أ. النظام المركزي لإدارة وتخصيص التعلم القائم على الذكاء الاصطناعي (AI-Powered Central Learning Management & Personalization System – AI-LMP)
هذا هو قلب النموذج، حيث يعمل كمركز عصبي يجمع ويحلل البيانات، ويخصص مسارات التعلم، ويدعم كلًا من الطلاب والمعلمين.
- وحدة جمع وتحليل البيانات: تجمع هذه الوحدة أنواعًا مختلفة من البيانات بشكل مستمر ومتكامل. تشمل هذه البيانات:
- البيانات الأكاديمية: مثل درجات الاختبارات، ونتائج الواجبات، ومعدلات التقدم في المناهج، والأخطاء الشائعة، وأنماط التفاعل مع المحتوى التعليمي.
- البيانات السلوكية والاجتماعية: تتضمن ملاحظات المعلمين حول التفاعل الصفي، والمشاركة في الأنشطة، والتحديات السلوكية، وأنماط التواصل مع الأقران. يمكن جمع بعضها من خلال أدوات رصد السلوكيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي (مع مراعاة الخصوصية).
- البيانات النفسية والصحية: معلومات حول التشخيصات المتعلقة بالاحتياجات الخاصة، والأدوية، والتحديات الحسية أو الحركية، وأنماط التركيز والانتباه.
- بيانات التفاعل مع الأنظمة الذكية: كيفية استخدام الطالب لأدوات الذكاء الاصطناعي، الوقت المستغرق في الأنشطة، الاستجابات للمهام التكيفية.
تستخدم هذه الوحدة خوارزميات التعلم الآلي المتقدمة: مثل الشبكات العصبية، والتعلم العميق، والانحدار اللوجستي؛ لتحليل هذه الكميات الهائلة من البيانات. الهدف هو تحديد أنماط التعلم الفريدة لكل طالب، ونقاط القوة والضعف لديه، وتوقُّع التحديات المحتملة، وتوفير فهم شامل لاحتياجاته الفردية.
- وحدة تصميم المسارات التعليمية التكيفية: بناءً على التحليل العميق للبيانات من الوحدة السابقة، تُنشئ هذه الوحدة وتكيّف مسارات تعليمية مخصصة لكل طالب في الوقت الفعلي. تتضمن هذه المسارات:
- محتوى تعليميًّا متنوعًا ومعدَّلًا: تقديم المواد التعليمية (نصوص، فيديوهات، رسوم بيانية، محاكاة) بصيغ مختلفة تناسب أنماط التعلم المختلفة (بصري، سمعي، حركي) ومستويات الصعوبة المتناسبة مع قدرات الطالب.
- أنشطة تدريسية متمايزة: اقتراح مهام وتمارين تتناسب مع مستوى الطالب واهتماماته، وتوفر تحديًا مناسبًا دون أن تكون صعبة للغاية أو سهلة جدًّا.
- موارد إضافية موجهة: توصية بمصادر تعلم إثرائية أو علاجية، مقاطع فيديو تعليمية، ألعاب تفاعلية، أو أدوات مساعدة إضافية بناءً على حاجة الطالب.
- تحديد وتكييف وتيرة التعلم: يسمح للطالب بالتقدم في المنهج بوتيرته الخاصة، مع تقديم الدعم الإضافي عند الحاجة أو تحديات أكبر عند الاستعداد.
- وحدة التقييم التشخيصي والتكويني الذكي: تعمل هذه الوحدة على توفير تقييم مستمر وديناميكي لتقدم الطالب، يتجاوز التقييم التقليدي.
- تقييمات تكيُّفية: تتغير صعوبة الأسئلة بناءً على أداء الطالب، ما يوفر تقييمًا أدق لمستواه الحقيقي.
- تغذية راجعة فورية وموجهة: تقديم ملاحظات تفصيلية وفورية للطلاب حول أدائهم، مع توجيههم إلى الموارد المناسبة لتصحيح الأخطاء أو تعزيز الفهم.
- تحديد الفجوات المعرفية والمهارية: تحدّد الوحدة المجالات التي يعاني فيها الطالب صعوبات بشكل دقيق، وتقترح تدخلات تعليمية علاجية للمعلم أو النظام.
- تتبع التقدم: رصد تقدم الطالب عبر الزمن في مختلف المهارات والمفاهيم، وتقديم تقارير مفصلة للمعلمين وأولياء الأمور.
- وحدة دعم المعلمين: تهدف هذه الوحدة إلى تمكين المعلم من خلال توفير أدوات وتحليلات ذكية تدعم قراراته التربوية.
- رؤى تحليلية لأداء الطلاب: لوحات تحكم (Dashboards) تعرض ملخصات شاملة لتقدم الطلاب الفردي والجماعي، وتحديد الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم إضافي أو تَحَدٍّ أكبر.
