Insight Image

الاتجاهات الرئيسية للهجمات الداعشية في القارة الإفريقية

18 أغسطس 2024

الاتجاهات الرئيسية للهجمات الداعشية في القارة الإفريقية

18 أغسطس 2024

تشير العديد من التقارير الدولية والإقليمية المختصة بالإرهاب إلى أن قارة أفريقيا باتت المعقل الرئيسي لتنظيم “داعش”، نظرًا لتوافر كل مقومات البقاء المطلوبة لتمدده وانتشاره على نطاق واسع، مثل الهشاشة الأمنية وانتشار الصراعات القبيلة والعرقية والطائفة، وانتشار الفقر والجهل، التي تمثل فرصة جيدة للاستقطاب والتجنيد. بالإضافة إلى ذلك، أسهم  الفراغ الأمني الناجم عن تقليص الوجود العسكري الغربي في تصاعد هجمات” داعش “في بعض المناطق، على غرار منطقة الساحل الأفريقي، التي شهدت تزايدًا ملحوظًا في الهجمات، حيث إن خروج الجنود الفرنسيين وإغلاق مهمة حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة في مالي، أوجدا بيئة مناسبة لتنظيم “داعش”، لتأكيد هيمنته في منطقة الساحل. وقد استفادت المجموعة الإرهابية الموالية للتنظيم من هذه الظروف، وسيطرت على مساحة أكبر من أي وقت مضى، وعززت قوتها في أجزاء واسعة من مالي والنيجر. فقد قلصت العديد من الدول الغربية –الولايات المتحدة وفرنسا وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي– دعمها للنيجر ومالي وبوركينا فاسو، ردًا على الانقلابات التي شهدتها هذه البلدان، ولعل ذلك يقينًا يترك فجوة في البنية الأمنية للمنطقة.

 وقد وجد تنظيم “داعش” مبكرًا موطئ قدم له في القارة الأفريقية، ليس فقط لأسباب تتصل بالحالة الأمنية، وتعدد مناطق التوتر، وإنما أيضا لسهولة بناء علاقات وثيقة مع زعماء المجتمعات المحلية المنشقة عن الدولة الوطنية وإغرائهم بالتشاركية في الاقتصاد الموازي والإتاوات في ظل  فشلها مع عدد من الأقليات على التخوم والأطراف وفي المناطق الوعرة، فضلًا عن حالة تجييش قابلة للانتشار مثل النار في الهشيم تجاه الدول الغربية، خاصة ذات الماضي الاستعماري. أيضًا، أدرك تنظيم “داعش” أهمية السكان في الساحل الأفريقي لترسيخ أسلوب حكمه الذي كثيرًا ما اعتمد على العنف، وبدأ يعدل سياسته لتطبيع العلاقات مع السكان لضمان استدامته، مع تكثيف الهجمات في دول عدة لبسط نفوذه.

 جعل ذلك الأمر القارة الأفريقية تستحوذ على نصيب الأسد من الهجمات الإرهابية لتنظيم “داعش”، خاصة في المعاقل الرئيسية له، مثل منطقة الساحل وغرب ووسط أفريقيا، فضلًا عن شرقها. اللافت للنظر أن هجمات تنظيم “داعش” في أفريقيا اتخذت طابعًا خاصًا أو اتجاهاتٍ عامة من حيث عدد الهجمات أو طبيعتها وأهدافها، تميزها عن الهجمات الإرهابية للتنظيمات الأخرى، خاصة التنظيمات المناوئة له مثل “القاعدة” و”بوكو حرام”.

في التقرير السنوي الذي أصدره “داعش” في العدد 451 من مجلته الأسبوعية “النبأ”، بتاريخ 23 يوليو 2024 ، حول هجماته على مستوى العالم خلال العام الهجري المنصرم1445 ، أعلن التنظيم أن عناصره قاموا بشن 1254 هجومًا حول العالم، منها 821  في قارة أفريقيا، أي بما يزيد على 65% من مجموع تلك الهجمات، استهدفت القارة السمراء، وأوقعت نحو 3368 قتيلًا ومصابًا، كان النصيب الأكبر منها لمنطقة غرب أفريقيا التي شن فيها التنظيم 433 عملية إرهابية، سقط فيها 1057 قتيلًا وجريحًا، من المدنيين والعسكريين على حد سواء، وذلك بحسب تقرير التنظيم، وهو ما يكشف عن مدى خطورة الهجمات الداعشية في القارة الأفريقية، سواء من حيث الكم أو التداعيات الأمنية.

