مقدمة:
انفضت جولة المواجهة في قطاع غزة بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل، التي بادرت إليها الأخيرة بواسطة طائراتها الحربية[1] في 5 أغسطس 2022، وبرَّرَتها بأنها عملية استباقية لمواجهة “الجهاد الإسلامي” في حين أن دوافع عدّة تسببت في نشوبها، منها ما يتعلق بـ “توظيف الهجوم على غزة في المنافسة الانتخابية الداخلية؛ والرسائل الإسرائيلية للإدارة الأمريكية بشأن قدرتها على مواجهة الجهاد الإسلامي الذراع الإيراني في فلسطين، وتحييد حركة حماس عن المواجهة”.
ومازال الطرفان يستخلصان الدروس والعبر وسط الترقب كيف ستسير الأمور بعد هذه الجولة: هل تلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار وتطبيق بنود التهدئة، بما في ذلك إطلاق سراح الأسيرين الشيخ بسام السعدي، وخليل عواودة، اللذّين تعهدت مصر بمتابعة قضيتهما؟ وهل تترك الجهاد الإسلامي المساحة للقاءات ومفاوضات بشأن قضية الأسيرين، وتلتزم بتهدئة الأوضاع الميدانية، أم تستأنف المواجهة إذا لم تلتزم إسرائيل بإطلاق سراحهما؟ وفق هذه المعطيات يتحدد شكل العلاقة بين الطرفين: مواجهة قريبة أم تهدئة دائمة.
تعرضُ هذه الورقة دوافع طرفي المواجهة وأهدافهما وحساباتهما، وتستكشف نتائج المواجهة وتداعياتها المستقبلية على خلفية التطوّرات الميدانية، واتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار بين الطرفين بوساطة مصرية.
دوافع وحسابات أطراف المواجهة:
في سياق تبرير إسرائيل لهجماتها على غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، ووزير الدفاع الإسرائيلي بيبي غانتس في بيانٍ مشترك بأن حكومة إسرائيل “لن تسمح للمنظمات الإرهابية بتحديد جدول الأعمال في منطقة غلاف غزة وبتشكيل تهديد على مواطني دولة إسرائيل.. تتحرك أجهزة الأمن في مواجهة إرهابيي الجهاد الإسلامي في سبيل إزالة التهديد عن مواطني إسرائيل..”[2]. وفي المقابل، صنّف الفلسطينيون على المستوى الرسمي والحزبي ومنظمات المجتمع المدني الهجوم على القطاع ضمن الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، والتي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وسياسة العقاب الجماعي ضد سكان قطاع غزة.
- الدوافع الإسرائيلية:
تتعدى أهداف إسرائيل من وراء هجومها على قطاع غزة اجتثاث والقضاء على حركة الجهاد الإسلامي- كما تُعلن – إلى حساباتٍ خاصة تحكم توقيت ومسار المواجهة تهدئةً أو تصعيداً، فمن ناحية وظّفت الحكومة الإسرائيلية المواجهة في المنافسة الداخلية وانتخابات الكنيست الخامسة المقرّرة في نوفمبر القادم، وسعي رئيس وزرائها يائير لبيد لإقناع الناخبين الإسرائيليين بأن حكومته هي القادرة على حمايتهم؛ لضمان انتخابه مجدداً، وبما يخدم الحسابات السياسية لكلٍ من لبيد وغانتس في جولة الانتخابات القادمة. ومن ناحيةٍ ثانية، بعثت الحكومة الإسرائيلية رسائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمنعها من مواجهة إيران وتدعوها لضبط النفس وعدم القيام بأيّة أنشطة عسكرية ضدها عنوانها – رسائل مفادها أن إسرائيل التي ترفض الاتفاق الأمريكي-الإيراني واستئناف التفاوض بينهما، قادرة على مواجهة “الجهاد الإسلامي”، وهي الحركة الفلسطينية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران. ومن ناحيةٍ ثالثة، سعت إسرائيل إلى تحييد “حركة حماس” عن المواجهة، وأعلنت صراحة بأنها تخوض هجومها في القطاع ضد “الجهاد الإسلامي” ولا تستهدف “حماس”، ولا تُحمّلها المسؤولية عن إطلاق القذائف الصاروخية باتجاهها، وقد أظهرت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بيبي غانتس، هذه المعاني حينما قال: “إن إسرائيل أبلغت حركة حماس بأنها لا تسعى إلى تصعيدٍ أوسع، وأن العملية الحالية تقتصر على أهداف لحركة الجهاد الإسلامي فقط”[3]. وتُعدّ مسألة “تحييد حماس” في مقابل “اختراق الجهاد” ومواجهتها ميدانياً مكسباً خالصاً لإسرائيل يمكن استثماره والبناء عليه مستقبلاً.