- توصيات لاستراتيجيات التدريس: اقتراح أساليب تدريس فعالة لأنواع مختلفة من الطلاب، أو لأنشطة محددة، أو لكيفية التعامل مع تحديات سلوكية معينة.
- مقترحات لتكييف المناهج: توفير أدوات لمساعدة المعلم على تعديل المناهج والمواد التعليمية لتناسب الاحتياجات المتنوعة داخل الفصل.
- موارد تدريبية مستهدفة: توصية بموارد تدريبية ودورات تطوير مهني للمعلمين بناءً على احتياجاتهم في التعامل مع التعليم الشامل وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ب. أدوات وموارد الذكاء الاصطناعي المساعدة
هذه المكونات هي التطبيقات المباشرة للذكاء الاصطناعي التي يتفاعل معها الطلاب والمعلمون بشكل يومي.
- مساعدو التعلم الافتراضيون: (AI Tutors/Chatbots) برامج ذكاء اصطناعي تفاعلية تقدم دعمًا تعليميًّا مخصّصًا للطلاب في أوقات الحاجة. يمكنها:
- الإجابة عن أسئلة الطلاب بلغة طبيعية وواضحة.
- تقديم شروحات إضافية للمفاهيم الصعبة.
- المساعدة في حل المسائل والتمارين خطوة بخطوة.
- توفير بيئة آمنة للطلاب لطرح الأسئلة من دون خوف من الحكم أو الإحراج.
- التكيف مع أسلوب تعلم الطالب ومستوى فهمه.
- الروبوتات التعليمية والاجتماعية: أجهزة روبوتية مصممة خصيصًا للتفاعل مع الطلاب وتقديم الدعم. تبرز أهميتها بشكل خاص في:
- أطفال طيف التوحد: مساعدة الأطفال على تعلم المهارات الاجتماعية (مثل التعرف على تعابير الوجه، فهم الإشارات الاجتماعية) بطريقة متكررة ومنظمة وغير مهددة.
- المهارات الأكاديمية الأساسية: تقديم تمارين تفاعلية ومحفزة لتعلم القراءة والكتابة والحساب.
- التحفيز والتحفيز: استخدام الألعاب والتحديات التفاعلية لزيادة دافعية الطلاب للمشاركة في عملية التعلم.
- تطبيقات التعرف على الكلام والصور والنص: تهدف هذه التطبيقات إلى تعزيز إمكانية الوصول والتواصل.
- التعرف على الكلام: (Speech Recognition) تحويل الكلام المنطوق إلى نص مكتوب (مفيد للطلاب ذوي الإعاقة السمعية) أو التحكم في الأجهزة عن طريق الصوت (للطلاب ذوي الإعاقة الحركية).
- تحويل النص إلى كلام: (Text-to-Speech) قراءة النصوص المكتوبة بصوت عالٍ (للطلاب ذوي الإعاقة البصرية أو صعوبات القراءة).
- التعرف البصري على الأحرف (OCR) ووصف الصور: تحويل النصوص المطبوعة إلى نصوص رقمية قابلة للقراءة آليًّا، ووصف محتوى الصور للطلاب ذوي الإعاقة البصرية.
- الترجمة الفورية: للمساعدة في التواصل مع الطلاب من خلفيات لغوية متنوعة.
- تحليل المشاعر: (Emotion Recognition) استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل تعابير الوجه أو نبرة الصوت (بإذن ومراعاة للخصوصية) لمساعدة المعلمين على فهم الحالة العاطفية للطلاب والاستجابة لاحتياجاتهم النفسية؛ خاصة للطلاب الذين يجدون صعوبة في التعبير.
- المحتوى التعليمي الذكي والمتكيف: مواد تعليمية رقمية مصممة لتعديل نفسها تلقائيًّا بناءً على تفاعل الطالب واحتياجاته.
- تكييف الصعوبة: تعديل مستوى صعوبة المحتوى (مثل تبسيط الجمل، أو تقديم شرح إضافي) بناءً على أداء الطالب.
- تعديل التنسيق: تغيير حجم الخط، ألوان الخلفية، تباين الألوان، أو إضافة صور توضيحية لتناسب احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة البصرية أو صعوبات التركيز.
- توفير وسائل متعددة: تقديم المفهوم نفسه عبر نصوص، وصور، وفيديوهات، ومحاكاة ليتناسب مع أنماط التعلم المختلفة.
ج. تدريب وتأهيل الكوادر البشرية
الاستثمار في العنصر البشري هو مفتاح نجاح أي نموذج تعليمي يعتمد على التكنولوجيا.
- تدريب المعلمين: برامج تدريبية مستمرة ومكثفة تركز على:
- فهم فلسفة التعليم الشامل: ترسيخ المبادئ الأساسية للدمج وأهمية التنوع.
- استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي: تدريب عملي على كيفية استخدام المنصات والأدوات الذكية المتاحة، وكيفية دمجها في العملية التعليمية اليومية.
- تفسير البيانات التحليلية: تعليم المعلمين كيفية فهم التقارير والتحليلات التي توفرها أنظمة الذكاء الاصطناعي واستخدامها في اتخاذ قرارات تعليمية مستنيرة.
- تصميم التدخلات الفعالة: تطوير مهاراتهم في تصميم وتنفيذ استراتيجيات تدريس متمايزة تعتمد على رؤى الذكاء الاصطناعي.
- تدريب الأخصائيين: تأهيل معلمي التربية الخاصة، والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين على:
- استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي كأدوات مساعدة في التشخيص والتقييم.
- تصميم برامج التدخل الفردية بالتعاون مع أنظمة الذكاء الاصطناعي.
- تقديم الدعم المتخصص للطلاب باستخدام الروبوتات التعليمية والأدوات المساعدة.
- توعية أولياء الأمور: برامج توعية تهدف إلى:
- شرح فوائد الذكاء الاصطناعي في تعليم أبنائهم.
- تدريبهم على كيفية الاستفادة من الأدوات المنزلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لدعم التعلم في المنزل.
- تشجيعهم على المشاركة الفعالة في العملية التعليمية لأبنائهم.
د. البنية التحتية التكنولوجية والبيئة التعليمية
توفير البيئة المناسبة هو شرط أساسي لتمكين عمل التقنيات والكوادر.
- اتصال بالإنترنت عالي السرعة وموثوق به: ضروري لدعم عمل الأنظمة والمنصات السحابية، وتحميل المحتوى، والتفاعل الفوري.
- أجهزة حاسوب لوحية/ذكية لكل طالب ومعلم: توفير أجهزة فردية أو بنسبة كافية تتيح الوصول المستمر إلى الأدوات والمنصات التعليمية.
- خوادم آمنة وقاعدة بيانات مركزية: لحفظ بيانات الطلاب بشكل آمن ومعالجتها بكفاءة، مع الالتزام بمعايير حماية البيانات.
- قاعات دراسية مرنة ومجهزة: تصميم الفصول الدراسية لتكون مهيأة لاستقبال الأجهزة والتقنيات (نقاط شحن، شاشات تفاعلية). يجب أن تكون مرنة بما يسمح بإعادة ترتيب الأثاث لتناسب أنماط التعلم المختلفة والاحتياجات الحركية للطلاب ذوي الإعاقات الجسدية.
- مرافق وصول شاملة: توفير منحدرات للكراسي المتحركة، ومصاعد، ودورات مياه مهيأة، وإشارات بصرية وسمعية للمكفوفين والصم.
ثالثًا: متطلبات تطبيق النموذج
يتطلب تطبيق هذا النموذج بنجاح توفر متطلبات أساسية عدة على مستويات مختلفة:
- الدعم التشريعي والسياساتي: يجب سن وتعديل القوانين واللوائح التعليمية لتشمل استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم الشامل، وتخصيص الميزانيات اللازمة، ووضع أطر عمل واضحة للمساءلة والخصوصية، وحماية بيانات الطلاب.
- التمويل الكافي: تخصيص ميزانيات كافية وطويلة الأجل لتطوير وشراء وتحديث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتدريب الكوادر، وتجهيز البنية التحتية، وصيانة الأنظمة.
- البنية التحتية التكنولوجية المتقدمة: توفير شبكات إنترنت قوية وواسعة الانتشار، وأجهزة حاسوب حديثة ومتوافقة، وخوادم آمنة وموثوق بها، ومنصات سحابية قادرة على استيعاب كميات هائلة من البيانات.
- الكوادر البشرية المؤهلة: توفير وتدريب كفاءات متخصصة في مجالات التربية الخاصة وتكنولوجيا التعليم والذكاء الاصطناعي (مبرمجون، محللو بيانات تعليمية، مطورو محتوى تعليمي ذكي، أخصائيون في تقنيات الدمج).
- تطوير المحتوى التعليمي الرقمي: ضرورة تطوير محتوى تعليمي رقمي غني ومتنوع وقابل للتكيف مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتوافق مع معايير الوصول العالمية (مثل معايير WCAG).
- ثقافة مؤسسية داعمة للتغيير والابتكار: تهيئة البيئة المدرسية والمجتمع التعليمي لقبول وتبني استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة أساسية للتعليم الشامل، وتغيير المواقف السلبية تجاه التكنولوجيا والدمج. يتطلب هذا قيادة تربوية واعية ومستنيرة.
