ظهرت الملامح الأولى لمُرَكَّب الأمن الإقليمي لدول جنوب شرقي آسيا خلال فترة الحرب الباردة، ولكنها كانت هشة. فقد استطاعت دول رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) أن تضع خلافاتها جانبًا؛ من أجل وضع أسس نظام أمني إقليمي -حتى وإن كان ضعيفًا وهشًّا- عن طريق التوافق على عدم تسوية خلافاتها بالقوة[1].
ومنذ نهاية الحرب الباردة، تقلصت الصراعات في إقليم جنوب شرقي آسيا بشكل كبير، حيث ظهر شكل جديد للإقليمية، قوي ومتماسك جغرافيًّا. ومع ذلك، مازالت المخاطر الأمنية تُحيط بالإقليم من جوانبه كافة؛ جراء الصراع في بحر الصين الجنوبي، الذّي يُوصف بأنه “أخطر صراع لا يتحدث عنه أحد”[2]، إلى جانب زيادة المنافسة بين القوى الكبرى، ولاسيّما الولايات المتحدة والصين، في الإقليم وفي منطقة الإندوباسيفيك؛ ما أدى الى استمرار هيمنة القوة على السياسة الأمنية لمعظم القوى الإقليمية[3].
صحيحٌ أن درجة الفوضى Anarchy في الإقليم كانت أقل منها بالمقارنة بالنظم الإقليمية الأخرى، ولكن زيادة اختراق القوى الكبرى للإقليم زادت من درجة سيولة هيكل القوة الإقليمي. وتسعى هذه الدراسة إلى اختبار طبيعة هيكل مُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا، من حيث مستوى الفوضى، وأنماط التفاعلات الأمنية بين وحداته، ونمط القطبية السائدة. والأهم من ذلك، تستهدف الدراسة تفسير مدى تأثر مُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا بالمنافسة بين الولايات المتحدة والصين في منطقة آسيا-الباسيفيك.
ومن أجل معالجة مشكلة الدراسة، يتم توظيف نظرية “مُركَّب الأمن الإقليمي” لـ “باري بوزان” و”أولي ويفر”[4]. كما يتم تقسيم الدراسة إلى أربعة أقسام. يناقش الأول منها -جغرافيًّا- مُركَّب الأمن الإقليمي لدول جنوب شرقي آسيا، فيما يختبر ثانيها حالة الفوضى في الإقليم. أمّا القسم الثالث، فيخصص لتحليل نمط القطبية الإقليمية. وأخيرًا، يستقرئ القسم الرابع أنماط التفاعلات الأمنية في إقليم جنوب شرقي آسيا.
أولًا- جغرافيا مُرَكَّب الأمن الإقليمي لدول جنوب شرقي آسيا:
يتكون مُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا من دول آسيان العشر[5]، بالإضافة إلى تيمور الشرقية[6]. وترتبط حدود هذا المُركَّب الأمني بالحدود الدولية لأعضاء رابطة آسيان منذ توسع عضوية الرابطة في التسعينيات من القرن المنصرم، حيث ضمت معظم دول المنطقة، ماعدا تيمور الشرقية والتي لها عضوية محدودة[7].
وقد لعبت رابطة آسيان دورًا مهمًّا وواضحًا في رسم حدود الإقليم وتصور وجوده كنظام إقليمي مستقل[8]. ويلاحظ أن انخراط القوى الخارجية في شؤون الإقليم كان يتم دائمًا من خلال مشاركتها في المنتديات الدولية من جهة، ومن خلال إقامة العلاقات التبادلية مع دول الإقليم بطريقة مكنت الرابطة من الحفاظ على سلامة حدودها الجغرافية، مع السماح لدول الرابطة بأن يكون لديها القدرة على اختيار أي دول خارجية يمكنها أن تنخرط في شؤون الإقليم، ووضع الشروط المناسبة لهذا الانخراط.
ويُلاحظ أنّ مُركَّب الأمن الإقليمي لدول جنوب شرقي آسيا مازال هو المُركَّب الأمني الإقليمي الوحيد في القارة الآسيوية الذي لا يضم أي دول كبرى ذات نفوذ عالمي. فعلى الرغم من الآراء التي طرحت إندونيسيا كدولة إقليمية مهمة قد ترقى مستقبلَا إلى مرتبة الدول الكبرى، إلّا أنه -حتى الآن- يخلو مُركَّب الأمن الإقليمي لدول جنوب شرقي آسيا من الدول الكبرى في هيكله[9].
وبالنسبة للحدود الخارجية لمُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا، فإن هذه الحدود تتكوّن من المُركَّب الأمني الإقليمي لشمال شرقي آسيا، والمُركَّب الأمني الإقليمي لجنوبي آسيا. ويتميز كل مُركَّب عن الآخر بديناميكياته المستقلة، والتي تلعب أيضًا دورًا محوريًّا في تشكيل الديناميكيات الإقليمية الأوسع نطاقًا. ويضم المُركَّب الأمني الإقليمي لشمال شرقي آسيا قوتين كُبْرَيَيْن: وهما الصين واليابان. أمّا المُركَّب الأمني الإقليمي لجنوبي آسيا، فيضم الهند، وهي دولة ذات أهمية إقليمية كبيرة تسعى جاهدة للارتقاء من قوة إقليمية إلى مرتبة الدول الكبرى، وبالتالي تدخل في منافسة حقيقية مع العملاق الصيني[10].