- الحسابات الفلسطينية:
خاضت الجهاد الإسلامي المواجهة مع إسرائيل، بينما غابت حركة حماس عن المواجهة رغم إعلان قادتها عن التنسيق الدائم والمستمر في جهود المواجهة ومساراتها عبر “الغرفة المشتركة” التي تتشكّل من ممثلين عن قوى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة كافة[4]. ولم تكن هذه هي الجولة الأولى التي لم تدخلها “حماس” إلى جانب “الجهاد الإسلامي”؛ إذ سبق للحركة في عام 2019، وفي أعقاب اغتيال إسرائيل بهاء أبو العطا، القائد في سرايا القدس- الجناح العسكري للجهاد، أن تخلت عن الجهاد وتركتها وحيدة في ساحة المواجهة، وهي المواقف التي استدعت طرح التساؤلات حول الرقم اللغز (1111) الذي تحدث عنه يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، بعد معركة “سيف القدس” في مايو 2021، حين طالب الجميع بتذكره، وهو الرقم الذي ارتبط بتفسيرات حول عدد الرشقات الصاروخية التي من المتوقع أن تُطلقها “حماس” باتجاه إسرائيل في جولات قتالية قادمة.
لحركة حماس حساباتها النفعيّة الخاصة والدقيقة في “المقاومة والحكم”، فهي تُكيّف مواقفها بما يتناسب مع مصلحتها، وهذا – في تقديرنا – ما يفسر موقفها الأخير، ذلك أن تجدد المواجهة واستمرارها يُهدد قدرتها على حكم القطاع وحصولها على الدعم المالي الذي تتلقاه من أطراف إقليمية بموافقة وبتسهيلات إسرائيلية، ويؤدي إلى حرمان آلاف العمال والتجار الذين يتنقلون عبر معبر بيت حانون “إيريز” من العمل في إسرائيل، فضلاً عن تفاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة أصلاً في القطاع.
وتنسجم هذه الحسابات مع التحولات التي عرفتها “حماس” في مواقفها وخطابها السياسي تجاه قضية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي عموماً خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، بعد مشاركتها واندماجها وسيطرتها على النظام السياسي الفلسطيني، بوثيقة المبادئ والسياسيات العامة 2017، التي مثّلت نقلة في موقف الحركة تجاه قضية التسوية السياسية وقضية الصراع وتشابكاته، حتى باتت تقترب كثيراً من موقف منظمة التحرير في زمن التسوية السياسية مع إسرائيل منذ اتفاق أوسلو 1993، وما بعده دون شروط أو قيود، وفق ما يترجمه سلوكها على الأرض من إبرام “التهدئة الأمنية” مع إسرائيل في غزة، يقابلها “التنسيق الأمني” بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في الضفة الغربية.
لقد أصبحت الحركة تجمع بين عديد “الثنائيات المتناقضة”: من رفض الاعتراف بإسرائيل ورفض مشاريع التسوية السياسية معها، إلى الدخول في مفاوضات غير مباشرة توّجت باتفاقات التهدئة؛ ومن المقاومة الشعبية المسلحة كخيارٍ وحيد إلى تبني المقاومة الشعبية السلمية أو التخلي عن الخيارين ومغادرتهما؛ ومن القول بأنَّ حدود دولة فلسطين من البحر إلى النهر إلى الموافقة على حدود الـ 4 من يونيو 1967 كأساس للتسوية؛ انسجاماً مع المواقف الدولية والإقليمية وانصياعاً لها.