من هنا، تسعي هذه الدراسة إلى تحديد أبرز الاتجاهات الرئيسية للهجمات الداعشية في القارة الأفريقية، في ظل تصاعد تلك الهجمات، وعدم وجود مؤشرات إلى انحسارها في الأمد القريب، لا سيما أن التنظيم يسعى إلى تكريس وجوده في القارة وتعزيز انتشارها بها، بوصفها المعقل الرئيسي له حول العالم في الوقت الحالي، خاصة أن الدول التي ينشط بها، على غرار دول غرب أفريقيا، تعاني نقص الشفافية والمساءلة الحكومية، والفساد، وضعف إنفاذ القانون وقوات الأمن، وضعف مؤشر التنمية الاقتصادية، وعدم المساواة الاجتماعية، والانقسامات القبلية والطائفية، ونقص الشباب وفرص التعليم، التي تمثل عوامل قوة للتنظيم، في حين أنها تمثل عامل ضعف بالنسبة للحكومات التي تسعي إلى مكافحة الإرهاب في تلك المناطق.

أولًا : أسباب تصاعد هجمات “داعش”  في أفريقيا

بداية هناك مجموعة من العوامل والأسباب التي أسهمت في تصاعد هجمات تنظيم “داعش” في إفريقيا واستحواذها على النصيب الأكبر من هجماته حول العالم، منها ما يتعلق بالأوضاع في القارة الإفريقية، ومنها ما يتعلق بالتنظيم نفسه. ويمكن تحديد أبرزها في النقاط التالية:

تواضع القدرات الأمنية للدول: من العوامل المهمة التي ساعدت تنظيم “داعش” على تكثيف هجماته في القارة الأفريقية، دون غيرها من المناطق الأخرى حول العام، تواضع القدرات الأمنية والعسكرية في المناطق التي ينتشر بها، وتتسم دولها بالضعف وتواضع الإمكانيات، حيث يقل حجم بعض الجيوش في بعض دول القارة عن خمسين ألف جندي. بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك دولًا لا تملك جيوشًا منظمة بالمعنى الحديث على غرار الصومال، أو أن جيوشها منهمكة في صراعات داخلية على غرار كل من جنوب السودان وبوروندي. من جهة أخرى، تفتقر معظم الجيوش في المناطق التي تنشط بها المجموعات الداعشية إلى التدريب الجيد والمهارات اللازمة للقيام بعمليات مكافحة الإرهاب، وهي مهارات يصعب اكتسابها في فترة وجيزة، وتتطلب الكثير من المال والخبرات. فضلًا عن ذلك، تفتقر هذه الجيوش إلى القدرات اللوجستية اللازمة للقيام بحملات مكافحة الإرهاب الفاعلة، التي تحتاج إلى مهارة خاصة، وذلك لخوضها أحد أخطر أنواع المواجهات، وهي حرب العصابات التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية بشكل عام، وتنظيم “داعش” بشكل خاص.

الهشاشة الحدودية بين الدول:  تكشف هجمات الدواعش المختلفة في أفريقيا عن قدرة عناصر التنظيم على التنقل بين حدود بعض الدول لشن الهجمات ثم العودة إلى أوكارها الرئيسية مرة أخرى. على سبيل المثال، تستطيع عناصر “داعش” في نيجيريا عبور الحدود إلى الكاميرون وتنفيذ بعض الهجمات الإرهابية ثم العودة إلى معاقلها مرة أخرى داخل نيجيريا، على غرار الهجوم الذي استهدف مدخل بلدة مورا في أقصى شمال الكاميرون، على بعد نحو 30 كيلومترًا من الحدود مع نيجيريا نهاية مايو 2023، ما أدى إلى مقتل ضابطَي جمارك وشرطي، وكذلك الحال بالنسبة للمجموعات الداعشية التي تنشط في المنطقة الحدودية بين دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي، التي توصف بأنها “مثلث الموت”، حيث تنشط فيها هذه المجموعات إلى جانب بعض المجموعات القاعدية لاستهداف مناطق أخرى. وقد زادت تلك التنظيمات من هجماتها في الآونة الأخيرة، على غرار الهجوم الذي استهدف مجموعة عسكرية من النيجر، ما أسفر عن مقتل 29 جنديًا على الأقل، إثر هجوم شنه مسلحون دواعش قرب حدود مالي.