وثمة علاقات مُركَّبة بين مُركَّبات الأمن الإقليمية الثلاثة. فمثلًا، تحتل الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية مراتب متقدمة في خيارات دول جنوب شرقي آسيا، وذلك فيما يتعلق بالتفاعلات الاقتصادية والسياسية، بل والدفاعية. وتتضح العلاقة بين مركبات الأمن الإقليمية الثلاثة في التفاعلات بشأن الصراع في منطقة بحر الصين الجنوبي. وذلك أن تأثيرات هذا الصراع لا تقتصر فقط على الدول الأطراف في النزاع مباشرةً (الصين ودول آسيان)، بل إنها امتدت إلى دول إقليمية أخرى تأثرت بشكل كبير بما يحدث في المنطقة، برغم أنها ليست طرفًا من أطراف النزاع، أو حتى دولة مطلة على هذا البحر. وعلى رأس تلك الدول اليابان والهند[11]. وتتشارك الأخيرتان في سعيهما لمواجهة الطموحات التوسعية الصينية في المنطقة[12]، والتوجه نحو تعزيز علاقاتهما مع دول آسيان[13].
حتى نستطيع التعرف على نمط القطبية في جنوب شرقي آسيا، لابُدَّ أن نقارن بين أنماط توزيع القدرات المادية لدول رابطة آسيان. أولًا، فيما يخص المساحة الجغرافية؛ تأتي دولة إندونيسيا في المرتبة الأولى، فهي الأكبر مساحة بين جميع الدول الأعضاء في الرابطة، تليها ميانمار وتايلاند وفيتنام وماليزيا. وفي الوقت نفسه تُعَدُّ سنغافورة أصغر دول آسيان، بمساحة تُقدر بـ 719 كم2 فقط. ثانيًا؛ فيما يخص القدرات الاقتصادية؛ نجد أن إندونيسيا هي أكبر اقتصادات هذه الدول (1.4 تريليون دولار بتقديرات عام 2024)، تليها سنغافورة، وتايلاند، والفلبين، وفيتنام، وماليزيا، كما يوضح جدول (1).
جدول (1)
القدرات الديمغرافية والاقتصادية لدول جنوب شرقي آسيا (2024)
الناتج المحلي الإجمالي (مليار دولار) | عدد السكان (بالمليون نسمة) | المساحة (كم2) | الدولة |
1400 | 283.5 | 1,904,569 | إندونيسيا |
528.92 | 71.7 | 513,120 | تايلاند |
468.49 | 101 | 331,210 | فيتنام |
470.06 | 115.8 | 300,000 | الفلبين |
439.75 | 35.5 | 329,847 | ماليزيا |
530.71 | 5.8 | 719 | سنغافورة |
47.15 | 17.6 | 181,035 | كمبوديا |
64.28 | 54.5 | 676,578 | ميانمار |
14.95 | 7.8 | 236,800 | لاوس |
15.71 | 0.463 | 5,765 | بروناي دار السلام |
المصادر:
- International Monetary Fund. GDP, current prices, 2024, https://shorturl.at/jSGw7.
- The United Nations – Department of Economic and Social Affairs (Population Division), UN Revision of World Population Prospects 2024, https://population.un.org/wpp/.
- World Data Editors, “List of the World’s Largest Countries and Dependencies by Area | Area Size, Landmass, Population.” Encyclopedia Britannica, August 27, 2018. https://www.britannica.com/topic/list-of-the-total-areas-of-the-worlds-countries-dependencies-and-territories-2130540.
جدول (2)
القدرات العسكرية لدول الآسيان (2022)
حجم القوات (النظامية وشبه النظامية) بالألف | الإنفاق الدفاعي (مليار دولار، بالأسعار الجارية) | الدولة |
675.5 | 18.5 | إندونيسيا |
454.55 | 15.9 | تايلاند |
522 | 14.2 | فيتنام |
157.6 | 7.07 | الفلبين |
135.5 | 8.93 | ماليزيا |
58.4 | 17.5 | سنغافورة |
463 | 7.79 | ميانمار |
191.3 | 1.44 | كمبوديا |
129.1 | 0.143 | لاوس |
7.650 | 1.01 | بروناي |
المصادر:
- International Monetary Fund. “World Economic Outlook: Countering the Cost-of-Living Crisis, October 2022.
- The World Bank, Population, total, https://2u.pw/e3ghmZ.
- LOWY Institute Asia Power Index, 2023 Edition, https://2u.pw/k2pvZW3.
ويتضح من جدول (2) أنه من حيث حجم الإنفاق الدفاعي، تَحُلُّ إندونيسيا في المركز الأول. وهذا مفهوم؛ بسبب حجم سكانها (نحو 283.5 مليون نسمة)، وحجم اقتصادها (نحو 1.4 تريليون دولار، بالأسعار الجارية لعام 2024). ثم تليها سنغافورة، برغم قلة حجم سكانها (نحو 5.8 مليون نسمة)؛ وهو ما قد يُفسَّر بشعورها بالتهديد وسط الصراع المتنامي في إقليمها بين كُلٍّ من الولايات المتحدة والصين، وشعورها بالتهديد أكثر من تصاعد نفوذ الأخيرة في الإقليم. ثم تأتي تايلاند وفيتنام وماليزيا والفلبين بعد ذلك. ولكن، بشكل عام، انخفضت النفقات العسكرية في دول الآسيان بشكل ملحوظ، حيث صبت هذه الدول معظم مواردها ونفقاتها واهتمامها على نموها الاقتصادي والتجاري.