- الشراكة المجتمعية الفعالة: إشراك أولياء الأمور، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية في دعم وتطوير وتنفيذ النموذج، والاستفادة من خبراتهم ومواردهم.
رابعًا: آليات تطبيق النموذج
لضمان تطبيق فعال للنموذج، يمكن اتباع الآليات التالية:
- المرحلة التجريبية: (Pilot Phase) البدء بتطبيق النموذج في عدد محدود من المدارس المختارة بعناية، التي تتوافر فيها بعض المقومات الأساسية (مثل بنية تحتية مقبولة، ومعلمين متحمسين، ودعم إداري). تهدف هذه المرحلة إلى اختبار فعالية النموذج، وتحديد التحديات العملية، وجمع التغذية الراجعة.
- التوسع التدريجي: (Phased Rollout) بعد تقييم نتائج المرحلة التجريبية وتحليلها، وتعديل النموذج بناءً على الدروس المستفادة، يجري التوسع في التطبيق ليشمل عددًا أكبر من المدارس والمناطق على مراحل، مع توفير الدعم اللازم لكل مرحلة.
- التطوير المستمر والتقييم: (Continuous Development & Evaluation) يجب أن يكون النموذج مرنًا وقابلًا للتطوير المستمر بناءً على التغذية الراجعة من الميدان، والتقدم السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والنتائج المستجدة من البحوث التربوية والنفسية. يجري ذلك من خلال إنشاء فرق عمل متخصصة في البحث والتطوير والتقييم.
- بناء القدرات:(Capacity Building) إنشاء وتفعيل مراكز تدريب متخصصة (على مستوى الوزارة أو المناطق التعليمية) لتقديم برامج تدريب مستمرة ومحدثة للمعلمين والأخصائيين حول استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم الشامل، إضافة إلى ورش عمل لتبادل الخبرات والممارسات الجيدة.
- التعاون الأكاديمي والصناعي: إقامة شراكات استراتيجية بين المؤسسات التعليمية (الجامعات والكليات)، ومراكز البحث العلمي، وشركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الرائدة. يهدف هذا التعاون إلى تطوير حلول مبتكرة، وتخصيص التقنيات للاحتياجات المحلية، وإجراء البحوث المشتركة.
خامسًا: معوقات تطبيق النموذج
على الرغم من المبررات والآليات الواضحة، قد يواجه تطبيق النموذج معوقات عدة محتملة تتطلب التخطيط المسبق لمعالجتها:
- التكلفة المالية العالية: تطوير وشراء وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتوفير البنية التحتية اللازمة، وتدريب الكوادر يتطلب استثمارات مالية كبيرة، قد تشكل تحديًا للدول ذات الميزانيات المحدودة.
- نقص الكوادر المتخصصة: قد يكون هناك نقص حاد في الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته التعليمية، وكذلك في معلمي التربية الخاصة المؤهلين لاستخدام هذه التقنيات وتفسير بياناتها.
- المقاومة للتغيير: قد يواجه النموذج مقاومة من بعض المعلمين أو الإداريين أو حتى أولياء الأمور الذين يفضلون الأساليب التقليدية، أو يخشون تعقيد التقنيات الجديدة، أو لديهم مخاوف بشأن استبدال الدور البشري.
- قضايا الخصوصية والأخلاقيات: جمع وتحليل البيانات الشخصية والحساسة للطلاب يثير مخاوف كبيرة بشأن خصوصية البيانات، وأمنها، وكيفية استخدامها. كما توجد تحديات أخلاقية تتعلق بالتحيزات المحتملة في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والاعتماد عليها في اتخاذ قرارات تعليمية حاسمة.
- الفجوة الرقمية وعدم المساواة في الوصول: قد تفتقر بعض المناطق الريفية أو المدارس الأقل حظًّا إلى البنية التحتية الرقمية الأساسية (الإنترنت العالي السرعة، والأجهزة)، ما يزيد من الفجوة الرقمية بين الطلاب ويفاقم عدم المساواة في الوصول إلى فرص التعليم.
- نقص المحتوى التعليمي العربي المخصص: قد يكون هناك نقص في المحتوى التعليمي الرقمي العربي الغني، القائم على الذكاء الاصطناعي، والمصمم خصيصًا لتلبية الاحتياجات المتنوعة لذوي الاحتياجات الخاصة.
سادسًا: الجهات المنفذة الرئيسية للنموذج:
- وزارات التربية والتعليم: الجهة الحكومية الرئيسية المسؤولة عن وضع السياسات التعليمية، تخصيص التمويل اللازم، والإشراف العام على تنفيذ النموذج، وتنسيق الجهود على المستوى الوطني.
- المؤسسات التعليمية: هي البيئة الأساسية للتطبيق العملي للنموذج، إذ يُنفّذ المعلمون والإداريون الأنشطة التعليمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتفاعل المباشر مع الطلاب.