كان لهذه التحولات انعكاسها المباشر على سلوك “حماس” لجهة حيادها في جولة المواجهة الأخيرة، وهو الأمر الذي سبب حرجاً شديداً لها، واستدعى التساؤل عن مستقبل العلاقة مع “الجهاد الإسلامي”، وهي العلاقة التي أصيبت بتصدعات خلال السنوات الأخيرة على خلفية التنافس على قيادة حركة المقاومة وتوجيه أنشطتها، وامتدت إلى غضب الجهاد الإسلامي وتذمرها من حياد “حماس” وتخليها عن المشاركة في جولتي المواجهة مع إسرائيل في 2019 و2022، وقد تتطور إلى تجميد مشاركة “الجهاد” في غرفة العمليات المشتركة، تقابلها “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة بحملة اعتقالات في صفوف منتسبي وأعضاء “الجهاد” كلما حاولوا القيام بأيّة أنشطة قتالية ضد إسرائيل انطلاقاً من القطاع، وذلك على خلفية أن “حماس” تجد في نفسها الجهة الوحيدة فلسطينياً التي تُقرّر مواقيت المواجهة مع إسرائيل ومسارها وآلياتها.
مستوى الاستجابة لجهود التهدئة:
توسطت جمهورية مصر العربية ومنذ انطلاق المواجهة الأخيرة بين الطرفين من أجل وقف إطلاق النار، وقد نجحت في التوصل إلى التهدئة التي أُعلن عن سريانها بدءاً من الساعة الـ 11.30من مساء يوم الأحد (7 أغسطس 2022)، وأكدت في بيانٍ صدر عنها أنها “تبذل جهودها وتلتزم بالعمل للإفراج عن الأسير عواودة ونقله للعلاج، والعمل على الإفراج عن الأسير بسام السعدي في أقرب وقت ممكن”[5].
رحبت حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل بالاتفاق، وأعلن الطرفان التزامهما بوقف إطلاق النار وفق الصيغة المتفق عليها، غير أن موافقة الطرفين ظلّت مشروطة بمدى التزام كل طرف ببنود الاتفاق وتنفيذه، ففي الوقت الذي أعلنت فيه “الجهاد الإسلامي” “حقها في الرد على أي عدوان إسرائيلي”[6]، فإن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أصّر على مواقفه السابقة “في حال انتهاك وقف إطلاق النار نحتفظ بحق الرد بقوة، ولن نسمح لأي جهة بتعطيل الحياة اليومية لسكان إسرائيل”[7].
بإعلان سريان وقف إطلاق النار الشامل والمتبادل، توقفت جولة المواجهة التي استمرت لثلاثة أيام، ولم تمتد لفترة أطول لسببين: أولهما، إدراك إسرائيل أنها هي التي بدأت المواجهة في غزة دون الاستناد إلى الذريعة التي استخدمتها في هجماتها السابقة بأنها تأتي في سياق الرد على إطلاق الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية، وثانيهما، خشية الجهاد الإسلامي من توسيع الهجمات واستهداف إسرائيل لأهداف مدنية وعسكرية في القطاع، بعد أن وجدت نفسها وحيدة في المواجهة دون دعم واسناد من حركة حماس.
التداعيات المستقبلية:
يطرح الاتفاق بين “الجهاد الإسلامي” وإسرائيل أسئلة ضرورية بشأن ضمانات عدم تجدد المواجهة واستئناف القتال بين الطرفين، وما إذا كان يُؤسس لاتفاق تهدئة طويلة في غزة، أو يمتد لاستئناف مسار التسوية السياسية المعطلة منذ عام 2014، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
المؤكد أن اتفاق التهدئة لا يحمل ضمانات بعدم تجدد القتال كلما أراد طرفاه الدخول في جولة جديدة مثلما هو حال كل الجولات السابقة 2008/2009- 2012- 2014- 2019- 2021، صحيح أن مصر تُعدّ وسيطاً وضامناً لمراقبة ومتابعة اتفاق التهدئة وتنفيذ بنوده بحكم وساطتها الدائمة بين الطرفين، لاسيما وأنها ترعى ملف إعادة الإعمار في القطاع منذ العام الماضي 2021، لكن الصحيح أيضاً أن المسؤولية الأولى في عدم تجدد جولات المواجهة مرةً أخرى تقع على عاتق الطرفين، وهذه المسألة مرهونة بمدى استجابة إسرائيل للوساطة بشأن إطلاق سراح الأسيرين والاكتفاء بما حققته في مواجهة “الجهاد الإسلامي”، فضلاً عن تبنيها لإجراءات تخفيف الحصار مع ما خلّفه من تفاقم للأوضاع الإنسانية والمعيشية لنحو مليوني نسمة من سكان القطاع، يعانون من جراء تدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، وغيرها من الخدمات، ومن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة جراء السياسات الإسرائيلية، كمقدمة لاستثمار الهدوء في تثبيت التهدئة المؤقتة وتحويلها إلى تهدئة طويلة ودائمة عبر استثمار موقف “حماس” الأخير، وموقف بعض قادتها[8] الذين يُجدّدون الدعوة للتفكير الجدي في عقد هدنة مع إسرائيل لمدة 3 أو 5 سنوات برعاية أممية، بديلاً عن المواجهة التي يخوضها الفلسطينيون دون أن يكون لهم دور في توقيتها وتمتلك فيها إسرائيل عناصر المفاجأة وتفرض قواعد الاشتباك في الميدان.