وبناء على ما سبق ذكره، يمكن القول إن نمط القطبية في مُركَّب الأمن الإقليمي لدول جنوب شرقي آسيا مازال في مرحلة التبلور، حيث لم يتوفر أي شرط من شروط أي نمط، سواء كان أحاديًّا أو ثنائيًّا أو متعدد القطبية. بعبارة أخرى، هناك حالة من السيولة وعدم اليقين فيما يخص نمط القطبية في المُركَّب الأمني الإقليمي لجنوب شرقي آسيا. وصحيحٌ أن القدرات المادية تبدو في مصلحة إندونيسيا، إلّا أن هناك دولًا أخرى لديها صوت مسموع ودور إقليمي فعال، مثل الفلبين وتايلاند وفيتنام. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار التأثير القوي للقوى الكبرى في شؤون الإقليم، وعلى رأسها الصين.
وقد لاحظت العديد من الكتابات التي درست التفاعلات الأمنية في إقليم جنوب شرقي آسيا أن دول الإقليم قد تبنت ما يُسمى بـاستراتيجية “إدماج أو شمول” القوى الكبرى الموجودة في الإقليم، من أجل الحفاظ على حالة توازن القوى النسبية، وبالتالي الحفاظ على استقرار وأمن المنطقة[14]؛ إذ إن هناك مخاوف من أن نشوء نظام إقليمي ثنائي القطبية قد يشعل فترة حرب باردة جديدة، ولكن هذه المرة بين الصين والولايات المتحدة؛ وكان هذا هو الدافع الأساسي وراء عدم الذهاب الى اختيار أحد القطبين على الآخر، وتبني خيار مختلف، وهو محاولة إشراكهما في شؤون المنطقة عن طريق دمجهما في المؤسسات الإقليمية المتعددة الأطراف، مثل آسيان +3 (دول آسيان والصين واليابان وكوريا الجنوبية)، والمجموعة السياسية-الأمنية، واتفاقيات التجارة الحرة والتبادلات الأمنية الثنائية. والهدف من الانخراط مع القوى الكبرى -ولاسيّما الصين والولايات المتحدة- هو تقوية الاعتماد الأمني والاقتصادي والاجتماعي المتبادل؛ ما يُسهم في تعزيز استقرار المنطقة، حيث سيكون بإمكان القوى الكبرى مراقبة بعضها بعضًا، والوقوف كرادع متبادل. وهنا يأتي “الاندماج” بغرض التحوُّط ضد إمكانية حدوث تنافس عنيف بينها في المنطقة من جهة، وحماية الدول الإقليمية الصغيرة أو الضعيفة من هيمنة القوى الكبرى عليها من جهة أخرى.
علاوة على ذلك، تأمل دول آسيان أنه بمرور الوقت، ومع المزيد من الاعتماد المتبادل بينها وبين الدول الكبرى الموجودة الإقليم، ستكتشف هذه القوى الكبرى أن لديها مصالح استراتيجية مشتركة، وبالتالي فإن تعريض هذه المصالح للخطر سيكون أكثر تكلفة عن أن تدخل في علاقات تنافسية عنيفة، بعضها ضد بعض، من أجل فرض هيمنتها أو سيطرتها. ومن ثم، فإن هذه القوى ستحافظ على نمط مستدام من المشاركة الإيجابية والتعاون مع دول المنطقة؛ من أجل الحفاظ على مصالحها[15].
ومن الناحية الواقعية، وفي مواجهة احتدام الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين في جنوب شرقي آسيا، اتجهت معظم دول الإقليم إلى اتباع استراتيجية التحوُّط؛ من أجل الحفاظ على استقلالٍ استراتيجي نسبي، وتأمين المرونة لسياساتها الخارجية، وبناء بيئة إقليمية مستقرة. وهذا الأمر يستلزم من هذه الدول أن تنخرط في تفاعلاتٍ تعاونية مع كلتا القوتين الكُبْرَيَيْن، وتعزيز قدراتها الدفاعية والاقتصادية الذاتية، وتنويع شركائها الخارجيين[16].
وفي هذا السياق، تنخرط بعض دول آسيان، ولاسيّما الفلبين، في تحالفات مع الولايات المتحدة من أجل موازنة “تهديد” الصين المتصاعد، وسلوكها السيادي الطموح في السيطرة على المنطقة. كما تتابع دول آسيان سياسة “التوازن الناعم” تجاه الولايات المتحدة؛ بهدف تشجيع واستمرار الدور الأمريكي المحوري في المنطقة للسيطرة على الخلل القائم في ميزان القوى الإقليمي. فعلى سبيل المثال، تسمح تايلاند وماليزيا وإندونيسيا للقوات الأمريكية الجوية والبحرية بأن تستخدم قواعدها العسكرية، كما تشترك في مناورات عسكرية ثنائية ومتعددة الأطراف بصفة دورية[17].
ثانيًا- الفوضى الإقليمية (الأناركية):
برغم إدراك مُكَوِّنات المُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا بأهمية الاعتماد الأمني المتبادل، وضرورة بناء هيكل أمني إقليمي مشترك، فإن البنية الفوضوية ماتزال هي السمة العامة لمُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا. علاوة على ذلك، تُظهر دول الإقليم ديناميكيات واستراتيجيات أمنية متضاربة، ما بين اختيار التعاون والعمل الجماعي ككتلة اقتصادية سياسية إقليمية واحدة؛ كون هذا هو الطريق الوحيد لتحقق الدول البقاء والحفاظ على الذات، وما بين التحالف مع إحدى القوتين الكُبْرَيَيْن المهيمنتين في الإقليم؛ الولايات المتحدة والصين، أو التحوّط الاستراتيجي (الخفيف أو الشديد) تجاه هاتين القوتين[18].