- مراكز تطوير المناهج والبحوث التربوية: مسؤولة عن تطوير المحتوى التعليمي الرقمي المتكيف، وتكييف المناهج بما يتوافق مع النموذج، وإجراء البحوث اللازمة لتقييم وتحسين فعالية النموذج.
- الجامعات ومراكز البحث العلمي: يمكن أن تسهم بشكل فعال في البحث والتطوير لتقنيات الذكاء الاصطناعي المخصصة للتعليم الشامل، وتدريب الكوادر المتخصصة، وتقديم الاستشارات الفنية والتربوية.
- شركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي: شريك أساسي في توفير الحلول التقنية، وتطوير المنصات والأدوات الذكية، وتقديم الدعم الفني والصيانة للأنظمة.
- منظمات المجتمع المدني المتخصصة في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة: يمكن أن تؤدي دورًا حيويًّا في التوعية بالنموذج، وتقديم الدعم لأولياء الأمور، والدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة لضمان تطبيق النموذج بفاعلية وعدالة.
الخاتمة:
تُعدّ قضية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتعليم الشامل، وهي مبادئ تتبناها العديد من التشريعات والرؤى العالمية.
لقد سعت هذه الدراسة إلى استشراف نموذج تعليمي متكامل، مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تعزيز هذا الدمج وتقليل الفجوة القائمة بين الأهداف الطموحة للتعليم الشامل والتحديات الواقعية التي تواجه الأنظمة التعليمية؛ وخاصة في السياقات العربية. لقد تم التركيز على الكشف عن المكونات الأساسية لهذا النموذج، ومتطلبات وآليات تطبيقه، مع استعراض المعوقات المتوقعة لضمان رؤية شاملة وواقعية.
وقد أكدت هذه الدراسة أن مجرد الوجود المادي للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في الفصول الدراسية ليس كافيًا؛ فالدمج الفعال يتطلب تحولًا جذريًّا في الممارسات التعليمية، وتكييفًا للمناهج، وتدريبًا متخصصًا للمعلمين، وبنية تحتية داعمة. وهنا يبرز الدور المحوري للذكاء الاصطناعي كقوة تحويلية قادرة على تقديم حلول غير مسبوقة لتخصيص التعلم، وتوفير الدعم الفردي، وتحليل البيانات التعليمية بعمق، ما يفتح آفاقًا جديدة لتحقيق تعليم عالي الجودة لجميع الطلاب، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة.
نتائج البحث:
بناءً على التحليل المفصل للمكونات والمتطلبات والآليات والمعوقات المحتملة للنموذج المقترح، خلصت الدراسة إلى النتائج الرئيسية التالية:
- المكونات المتكاملة للنموذج: أظهرت الدراسة أن النموذج التعليمي المقترح يعتمد على أربع مكونات رئيسية متكاملة هي: النظام المركزي لإدارة وتخصيص التعلم القائم على الذكاء الاصطناعي (AI-LMP) الذي يمثل العقل المدبر للنموذج؛ وأدوات وموارد الذكاء الاصطناعي المساعدة التي توفر الدعم المباشر للطلاب؛ وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية لضمان الكفاءة في استخدام التقنيات؛ والبنية التحتية التكنولوجية والبيئة التعليمية التي توفر الحاضنة المادية لتطبيق النموذج. تكامل هذه المكونات هو أساس نجاح النموذج.
- أهمية التخصيص والدعم الفردي عبر الذكاء الاصطناعي: أكدت النتائج أن الذكاء الاصطناعي يقدم حلولًا فريدة لتخصيص المسارات التعليمية، وتقديم دعم تعليمي فردي يتجاوز ما هو ممكن في البيئات التقليدية. هذا التخصيص ضروري لتلبية الفروقات الواسعة في احتياجات وقدرات ذوي الاحتياجات الخاصة.
- دور الذكاء الاصطناعي في تمكين المعلم: بينت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي لا يحلّ محل المعلم، بل يمثّل أداة قوية لتمكينه. فهو يزوده برؤى تحليلية عميقة حول أداء الطلاب، ويقدم توصيات لاستراتيجيات التدريس المتمايزة
- متطلبات شاملة للتطبيق الناجح: أظهرت الدراسة أن تطبيق النموذج لا يعتمد فقط على الجانب التكنولوجي، بل يتطلب منظومة دعم شاملة تشمل الدعم التشريعي والسياساتي، والتمويل الكافي، والكوادر البشرية المؤهلة، وتطوير المحتوى، وثقافة مؤسسية داعمة، وشراكة مجتمعية فعالة.