التوسع في الاستقطاب والتجنيد:  تعد القارة الأفريقية تربة خصبة بالنسبة لتنظيم “داعش” فيما يتعلق بعملية الاستقطاب والتجنيد، ليس فقط بسبب انتشار الجهل والفقر وانتشار البطالة، التي تعد عوامل مؤثرة في عمليات التجنيد، وإنما أيضًا بسبب جاذبية الفكر الداعشي بالنسبة للمتطرفين؛ لقيامه على الفكرة الأكثر جاذبية لدى أي متطرف حول العالم، أو ما يطلق عليه بعض المحللين الهاتف المقدس، وهى فكرة “إعادة الخلافة الإسلامية”، التي يقوم عليها التنظيم، ومنها اتخذ اسمه “الدولة الإسلامية”. هذا الهدف تضعه كل التنظيمات المتطرفة تقريبًا على رأس أهدافها وأولوياتها، وهو ما جعل التنظيم يستقطب الآلاف داخل القارة، حيث تمكن من خلالهم من تحقيق انتشار جغرافي واسع، متفوقًا في ذلك على غريمه تنظيم القاعدة الذى أصبح نشاطه داخل القارة منحصرًا في منطقة الساحل وشرق إفريقيا فقط، في حين أن” داعش” بات ينتشر في الساحل وشرق وغرب إفريقيا، إضافة إلى انتشاره الواسع في وسط أفريقيا. في هذا  السياق، أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة، في شهر فبراير (شباط  2024)، إلى أن الآلاف من مقاتلي”داعش” باتوا ينتشرون في مناطق مختلفة من قارة أفريقيا، خاصة في منطقتَي الساحل والقرن الأفريقي.

توافر مصادر التمويل:  من العوامل المهمة التي تساعد “داعش” على توسيع هجماته، بصورة لافتة في القارة الإفريقية، توافر مصادر التمويل التي تمكن التنظيم من الإنفاق على هجماته بشكل جيد وتوفير كل ما تحتاج إليه من عتاد وسلاح، وذلك بالنظر لنجاح التنظيم في توفير مصادر تمويل متنوعة، مثل السرقة والنهب وفرض الإتاوات والضرائب في مناطق نفوذه، بالتوازي مع سيطرته على العديد من طرق التهريب عبر الحدود بين الدول، التي تمكنه من جني أموال طائلة، سواء عن طريق ممارسة التهريب بشكل مباشر، مثل تهريب المشتقات النفطية والمخدرات والبشر، أو عن طريق فرض الإتاوات على المهربين حتى يسمح لهم بالمرور من تلك الطرق التي يسيطر عليها. فالتنظيم في غرب أفريقيا، على سبيل المثال، يواصل جمع الأموال محليًا من الأنشطة الإجرامية، بما فيها ابتزاز الصيادين والمزارعين وسرقة الماشية والاختطاف طلبًا للفدية، وبدأ في الآونة الأخيرة استكشاف الأنشطة الزراعية، مثل الفلفل الأحمر في البلدان المجاورة لبحيرة تشاد.