ويًعُجُّ إقليم آسيان بعددٍ من الصراعات التي تُسهم في زيادة مستوى الفوضى الإقليمية، أهمها الصراع في بحر الصين الجنوبي. فالمعروف أن بحر الصين الجنوبي يوصف بأنه “حلق الطرق البحرية العالمية”[19]، إذ يمر به ما يقرب من 30% من التجارة البحرية العالمية، أي ما يُقدر بأكثر من 3 تريليونات دولار سنويًّا، ويحتوي على ثروات هيدروكربونية وسمكية هائلة. وم ثم فإن النزاع في بحر الصين الجنوبي يتمثل في السيطرة على مجموعة من الجزر المرجانية والمناطق البحرية، وأهمها جزر باراسيل وسبراتلي ومنطقتيْ سكاربورو شول وسكند توماس شول، وفي المنطقة الاقتصادية الخالصة (200 ميل) لكل من الدول المتشاطئة، والموارد الطبيعية التي يحتوي عليها البحر من احتياطيات نفطية، وغاز طبيعي، وثروات سمكية ومعدنية هائلة. وهناك ست دول إقليمية تتنافس في بحر الصين الجنوبي، وهي: الصين وتايوان وفيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي. كما يشمل هذا الصراع دولا غير إقليمية وهي الولايات المتحدة. وتسعى الصين إلى فرض سيطرتها على البحر بالكامل تقريبًا، بما يتداخل مع المناطق الاقتصادية الخالصة لكل من فيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا والفلبين. وتُطالب بكين بالسيادة على القطاع البحري الاستراتيجي بأكمله بالإصرار على خط النقاط التسع الذي يغطي معظم أجزاء البحر، وسلمته الصين للأمم المتحدة عام 2009. وترفض دول آسيان المطالب الصينية، وتصر على رجوع السيادة لكل دولة على المناطق المخصصة لها طبقا لحقوقها التاريخية والقانونية، كما نصت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار UNCLOS[20].
وقد صعَّدت الصين مؤخرًا إجراءاتها المعروفة بتكتيكات المنطقة الرمادية، حيث وسّعت جهودها في استصلاح الأراضي، وتعزيز البنية التحتية العسكرية في الجُزر الصناعية ببحر الصين الجنوبي. كما استمرت القوات البحرية الصينية في تنفيذ مناورات عدائية ضد السفن الأجنبية. وتضمنت هذه المناورات عمليات فرض الحصار، والتحرش بالسفن والاصطدام بها قرب المناطق المتنازع عليها، خصوصًا ضد السفن الفلبينية والفيتنامية.
وقد اتسمت ردود دول آسيان بالانقسام، حيث فضلت بعض الدول أسلوب “الدبلوماسية الهادئة”، مثل ماليزيا وإندونيسيا، بينما مال آخرون نحو اتخاذ إجراءات أقوى، مثل الفلبين، فيما عملت فيتنام على تعزيز دفاعاتها البحرية. وقد حال هذا الانقسام دون تمكُّن دول الآسيان من الظهور كجبهة موحدة. بل إنّ المفاوضات بين هذه الدول بشأن مدونة السلوك في بحر الصين الجنوبي لم تصل إلى نتيجة محددة، ومن غير المتوقع تحقيق تقدم كبير بسبب تباين المصالح.
ثالثًا- أنماط التفاعلات الأمنية في جنوب شرقي آسيا
في السنوات الأولى التي أعقبت التحرر من الاستعمار، كان الصراع في جنوب شرقي آسيا يشبه إلى حد كبير البيئة الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، وكان من المحتمل أن ينحدر الوضع إلى الوصول لصراع مماثل. ولكن النتائج المدمرة الذي أحدثتها حملة كونفرونتاسي الإندونيسية ضد ماليزيا (1963– 1966)، أيقظت الحاجة الماسة المشتركة لإنهاء تلك الصراعات ورسم حدود لدول الإقليم[21]. ولهذا، أتت فكرة نشأة رابطة الآسيان في عام 1967م للالتزام بالأوضاع الإقليمية التي تم الاتفاق عليها، والتي أصبحت موثقة ومكرسة في معاهدة الصداقة والتعاون (TAC) بعد أن وَقَّعَ عليها أعضاء الرابطة خلال قمة الآسيان الأولى في بالي عام 1976، والتي أفسحت المجال لديناميكيات الأمن في الإقليم للتحوُّل من أنماط العداوة إلى التعاون والصداقة. ومن ثم، بدأت دول المنطقة بنزع سمة “الأمننة” من العديد من قضاياها الإقليمية والتي كانت تدفع بدولها الى الصراع. فبدلًا من السعي للحد من الصراعات بشكل علني من خلال التحالفات العسكرية، أصبحت الصراعات تنتهي بشكل سلمي، ما أدى إلى خفض المواجهات العسكرية بين وحدات الإقليم. وأصبح دور رابطة الآسيان هو تكوين مجموعة اقتصادية سياسية اجتماعية، تعمل على تنسيق التعاون المشترك، آخذة بعين الاعتبار قدرات الدول الأعضاء المختلفة، بما ينعكس أيضًا على البيئة الأمنية المشتركة في المنطقة[22].