- تحديات ومعوقات تتطلب استراتيجيات استباقية: خلصت الدراسة إلى أن هناك معوقات محتملة كبيرة، مثل التكلفة المالية العالية، ونقص الكوادر المتخصصة، ومقاومة التغيير، وقضايا الخصوصية والأخلاقيات، والفجوة الرقمية. وكل ذلك يتطلب معالجة هذه المعوقات وضع استراتيجيات واضحة ومسبقة.
- أهمية السياق العربي: أكدت الدراسة ضرورة وضع الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والتعليمية للمنطقة العربية في الحسبان عند تصميم وتطبيق النموذج. فالنماذج المستوردة قد لا تكون فعالة دون تكييفها لتناسب الظروف المحلية.
التوصيات
بناءً على النتائج التي توصلت إليها الدراسة، توصي الباحثة بما يأتي:
- على وزارات التربية والتعليم في الدول العربية تطوير استراتيجية وطنية واضحة ومحددة لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الشامل، تتضمن أهدافًا ومؤشرات أداء قابلة للقياس، وميزانيات مخصصة.
- يجب إعطاء الأولوية لتطوير بنية تحتية رقمية قوية وموثوق بها في جميع المدارس، بما في ذلك الإنترنت العالي السرعة وتوفير الأجهزة اللازمة، لضمان وصول عادل لجميع الطلاب.
- تصميم وتنفيذ برامج تدريب وتطوير مهني مكثفة ومستمرة للمعلمين (سواء معلمي التعليم العام أو التربية الخاصة) والأخصائيين، لتمكينهم من فهم وتطبيق أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في سياق التعليم الشامل.
- دعم مبادرات تطوير محتوى تعليمي رقمي غني ومتنوع باللغة العربية، يكون قادرًا على التكيُّف مع احتياجات الطلاب الفردية، ويراعي معايير الوصول العالمية.
- وضع أطر تشريعية واضحة تضمن خصوصية بيانات الطلاب وأمنها، وتضع مبادئ توجيهية أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، بما يحمي حقوق جميع الأفراد.
- بناء شراكات استراتيجية قوية بين القطاع الحكومي، والجامعات، وشركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومنظمات المجتمع المدني، للاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة لتطوير وتطبيق النموذج.
- إطلاق حملات توعية واسعة النطاق لأولياء الأمور والمجتمع بأكمله حول فوائد الذكاء الاصطناعي في دعم التعليم الشامل، وأهمية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لتغيير المواقف السلبية وتعزيز ثقافة القبول والتنوع.
- إجراء دراسات مستقبلية لتقييم فعالية النموذج المقترح بعد تطبيقه، وتحليل تأثيره على التحصيل الأكاديمي والتكيُّف الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة.
قائمة المراجع:
أولًا: المراجع العربية:
- بدوي، محمد محمد عبدالهادي (2022)، تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم: التحديات والآفاق المستقبلة، المجلة العلمية المحكمة للجمعية المصرية للكمبيوتر التعليمي، 10(2)، 91-81.21608/eaec.2022.155591.1101
- دسوقي، حنان فوزي أبو العلا (2020)، الاندماج النفسي الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة في ضوء تطبيقات الذكاء الاصطناعي: رؤية مستقبلية، المجلة العربية لعلوم الإعاقة والموهبة، (14)، 619-630. .http: //search.mandumah.com/Record/1086304
- القحطاني، ريم بنت معيض بن خشنان، السديس، أشجان بنت على بن عبد العزيز (2022)، التطبيقات التربوية للذكاء الاصطناعي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بمدارس الدمج للمرحلة المتوسطة من وجهة نظر معلماتهن بمدينة الرياض، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السعودية، http: //search.mandumah.com/Record/1311496.
- مؤتمر التعليم في مواجهة الأزمات: الفرص والتحديات (2022): وزارة التعليم السعودية. (2022, May 8–11). مؤتمر التعليم في مواجهة الأزمات: الفرص والتحديات. الرياض، المملكة العربية السعودية.
- المؤتمر الدولي الأول لخدمة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ومتحدي الإعاقة (2022): المجلس القومي للمرأة. (2022, October 21–23). المؤتمر الدولي الأول لخدمة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ومتحدي الإعاقة: نحو رؤية مستقبلية لتحدي الإعاقة. القاهرة، مصر.
- المؤتمر الدولي للتطورات في تقنيات الحوسبة الناشئة (2020): IEEE & الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. (2020, February 12). المؤتمر الدولي للتطورات في تقنيات الحوسبة الناشئة. المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية.
- المؤتمر العلمي الدولي الأول: سهولة الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة (2022): وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية & جامعة القاهرة. (2022, May 22–24). المؤتمر العلمي الدولي الأول: سهولة الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة. القاهرة، مصر.
- مؤتمر تقنيات الحوسبة الناشئة (2020): وزارة التعليم السعودية. (2020, February 12). المملكة العربية السعودية.