ثانيًا: الاتجاهات العامة للهجمات الداعشية

يمكن القول إن الهجمات الإرهابية لتنظيم “داعش” داخل القارة الأفريقية تتسم بعدد من السمات العامة، تميزها عن غيرها من الهجمات الإرهابية الأخرى التي تشنها التنظيمات المتنافسة معها، على غرار جماعة نصرة الإسلام والمسلمين-ذراع تنظيم القاعدة في الساحل الأفريقي- وحركة شباب المجاهدين الصومالية، أو حتى جماعة بوكو حرام النيجيرية، العدو اللدود لـ”داعش” في منطقة غرب أفريقيا.  ويمكن تحديد أبرز تلك السمات في النقاط التالية:

الشراسة والدموية الشديدة: تكشف العديد من الإصدارات الإعلامية لتنظيم” داعش” عن مدى الوحشية والدموية الشديدة اللتين تتسم بهما هجمات التنظيم، بداية من عمليات القتل التقليدية بالأسلحة النارية، مرورًا بعمليات الإعدام الفردية، وانتهاءً بعمليات الحرق وقطع الرؤوس، حتى أصبحت الدموية والشراسة عنوانًا للعمليات الإرهابية لـ”داعش”. يتجلى ذلك الأمر  في هجمات التنظيم في وسط أفريقيا، خاصة في المناطق والحدودية والنائية من الكونغو الديمقراطية، وذلك بهدف إلقاء الرعب في قلوب السكان وحتى العسكريين الذين يرغبون في مواجهة التنظيم؛ من أجل تحطيم معنوياتهم وتحطيم إرادتهم لعدم الدخول في مواجهات ضده، وهو ما يطلق عليه “داعش “في بعض الأحيان إلقاء الانهزام النفسي في قلوب الأعداء، الأمر الذي جعل العديد من المراقبين والمتابعين يطلقون على فرع التنظيم في الكونغو التنظيم الأشد فتكًا من بين كل التنظيمات الإرهابية الدولية، بسبب  هجماته الوحشية على القرى والكنائس والمرافق الطبية. ففي يونيو   2023، على سبيل المثال لا الحصر، استهدف التنظيم مدرسة بالقرب من الحدود بين أوغندا والكونغو، ما أسفر عن مقتل 41 شخصًا، معظمهم أطفال أُحرقوا وهم أحياء.

الهجمات الخاطفة: كثيرًا ما يعتمد تنظيم” داعش” على الهجمات السريعة والخاطفة، خاصة في المواجهات مع القوات الحكومية، لا سيما  عند استهدافه النقاط الأمنية العسكرية، حيث تعتمد المجموعات الداعشية في هجماتها على خفة الحركة من خلال التحرك على شكل مجموعات صغيرة، تتسلح بأسلحة خفيفة، مثل البنادق الكلاشينكوف والقليل من القذائف الصاروخية وبعض الأنواع من القنابل.  يفسر ذلك الأمر تفضيل عناصر “داعش” استعمال لدرّاجات البخارية في الحركة والتنقل؛ ما يمنحهم خفة الحركة والتنقل، ويجعلهم قادرين على تنفيذ عملياتهم الداخلية والخارجية والعودة سريعًا إلى معاقلهم بسرعة كبيرة، خاصة أنهم يجيدون التنقل بين المستنقعات في المناطق الوعرة بمهارة عالية، مقارنة برجال الجيوش النظامية في تلك المناطق. من أهم الهجمات، التي شنها التنظيم بهذا الأسلوب، الهجوم على جيش النيجر في مارس الماضي، الذى أسفر عن مصرع نحو 30 جنديًا، وذكر التنظيم في بيان نقلته وكالة “أعماق” التابعة له، ونشره على قناته على تلغرام، أن “الجنود قُتلوا في كمين استهدف قافلة بالقرب من بلدة تيغوي في منطقة تيلابيري غربي البلاد”.

الاستهداف الواسع للمدنيين:  من السمات المهمة لهجمات” داعش” في القارة الأفريقية التوسع المفرط فى استهداف المدنيين، خاصة المسيحيين، فيما يبدو أنها محاولة من التنظيم لتكريس مسألة الطائفية في المناطق التي ينشط بها؛ لأنها تمثل أداة فاعلة في عمليات الجذب والتجنيد، حيث يركز التنظيم بشكل لافت على استهداف الكنائس والمدن التي يسكنها المسيحيون بهدف تحقيق دعاية أكثر انتشارًا وتجنيد عناصر جديدة من خلال الاعتماد على الطائفية. فضلًا عن ذلك، فإن تلك العمليات قد تدفع الحكومة والقوات المساندة لها لتركيز جهودها على حماية الكنائس والمدنيين، وهو ما يعني سحب قوات للحماية من بعض المناطق. ينطلق العداء الداعشي تجاه المسيحيين في أفريقيا،بشكل خاص، من مدونة فقهية تراثية تمت صياغتها تحت وطأة “مِحن دولة الخلافة”، وحالات التفكك والدسائس الداخلية، التي كان من تجلياتها مذهب ابن تيمية بشأن غير المسلمين الذي عبّر عنه كتابه” اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم” وفتاواه بإلزام أهل الذمة بلباس أو علامة تميزهم عن المسلمين، وتحريم تهنئتهم بأعيادهم.