تبعًا لذلك، فإن هذا الواقع الناشئ عن الاعتماد الأمني المتبادل بين دول الإقليم، أثبت لأي دولة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي -من أجل السعي لتحقيق مصلحتها الذاتية- أن هذا الأمر سيكون أكثر تكلفة لها، وأن التنسيق والتعاون المشترك مع جيرانها الإقليمين، يمكن أن يعزز من أهدافها القومية، وفي الوقت نفسه، يحافظ على سيادتها واستقلالها الذاتي سليمًا. ولهذا، تم اعتبار “مُركَّب الأمن الإقليمي لدول جنوب شرقي آسيا” من أنجح تجارب التحوُّل الإقليمي فيما يخص أنماط التفاعلات الأمنية، حيث تحولت من أنماط العداوة والصراع الى أنماط الصداقة والتعاون المشترك، من خلال التأسيس لنظام أمني إقليمي[23].
ومع ذلك، فإن وجود هذه البيئة الأمنية التعاونية المشتركة لا يستبعد وجود الصراع تمامًا على أرض الواقع، إذ إن بعض دول آسيان تواجه نزاعات إقليمية معقدة، مثل النزاع في بحر الصين الجنوبي، والصراع بين تايلاند وكمبوديا. ويشكل تهديد الإرهاب والتطرف تحديًا خطيرًا في جنوب شرقي آسيا؛ فغالبًا ما تكون المناطق الحدودية أماكن عبور وتهريب وهروب للجماعات الإرهابية. كما تمثل تجارة المخدرات والجريمة العابرة للحدود الوطنية مشاكل مزعجة في المنطقة الحدودية لرابطة آسيان. وأخيرًا، يمكن أن تشكل التوترات العرقية والدينية على الحدود الإقليمية مصدرًا للصراع وعدم الاستقرار[24].
رابعًا- حالة ومستقبل الترتيبات الأمنية في جنوب شرقي آسيا:
يندرج تأسيس رابطة آسيان في عام 1967 ضمن ترتيبات الأمن في إقليم جنوب شرقي آسيا خلال الحرب الباردة. فقد أدت مجموعة من الدوافع المشتركة بين دول الإقليم إلى تأسيس الرابطة، وهي: أولًا- الاستجابة لاحتياجات داخلية؛ إذ وجدت دول آسيان نفسها في مواجهة التهديد المتمثل في امتداد النزاعات، لأن فترة الحرب الباردة أثرت بشكل كبير على دول الإقليم وولَّدت العديد من الصراعات الإقليمية ذات الطبيعة الأيديولوجية، مثل الأزمة الفيتنامية وانقسامها إلى شمالية وجنوبية، وغيرها من الصراعات القائمة على الانقسامات القومية أو العقائدية الدينية. ثانيًا- السعي نحو تحقيق المزيد من الاستقرار والأمن الإقليمي، والرغبة المشتركة في إنهاء الصراعات والنزاعات بين دول الإقليم. ثالثًا- الحد من تأثير الفوضوية الإقليمية على الإقليم، وذلك من خلال عمل سلطة أو هيئة دولية عليا تستطيع ان تشكل آلية لخلق حالة من التوازن بين الأعضاء الأقوياء، والحد من مصالحها الفردية والتي قد تؤثر على جيرانها من الدول الضعيفة نسبيًّا. رابعًا- مواجهة أي تدخلات خارجية من دول كبرى، مثل الصين والولايات المتحدة، ككتلة إقليمية واحدة. ولهذا، تم تفعيل الإطار الآسياني لمواجهة الأخطار والتهديدات التي تتعرض لها دول الرابطة بالاعتماد على أربعة مبادئ وهي[25]:
- حل المنازعات بالطرق السلمية، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة بين دول الرابطة.
- احترام استقلال كل دولة عضو، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.
- توفير الأمن الإقليمي للرابطة القائم على أساس التعاون العسكري.
- عدم الاستعانة بقوات عسكرية خارجية في حالة حدوث أي صراعات في الإقليم.
ولكن عندما نناقش دور الرابطة في تحقيق الأمن الجماعي، نجد أنه دور ضعيف أو محدود؛ وذلك لعدد من الأسباب، أهمها: لوائح مبادئ الرابطة التي تنص على عدم المساس بسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. ولأن معظم الدول تعتبر النزاعات بينها وبين جيرانها شؤونًا داخلية، لم يكن للرابطة دور في حلها، بالتالي فقد تم تناول غالبية النزاعات ثنائيًّا[26]. وبالتالي، فإنّ الإعلان المؤسس للرابطة يُعتبر بيانًا سياسيًّا فقط، ولا يفرض أي التزامات قانونية على أعضائه[27].
بَيْد أن هناك قيودًا مؤسسية قد تعيق الرابطة عن أداء عملها على الوجه الكامل والفعال، وتتمثل هذه القيود فيما يُسمى “الطريقة الآسيانية The ASEAN Way”[28]، وهذه الطريقة ليست مصممة للتعامل مع قضية محددة، وإنما هي تجمع المصالح الوطنية لجميع الدول الأعضاء بها، للحَدّ من تهميش منطقة جنوب شرقي آسيا في المُركَّب الإقليمي الشرق آسيوي الأوسع. ولهذا، فقد استعملت الرابطة آلية “الموافقة بالإجماع” في اتخاذ قراراتها وتسوية المنازعات، سواء على مستوى الدول الأعضاء أو على مستوى القمة[29]. ولكن بسبب أن كل دولة عضو لديها مصالحها ومواقفها السياسية المختلفة، أصبحت هذه الآلية سببًا رئيسيًا في محدودية فعالية الرابطة، وعدم توحد موقفها تجاه الأزمات التي تواجهها في الإقليم، وبالأخص الصراع في بحر الصين الجنوبي. ومن هذا المنطلق فشلت رابطة آسيان في إصدار مدونة السلوك في بحر الصين الجنوبي حتى الآن؛ ما كشف عن عدم قدرتها على الوصول إلى إجماع حول القضايا الرئيسية[30].