ثانيًا: المراجع الأجنبية:
- Alasadi, E. A., & Baiz, C. R. (2023, July 27). Generative AI in education and research: Opportunities, concerns, and solutions. Journal of Chemical Education, 100(8), 2965– 2971. https: //doi.org/10.1021/acs.jchemed.3c00323.
- Al-Dawas, M., Al-Shammar, M., & Al-Amri, S. (2023). The Role of Inclusive Education in Promoting Social Justice and Equity in Saudi Arabia. Journal of Educational Research and Reviews, 18(4), 112-125.
- Al-Hazmi, K., & Al-Ahmari, A. (2022). Challenges Facing Inclusive Education for Students with Special Needs in Saudi Public Schools: A Qualitative Study. International Journal of Disability, Development and Education, 69(1), 1-15.
- Al-Jabri, H., & Al-Kharusi, S. (2020). Foresight in Education: A Study of Future Trends in Inclusive Education in Oman. Journal of Future Studies, 24(3), 87-102.
- Al-Jardani, S., Al-Rawahi, N., & Al-Farsi, H. (2022). Attitudes of Omani General Education Teachers Towards Inclusive Education for Students with Disabilities. Journal of Education and Training Studies, 10(1), 1-10.
- Al-Maqbali, A., & Al-Harthy, I. (2021). Professional Development Needs of Teachers in Inclusive Classrooms in Oman. British Journal of Special Education, 48(2), 195-210.
- Al-Otaibi, F., & Al-Fawzan, S. (2024). Adaptive Learning Systems Powered by AI for Students with Learning Disabilities in Saudi Arabia: A Pilot Study. Arab Journal of Education and Psychology,
- Al-Qarni, M., & Al-Qahtani, N. (2023). Training Needs of General Education Teachers for Effective Inclusion of Students with Special Needs in Saudi Arabia. Journal of Special Education Research, 3(1), 45-60.
- Cao, L., Zheng, W., & Li, C. (2022). Social Robots in Autism Spectrum Disorder Intervention: A Review of Recent Advances. Robotics and Autonomous Systems, 150.
- Chaddad, A.; Li, J., Lu, Q., Li Y., Okuwobi, I.P., Tanougast C., Desrosiers, C. &Niaizi, T.(2021). Can Autism Be Diagnosed with Artificial Intelligence? A Narrative Machine Learning and Artificial Intelligence in Diagnostics,11(11),231-434.
- Chen, X., & Liu, C. (2023). Artificial Intelligence in Personalized Education: A Comprehensive Review. Education and Information Technologies, 28(5),
- Costa, A. P., Charpiot, L., Lera, F. R., Ziafati, P., Nazarikhorram, A., van der Torre, L., & Steffgen, G. (2018). A comparison between a person and a robot in the attention, imitation, and repetitive and stereotypical behaviors of children with autism spectrum In Proceedings workshop on Social human-robot interaction of human-care service robots at HRI2018 (pp. 1-4). https: //hdl.handle.net/10993/43198.
- Drigas, A. S., & Ioannidou, R. E. (2013). A review on artificial intelligence in special education. Information Systems, E-learning, and Knowledge Management Research: 4th World Summit on the Knowledge Society, WSKS 2011, Mykonos, Greece, September 21-23, 2011. Revised Selected Papers 4, 385-391.
- Dziatkovskii, A. D. (2023). ICT in inclusive education by AI blockchain technology. World Journal of Advanced Engineering Technology and Sciences, 8(1), 1-8. https: //doi.org/10.30574/wjaets.2023.8.1.0180.
- Ghabra, T., Al-Ansari, R., & Al-Malki, N. (2023). Readiness of Qatari Schools for Inclusive Education: An Assessment of Resources and Infrastructure. Journal of Education and Human Development, 14(2), 87-100.
- Han, X., Hu, L., Han, D., Peng, Y., Wang, Y., Yan, C., & Wang, Z. (2022). Research on the Application of Artificial Intelligence in Special Education. In International Conference on Social Science, Education and Management. Available at: https: //www.clausiuspress.com/conferences/LNEMSS/ICSSEM%202022/ZZDAS30593.pdf
- Holmes, W., Persson, J., & Al-Haji, K. (2023). Artificial Intelligence in Education: Promises and Perils. Routledge.
- Huang, K., Liu, J., & Wang, Y. (2024). AI-Powered Adaptive Learning Platforms for Students with Disabilities: Design Principles and Effectiveness. Computers & Education: Artificial Intelligence, 5, 100-155.
- Jonathan, T. , Sangeeta, D., Raun, D. , Daniel ,L., Marc ,L., Christopher, J.,& Kristin, (2022). Evaluation of an artificial intelligence-based medical device for diagnosis of autism spectrum disorder. npj digital medicine, (27),1-11.