أولوية استهداف المنافسين: تتميز الهجمات الإرهابية الداعشية في القارة الأفريقية بأنها تضع أولوية الاستهداف للتنظيمات المنافسة لها في مناطق نفوذها، بمعنى أن استهداف عناصر “القاعدة “أو “بوكو حرام “في المناطق التي ينشط فيها عناصر “داعش” تكون له الأولوية على استهداف القوات الحكومية أو غير المسلمين، الأمر الذي يطلق عليه بعض المراقبين “التنافس الجهادي”. يعتقد كل تنظيم من التنظيمات الإرهابية أن التنظيم المنافس له يمثل خطورة بالغة على مستقبله، نظرًا لأن بإمكانه أن يسحب البساط من تحت أقدامه، وذلك لاستخدامه خطابًا مشابهًا له، ورفعه الشعارات نفسها التي يرفعها، مثل تطبيق الشريعة وإعادة الخلافة وما شابه ذلك. أما الخطابات الأخرى، سواء كانت وطنية أو قومية، فإنه يمكن التغلب عليها بسهولة إذا واجهت الخطابات الدينية المتطرفة للتنظيمات الإرهابية، بسبب المورثات الدينية والعقائدية المنتشرة في العديد من المجتمعات الإسلامية التي تفضل الخطاب الديني في مواجهة أي خطابات أخرى حتى دون النظر إلى حقيقتها. لعل ذلك  ما يفسر الصراعات والمعارك  شبه الدائمة بين المجموعات الداعشية ونظيرتها القاعدية، سواء في منطقة الساحل الأفريقي، أو في منطقة شرق أفريقيا. الجدير بالذكر، في هذا السياق، أن بعض الدراسات تشير إلى أن من عوامل صعود “داعش” وهجماته في منطقة الساحل، التحول الاستراتيجي لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين المنافسة. إذ إنه بعد الخسائر التي لحقت بها في ساحة المعركة أمام تنظيم ولاية داعش في الساحل، أعادت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين توجيه مواردها بعيدًا عن المناطق المتنازع عليها، وتنازلت فعليًا عن مساحات شاسعة من الأراضي بالقرب من الحدود بين مالي والنيجر لمنافسها.

خاتمة

في النهاية، يمكن القول إن القارة الأفريقية أصبحت المعقل الرئيسي لتنظيم داعشحول العالم، وذلك بالنظر لتعدد مجموعاته بها وسيطرته فيها على عدد من المناطق، فضلًا عن انتشاره في أماكن أخرى كثيرة، وهو ما جعل التنظيم يتوسع في شن الهجمات الإرهابية في مناطق عدة من إفريقيا، يتسم معظمها بالدموية الشديدة والقسوة المفرطة، على الرغم من كثافتها اللافتة، سواء ضد المدنيين أو العسكريين. بالإضافة إلى ذلك، ركزت هجمات “داعش” بشكل لافت على المسيحيين، خاصة في منطقة وسط أفريقيا، وذلك لتكريس حالة من الطائفية التي يقتات عليها التنظيم، وتمثل رافدًا مهمًا بالنسبة له في الجذب والتجنيد، في الوقت الذي تحقق فيه حملات مكافحة الإرهاب ضد التنظيم نتائجها المرجوة  في القضاء عليه أوعلى الأقل- تحجيم أو تقويض تهديداته. يعني ذلك استمرار هجمات التنظيمات بالسمات الدموية نفسها التي تتسم بها في الأمد القريب، وهو ما يتطلب تكاتف الجهود الدولية لتعزيز حملات مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية.

المواضيع ذات الصلة