وفيما يتصل بممكنات استئناف مسار التسوية السياسية المعطَّل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد التوصل لاتفاق التهدئة، فإن الدول العربية طالبت بضرورة الانتقال إلى مسار التسوية السياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ومن ذلك ما أكدته دولة الإمارات العربية المتحدة في إحاطتها لمجلس الأمن عبر السفير محمد أبو شهاب، نائب المندوبة الدائمة والقائم بالأعمال بالإنابة، أنه “لا يمكن الحديث عن سلام دائم في المنطقة من دون تسوية للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، عبر استئناف الجهود الدولية لإيجاد حل عادل وشامل وسلمي وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة؛ ما يضمن لجميع الأطراف الكرامة والأمن والاستقرار، مؤكدة بأن الوضع سيظل قابلاً للانفجار في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف لاستئناف المفاوضات وكسر الجمود في عملية السلام. وأبدت دولة الإمارات استعدادها لدعم كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى الدفع قدماً بعملية السلام في الشرق الأوسط وتحقيق حل الدولتين، عبر قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، ومرجعيات مدريد، ومبادرة السلام العربية”[9]. وهو الموقف الذي عبر عنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد: “تتطلع مصر لتجديد الأمل لدى الشعب الفلسطيني في تحقيق السلام المنشود، والحصول على حقوقه المشروعة وفق المرجعيات الدولية، وهو ما يفرض حتمية إنهاء دائرة العنف والتصعيد المتكرر، سعياً لفتح الباب أمام فرص وجهود التسوية وتحقيق الاستقرار والهدوء، تمهيداً لإطلاق عملية السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، التي من شأنها تغيير واقع المنطقة بأسرها”[10].
في مقابل ذلك، فإن الدول التي تدعم إسرائيل بما فيها الإدارة الأمريكية لا تتقدم بمبادرات لاستئناف مسار التسوية السياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأكثر ما يمكن أن تقدمه هذه الدول بعد توقف جولة المواجهة في غزة هو التسهيلات الاقتصادية ودعم موازنة السلطة الفلسطينية، ودعم مشاريع إعمار قطاع غزة كما هو الحال في كل جولات المواجهة السابقة، وهذا ما يمكن أن يُستدل عليه من لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال جولته الأخيرة إلى المنطقة في يوليو الماضي؛ إذ لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي إلى بيت لحم زيارة محورية، بل وُصفت بـ”الزيارة البروتوكولية”، بالنظر إلى القضايا التي ناقشتها، وهى تخلو تماماً من معالجة قضية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ولم تطرح مبادرات جديدة للتسوية السياسية، بحيث تحول اهتمام الإدارة الأمريكية بطرح “المعونات والتسهيلات الاقتصادية بديلاً عن القضايا السياسية الجوهرية”. كان ذلك واضحاً أيضاً في اقتصار الجهد الأمريكي والعلاقة مع المستوى الرسمي الفلسطيني في نطاق المساعدات الإنسانية لمستشفيات مدينة القدس المحتلة، ودعم موازنة وكالة الغوث الدولية (الأونروا).