جديرٌ بالذكر أيضًا أن إدارة رابطة الآسيان للأمن الجماعي للإقليم كانت مسيّرة من قِبَل الولايات المتحدة، وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة، إذ اتجهت الدول الصغيرة إلى الولايات المتحدة من طلبًا للدعم، وموازنة الوجود القوي للصين، ومنعها من ملء فراغ القوة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تدرك معظم دول آسيان، حتى اليوم، أهمية القيادة الأمريكية والتعاون العسكري معها، سواء للمصالح الوطنية الفردية لهذه الدول، أو لاستقرار المنطقة بأكملها. والواقع أنّ اتجاه رابطة آسيان إلى دعوة قوى كبرى خارجية للمشاركة والانخراط في شؤون الإقليم يُعتبر -في حد ذاته- مؤشرًا على الضعف الكبير في قدرة الرابطة على إدارة الأمن الجماعي للإقليم. ولهذا تعالت بعض الأصوات بإعادة توصيف الرابطة؛ فهي ليست منظمة للأمن الجماعي، بل تُعَبّر أكثر عن الأمن التعاوني بين دول المنطقة.
ومن ناحيةٍ أخرى، لا يمكن إنكار إنجازات رابطة آسيان في تسوية العديد من الخلافات الإقليمية والإصلاح خلال مرحلة ما بعد الصراع؛ مثلما حدث بين إندونيسيا وكُلٍّ من ماليزيا وسنغافورة في ستينيات القرن المنصرم، وبين أعضاء الرابطة من ذوي التوجه الرأسمالي أو من أصحاب التوجه الاشتراكي عقب نهاية الحرب الباردة[31].
والأهم من ذلك، أثمرت جهود رابطة آسيان عن تأسيس منتدى آسيان الإقليمي (ARF) عام 1994، الذي يضم 27 دولة عضوًا، بما في ذلك دول الرابطة العَشْر، والجهات الفاعلة الخارجية مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا. ويهدف المنتدى إلى تعزيز التعاون في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية، وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك بين الدول الأعضاء[32]. ويتسم هذا المنتدى بدور أمني واضح التحديد؛ فهو المؤسسة الإقليمية الوحيدة المنوطة بمناقشة السياسات الأمنية في منطقة جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادي[33].
وقد لعب المنتدى دورًا مهمًّا في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين. ومن أبرز إنجازاته على صعيد الأمن بناء الثقة؛ إذ يعقد المنتدى ورش عمل وندوات منتظمة لتعزيز الشفافية وبناء الثقة بين الدول الأعضاء، ويُسهل تبادل المعلومات وأفضل الممارسات بشأن القضايا الأمنية. ويعمل المنتدى بجدية على منع الصراعات عن طريق الحوار والدبلوماسية؛ إذ أنشأ آليات لمعالجة مصادر التوتر المحتملة قبل أن تتصاعد إلى صراعات، فضلًا عن تطوير أنظمة إنذار مبكر لاكتشاف التهديدات الأمنية الناشئة والاستجابة لها على الفور[34]. كما يقوم المنتدى بدور حيوي في قضايا الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدات الإنسانية. أمّا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية، فقد أسهم المنتدى في تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، بما في ذلك وضع الأطر القانونية وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمعالجة هذه القضايا بشكل فعّال.
ويُولي المنتدى أيضًا اهتمامًا بالأمن البحري وحرية الملاحة، حيث تقوم الدول الأعضاء بدوريات وتمارين بحرية مشتركة؛ لتعزيز الأمن في المياه الإقليمية وحماية الممرات البحرية الحيوية. علاوة على ذلك، يعمل المنتدى مع شركاء خارجيين -مثل الولايات المتحدة والصين واليابان والاتحاد الأوروبي، من بين آخرين- لمعالجة التحديات الأمنية الإقليمية بشكل تعاوني، وتنظيم تدريبات عسكرية متعددة الأطراف، وبرامج تدريبية لتعزيز قابلية التشغيل البينيّ والتعاون بين الدول الأعضاء وشركائها.
ويمكن القول إنّ منتدى آسيان الإقليمي نجح في تعزيز الحوار والتعاون بشأن قضايا مثل الأمن البحري والإرهاب والإغاثة من الكوارث، وفي منع نشوب أي صراعات أو حروب أو نزاعات على مستوى كبير وخطير بين الدول الأعضاء[35]. وقد شجعت هذه النجاحات قادة رابطة آسيان على توقيع اتفاقية آسيان (أو بالي) الثانية في عام 2003، والتي وضعت تصورًا لتشكيل مجموعات آسيان الثلاث، وهي مجموعة آسيان الاقتصادية، ومجموعة آسيان الأمنية-السياسية، ومجموعة آسيان الاجتماعية-الثقافية. ورغم الترحيب الذي لقيته من مؤيديها، فقد واجهت عملية تشكيل المجموعات عددًا من المشكلات، مثل اضطرار الرابطة إلى تمديد الموعد النهائي المحدد للانتهاء من تشكيل مجموعة آسيان السياسية-الأمنية بالكامل، من عام 2015 إلى عام 2025 [36]. ويُذكر أنه في عام 2009، كان قد تم الإعلان عن خريطة الطريق لمجموعات الآسيان (2009-2015). وفي عام 2015، تم تقديم رؤية مجتمع الآسيان 2025، ومخطط المجموعات الثلاث 2025[37].