- Kazimzade, G., Patzer, Y., & Pinkwart, N. (2019). Artificial intelligence in education meets inclusive educational technology—The technical state-of-the-art and possible directions. In A. A. Mohamed, E. A. Al-Hujran, & A. M. AlAnzi (Eds.), Perspectives on rethinking and reforming education (PRRE, Vol. 27) (pp. 1003-1014). Springer.
- Kazimzade, G., Patzer, Y., & Pinkwart, N. (2019). Artificial intelligence in education meets inclusive educational technology—The technical state-of-the-art and possible directions. In A. A. Mohamed, E. A. Al-Hujran, & A. M. AlAnzi (Eds.), Perspectives on rethinking and reforming education (PRRE, Vol. 27) (pp. 1003-1014). Springer.
- Lopez-Gavira, R., Moriña, A., & Morgado, B. (2019). Challenges to inclusive education at the university: the perspective of students and disability support service staff. Disability & Society, 44(3), 292-304. https: //doi.org/10.1080/13511610.2019.1578198
- Mao, W. B., Lyu, J. Y., Vaishnani, D. K., Lyu, Y. M., Gong, W., Xue, X. L., . & Ma, J.(2020). Application of artificial neural networks in detection and diagnosis of gastrointestinal and liver tumors. World Journal of Clinical Cases, 8(18), 3971. doi: 12998/wjcc.v8.i18.3971
- Mohamed, A., Abdullah, A., & Hassan, S. (2023). AI-Driven Assessment Tools for Students with Diverse Learning Needs: A Review. International Journal of Educational Technology in Higher Education, 20(1), 1-18.
- Murero, M., Vita, S., Mennitto, A., & D’Ancona, G. (2020). Artificial intelligence for severe speech impairment: innovative approaches to AAC and communication. In PSYCHOBIT.
- Nieminen, J. H. (2022). Assessment for Inclusion: rethinking inclusive assessment in higher education. Teaching in Higher Education, https: //doi.org/10.1080/13562517.2021.2021395.
- Parashar, B., Sharma, R., Parashar, V., Rana, G., Nayyar, A., & Harish, V. (2023). An overview of the accessibility and need of AI animation tools for especially abled students. In S. Sharma, V. Tomar, N. Yadav, & M. Aggarwal (Hrsg.), AIAssisted Special Education for Students with Exceptional Needs (S. 47–66). Hershey, PA: IGI Global. doi: 10.4018/979- 8-3693-0378-8.ch003.
- Ramadevi, J., Sushama, C., Balaji, K., Talasila, V., Sindhwani, N., & Mukti. (2023, November). AI enabled value-oriented collaborative learning: Centre for innovative education. The Journal of High Technology Management Research, 34(2), 100478. doi: 10.1016/j.hitech.2023.100478.
- Salem, M., Fadel, S., & Shaheen, A. (2021). The Use of Social Robots in Enhancing Social Skills for Children with Autism Spectrum Disorder in Egypt. Journal of Applied Sciences and Research, 7(1), 1-12.
- Salloum, S. A., Al-Emran, M., Monem, A. A., & Shaalan, K. (2023). Investigating the Impact of Artificial Intelligence on Higher Education: A Systematic Review. Education and Information Technologies, 28(1), 115-141.
- Şen, N. & Akbay, T. (2023). Artificial intelligence and innovative applications in special Instructional Technology and Lifelong Learning, 4(2), 176-199. https: //doi.org/10.52911/itall.1297978
- (2020a). Global Education Monitoring Report 2020: Inclusion and Education: All means all. UNESCO Publishing.
- (2020b). Guidelines for Inclusion: Ensuring Access to Education for All. UNESCO Publishing.
- (2020c). Promoting inclusion in education: The role of policy. UNESCO Publishing.
- (2021). The State of the World’s Children 2021: On My Mind: promoting, protecting and caring for children’s mental health. UNICEF.
- United Nations. (2023). Sustainable Development Goals Report 2023. United Nations.
- WS Audiology (2022). EVOKE App. Widex, Retrieved from https: //www.widex.com/trtr/hearing-aids/apps/evoke-app/
- Xiao, Q., Vasileios, L.,& Joseph ,M. (2021). An artificial intelligence approach for selecting effective teacher communication strategies in autism partnership with The University of Queensland,(25),23-27.
- Xing, W., & Tang, H. (2021). Artificial Intelligence in Education: A Comprehensive Review and Future Directions. Journal of Educational Psychology, 113(7), 1362–1385.
- Zawacki-Richter, O., Marín, V. I., Bond, M., & Gouverneur, F. (2022). Systematic review of research on artificial intelligence applications in higher education – where is the evidence? Computers & Education: Artificial Intelligence.