خاتمة:
ثمّة ملاحظات عدّة يمكن تسجيلها في أعقاب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وسريان تنفيذه، وهي على النحو الآتي:
- أولاً: إن طرفي المواجهة “الجهاد الإسلامي وإسرائيل” لم يُحقّقا أهدافهما من وراء المواجهة العسكرية في قطاع غزة، فمن ناحية فقدت الجهاد الإسلامي عدداً من قادتها الميدانيين، ولم تُحقق “الشروط الكبيرة” التي ترفعها الفصائل الفلسطينية في غزة في كل جولات المواجهة السابقة ومنها، رفع الحصار عن قطاع غزة، وضمان عدم استهداف إسرائيل لقادتها. كل ما تحقّق لها هو وقف إطلاق النار (دون ضمانات بعدم تجدد جولات القتال واستهداف قيادتها السياسية والميدانية)، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الخامس من أغسطس، بما في ذلك استئناف إسرائيل فتح معبري كرم أبو سالم وبيت حانون “إيريز”. ومن ناحية أخرى، لم تحقق إسرائيل أهدافها من وراء العملية العسكرية حتى وإن أعلنت ذلك، فهي لم تتمكن في هذه الجولة من القضاء على القدرات القتالية لحركة الجهاد الإسلامي، ولم تستهدف قادتها السياسيين.
- ثانياً: تمكنت إسرائيل من الاستفراد بالجهاد الإسلامي وتحييد حماس عن المشاركة في جولة المواجهة، وأظهرت هذه الجولة ارتهان “حماس” لتعظيم مكاسبها في “الحكم” على حساب مشاركتها في أعمال “المقاومة” إلى جانب الجهاد الإسلامي.
- ثالثاً: أظهرت جولة المواجهة وما تلاها من جولات للتفاوض بشأن التهدئة، تلاشي وضعف المستوى الرسمي الفلسطيني، بحيث غابت عن الفعل القيادة الفلسطينية ممثلةً بمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس طوال أيام المواجهة، واكتفت بالتنديد بالهجمات الإسرائيلية، مثلما غابت عن التأثير في مسار مفاوضات التهدئة، واكتفت مصر بالتفاوض مع “الجهاد الإسلامي” حول اتفاق وقف إطلاق النار وشروط تنفيذ التهدئة وآليات تطبيقها.
المراجع
[1]. كانت إسرائيل قد استبقت المواجهة بإغلاق المعابر الحدودية مع قطاع غزة، تحسباً لأيّة ردود تقوم بها “الجهاد الإسلامي” انطلاقاً من القطاع على خلفية اعتقال الشيخ بسام السعدي، وهو القيادي في الحركة من محافظة جنين.
[2]. موقع CNN بالعربية، “لابيد وغانتس: لن نسمح لأي جهة بأن تهدد أو تعتدي على إسرائيل،
https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2022/08/05/israel-lapid-gantz-gaza-islamic-jihad
، 5 أغسطس 2022، “وزير الدفاع الإسرائيلي يوجه رسالة لحماس” على الرابط،RT.. انظر: موقع [3]
https://arabic.rt.com/middle_east/1379238-
[4]. وكالة الأنباء الأردنية بترا، 5 أغسطس 2022، “الناطق باسم حماس يؤكد مشاركتها في المواجهة”،
https://petra.gov.jo/Include/InnerPage.jsp?ID=62827&lang=ar&name=external_news&cat=news
[5]. موقع قناة الغد الفضائية، 7 أغسطس 2022، “مصر تعلن وقفاً شاملاً ومتبادلاً لإطلاق النار في غزة”، https://www.alghad.tv /
[6]. موقع قناة الغد الفضائية، 7 أغسطس 2022، “حركة الجهاد الإسلامي ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة”، https://www.alghad.tv/
[7]. صحيفة المصري اليوم، 7 أغسطس 2022، “إسرائيل تشكر مصر على جهود وقف إطلاق النار”،
https://www.almasryalyoum.com/news/details/2660020
[8]. تبنى هذا الموقف أحمد يوسف، وهو القيادي في حركة حماس، والمستشار السياسي الأسبق لإسماعيل هنية في مقالة له “حماس والمقاومة وحسابات السياسة: هل الهدنة خيار مطروح؟”، في أعقاب المواجهة الأخيرة بين الجهاد الإسلامي وإسرائيل، جريدة القدس، 10 أغسطس 2022،
https://www.alquds.com/ar/posts/2d38f5af-c3d3-4b65-9f27-1add153576c6
[9]. جريدة البيان الإماراتية، 9/8/2022، “الإمارات: لا سلام دائماً في المنطقة بدون تسوية القضية الفلسطينية،
https://www.albayan.ae/world/arab/2022-08-09-1.4491455
[10]. وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا، 7 أغسطس 2022، “الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي”،