بيد أنّ عجز رابطة آسيان الواضح في تسوية الخلافات والتوترات الداخلية، والحفاظ على تماسكها المؤسسي وسط بيئة استراتيجية إقليمية متغيرة، كل ذلك أدى إلى إثارة مخاوف جوهرية ذات صلة بالأمن الإقليمي[38]. وبالإضافة إلى فشلها في التوصل إلى مدونة السلوك في بحر الصين الجنوبي، فإن مجموعة آسيان الأمنية-السياسية لم تَرَ النور بَعْد، ويبدو أنّ ذلك سيكون أصعب في السنوات المقبلة، ولاسيّما في ظل زيادة مستوى المنافسة/الصراع بين الولايات المتحدة والصين في منطقة آسيا-الباسيفيك خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (2025-الوقت الحاضر).
خــاتــمــة
سَعَتْ هذه الدراسة إلى اختبار طبيعة هيكل “مُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا”، وكيفية تعامله مع اختراق القوى الخارجية لوحداته، وعلى رأس هذه القوى الولايات المتحدة والصين. وخلصت الدراسة إلى أنّ نشأة رابطة آسيان كانت نقطة محورية في تشكيل أنماط التفاعل الأمني بين دول الإقليم، وتحويل بيئته الأمنية من بيئة صراعية إلى بيئة تعاونية، وخاصة في الفترة التي تلت استقلال دول المنطقة.
ومن أجل تقليل التأثيرات السلبية لحالة الفوضى الإقليمية، اتجهت دول جنوب شرقي آسيا لإقامة عددٍ من الترتيبات الأمنية الإقليمية، وعلى رأسها رابطة آسيان والمجموعة السياسية-الأمنية، في سبيل إنشاء جماعة أمنية إقليمية خاصة بهذه الدول. ومع ذلك، مايزال نظام الأمن الجماعي على مستوى مُركَّب الأمن الإقليمي لجنوب شرقي آسيا ضعيفًا وهَشًّا.
ومن الأسباب التي أسهمت في ضعف وهشاشة نظام الأمن الجماعي في منطقة آسيان حالة السيولة وعدم اليقين التي تَسِمُ القطبية الإقليمية، إضافة إلى زيادة مستوى اختراق القوى الكبرى، وفي مقدمتها الصين والولايات المتحدة، لمُرَكَّب الأمن الإقليمي وتفاعلاته. بيد أنه ينبغي الإقرار بأنّ وحدات المُرَكَّب الإقليمي لجنوب شرقي آسيا قد أظهرت نمطًا فريدًا من التعاطي مع الاختراق الخارجي، ويتمثل ذلك في إدماج أو إشراك القوى الكبرى في المؤسسات والتنظيمات الأمنية الإقليمية، واتجهت معظم دول آسيان إلى ممارسة التحوُّط الاستراتيجي تجاه الصين والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن العلاقات بين دول آسيان أصبحت ذات طابع تعاوني، فمازال هناك العديد من الصراعات والنزاعات الإقليمية التي تعوق تطوير تصور مشترك للتهديدات الأمنية، فضلًا عن تأسيس هيكل متماسك للأمن الجماعي؛ ما يؤثر بشكل كبير على مدى استقرار المُركَّب الأمني الإقليمي لجنوب شرقي آسيا.
[1] Barry Buzan and Ole Waever, Regions and Power: The Structure of International Security, (Cambridge Studies in International Relations, 2003), 135.
[2] Cecilia Vega, “Conflict between China, Philippines could involve U.S. and lead to a clash of superpowers,” 60 Minutes, CBS News, September 15, 2024, https://shorturl.at/AMHqj.
[3] Buzan and Waever, “Regions and Power”, 93.
[4] يشير مُركَّب الأمن الإقليمي إلى “مجموعة من الدول التي يرتبط تحقيق أمنها بباقي وحدات الإقليم، ولا يمكن تحقيق أمن وحدة من وحدات الإقليم بعيدًا عن سائر الوحدات. وتتحدد طبيعة العلاقات بين الوحدات بنمط التفاعلات بينها، سواء كانت عدائية أو تعاونية، وكذلك التاريخ المشترك والقضايا الخلافية”. ويتكون المركّب الأمني من أربعة متغيرات أساسية، وهي: (1) الجغرافيا: مجموعة من الدول تنتمي إلى منطقة جغرافية، وأن تكون هناك درجة من الاعتماد الأمني المتبادل بينها. وثمة حدود تفصل وتميز بين مركّب أمني وآخر. (2) الفوضى: بمعنى أنه لا توجد سلطة نهائية أو حكومة مركزية تفرض القواعد على دول الإقليم. (3) القطبية: نمط توزيع القوة بين الوحدات المكونة للمركب؛ بمعنى عدد القوى الإقليمية الرئيسية التي تمارس النفوذ في الإقليم. وبالتالي يمكن أن يتسم توزيع القوة في الإقليم بأنه أحادي القطبية، أو ثنائي، أو متعدد القطبية. (4) نمط التفاعلات الأمنية التي تتضمن أشكال العداوة (الصراع) والصداقة (التعاون) بين الوحدات. كما تتمايز المركبات الأمنية بعضها عن بعض فيما يتصل بدرجة انخراط القوى الكبرى في السياسات الإقليمية أو مدى اختراق القوى الخارجية للإقليم. انظر:
Buzan and Waever, “Regions and Power”, 44, 53, 57-63.
[5] وهي: إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند، وبروناي وكمبوديا ولاوس وميانمار وفيتنام.
[6] Sheldon Simon, “ASEAN and Multilateralism: The Long, Bumpy Road to Community”, Contemporary Southeast Asia, 30, no. 2, 2018, 265.
[7] ASEAN Secretariat, The ASEAN Charter, 8 January 2008.
[8] John Miller, “The Roots and Implications of East Asian Regionalism”, Asia-Pacific Center for Security Studies, 2014, 3.
[9] Sheldon Simon, “ASEAN and Multilateralism: The Long, Bumpy Road to Community”, Contemporary Southeast Asia, vol. 30, no. 2, 2018, 265.
[10] Buzan and Waever, “Regions and Power”, 93.
[11] Joshua P. Rowan, “The U.S.-Japan security alliance, ASEAN, and the South China sea dispute” Asian Survey, vol.45, no. 3, 2005, 414–436.
[12] Zhao Hong, “The South China Sea dispute and China-Asean relations” Asian Affairs, 44(1), 2023, 27–43.
[13] Kiyoshi Takenaka & Manuel Mogato, “Japan, Philippines to deepen ties as China asserts Sea claims” Reuters, 2015.
[14] Alice D. Ba, “Who’s socializing whom? Complex engagement in Sino-ASEAN relations.” The Pacific Review, 19.2, 2006, pp 157-179.
[15] Amitav Acharya, “Regional Institutions and Security Order: Norms, Identity and Prospects for Peaceful Change”, Asian Security Order: Instrumental and Normative Features, (Stanford University Press, 2002).
[16] الدسوقي والحبسي، “التحوّط الاستراتيجي”.
[17] Yuen Foong Khong, “Coping with Strategic Uncertainty.”, Rethinking security in East Asia: Identity, power, and efficiency, (Stanford University Press, 2004), 172-208.
[18] Barry Buzan, Ole Waever, and Jaap de Wilde, Security: A New Framework for Analysis (Lynne Rienner Publishers, 1998), 191;
أيمن الدسوقي ونورة الحبسي، “التحوّط الاستراتيجي في سياسات جنوب شرقي آسيا”، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، 26 يناير 2024، https://shorturl.at/agTs5.
[19] Robert D. Kaplan, ‘The South China Sea is the Future of Conflict’, Foreign Policy, October 2011, https://shorturl.at/gYTkM.
[20] Shi X, “UNCLOS and China’s Claim in the South China Sea,” Australian Defense College, 2015, 1.
[21] Leszek Buszynski, “Southeast Asia in the Post-Cold War Era: Regionalism and Security”, Asian Survey, vol. 32, no. 9, 1992, 830.
[22] Buszynski, “Southeast Asia,” 830.
[23] Buzan and Waever, “Regions and Power”, 165.
[24] Naufal Zayyan, “Challenges of the ASEAN Political-Security Community,” Modern Diplomacy, July 4, 2023, https://moderndiplomacy.eu/2023/07/04/challenges-of-the-asean-political-security-community/.
[25] صلاح الدين حسن السيسي، “النظم والمنظمات الإقليمية والدولية”، دار الفكر العربي، ط 1، 2007، ص 270.
[26] Amitav Acharya and See Seng Tan, “Betwixt balance and community: America, ASEAN, and the security of Southeast Asia”, International Relations of the Asia-Pacific, vol. 6, no. 1, 2006, 37-59.
[27] ASEAN, “Treaty of Amity and Cooperation in Southeast Asia Indonesia”, ASEAN, 24 February 1976.
[28] ASEAN, “History: the founding of ASEAN,” https://asean.org/asean/about-asean/history/.
[29] Yee Kuang Heng, “ASEAN’s position on the South China Sea and implications for regional peace and security.” in Huang and Billo, Territorial Disputes in the South China Sea, Palgrave Macmillan, London, 2015, 6-72.
[30] Hai Hong Nguyen, “Time to Reinterpret ASEAN’s Consensus Principle,” East Asia Forum, July 27, 2012.
[31] Amitav Acharya, “A New Regional Order in South‐East Asia: ASEAN in the Post‐Cold War Era”, The Adelphi Papers, No. 279, London: Routledge for International Institute for Strategic Studies, 2018.
[32] ASEAN Regional Forum, https://aseanregionalforum.asean.org/about-arf/.
[33] عبد المنعم طلعت، “ترتيبات الأمن الإقليمية في النظام العالمي الجديد”، السياسة الدولية، عدد 129، يوليو 1997، ص 9.
[34] European Union External Action. “ASEAN Regional Forum Statement to promote peace, stability, and prosperity through confidence-building measures and preventing diplomacy.” August 8, 2022.: https://shorturl.at/5p4er.
[35] محمد أبوغزله وعبدالعزيز الشحي، “افتقار الشرق الأوسط إلى نظام أمن إقليمي فعال.. هل يمثل منتدى آسيان نموذجًا قابلًا للاستنساخ؟،” مركز تريندز للبحوث والاستشارات، 14 يوليو 2024، https://shorturl.at/ULYao.
[36] ASEAN 2025: Forging Ahead Together, Jakarta: ASEAN Secretariat, 2015, https://www.asean.org/storage/2015/12/ASEAN-2025-Forging-Ahead-Together-final.pdf.
[37] “Our communities,” Association of Southeast Asian Nations, https://asean.org/member-states/.
[38] Paul Dibb, “What is ASEAN’s strategic value?” East Asia Forum, 1 March 2016.