مما لا شك فيه أن انتشار فيروس كورونا المستجد وضع أغلب دول العالم في مأزق حقيقي تفاوتت حدته حسب أوضاع كل دولة وقدراتها قبل ظهور الفيروس وانتشاره، وذلك باعتبار أن المحدد الرئيسي في نجاح جهود مواجهة الفيروس أو إخفاقها يرجع إلى مدى كفاءة هذه الدول وجاهزيتها لإدارة مثل هذه الأزمات.
فقد كان للأوضاع التي سبقت انتشار “كوفيد-19” في العالم دوراً حاسماً ومباشراً في تحديد نطاق وعمق تأثيره، بل وحتى على استراتيجية إدارة الأزمة نفسها من ناحية الموارد والإمكانات اللازمة، وكذلك في ما يتعلق بالخطط والإجراءات المتبعة، وفعالية القرارات التي اتخذت في ظل النظم القائمة والسياسات المطبقة أصلاً في كل دولة.
وبناءً على هذه المحددات، فإن ما ستؤول إليه الأوضاع في مختلف دول العالم بعد انتهاء أزمة “كورونا” لن يكون نتاجاً فقط لكيفية تعاطي الدول مع تلك الأزمة تحديداً – إيجابياً وسلبياً – ومواجهة تداعياتها المختلفة، وإنما أيضاً محصلة لمجمل سياساتها الداخلية والخارجية في مواجهة الواقع الجديد الذي أفرزته.
ستترك أزمة فيروس كورونا المستجد كما هو الشأن بالنسبة لباقي دول العالم وعلى غرار الأزمات والأحداث المفصلية، بصماتها على سياساتها الداخلية والخارجية، وستنظر هذه الورقة في نموذج النظام الإيراني الذي يرزح تحت وطأة عقوبات خارجية هي الأقسى في تاريخها، وأعباء داخلية متفاقمة تَمظهر آخرها في أحداث اندلاع الاحتجاجات العنيفة بسبب زيادة أسعار الوقود[1].
أولاً – إيران قبل الأزمة
1.1 داخلياً
لم تكن أوضاع إيران قبل ظهور فيروس كورونا المستجد أفضل مما هي عليه حالياً حيث أنها كانت تمر بحالة “اختناق” بفعل تضافر ضُغوطٍ خارجية وداخلية أبرزها العقوبات الاقتصادية وتصاعد المطالب والاحتجاجات بسبب تردي الأوضاع المعيشية؛ وتقاطعها مع استحقاقات مهمة أبرزها الانتخابات البرلمانية التي جرت في 21 فبراير الماضي، وقدمت النتائج التي أفرزتها إشارات غير مطمئنة للعالم عن توجهات طهران المستقبلية سواء في ما يتعلق بإدارتها للشأن الداخلي أو إدارتها للقضايا الخارجية، حيث أكدت هذه الانتخابات تمسك طهران بالانتقائية كقاعدة لا تسمح بدخول الاستحقاقات الانتخابية إلا لمن هم أشد ولاءً، بل والأكثر تشدداً[2] الأمر الذي أشار إلى عدم استعداد طهران للتحرك في اتجاه التخفيف من استبدادية النظام، وأدى إلى سيطرة التيار المحافظ على نتائج هذه الانتخابات التي عرفت أدنى نسب للمشاركة منذ قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979.
اقتصادياً، حلت أزمة وباء “كوفيد-19” على إيران بعد اندلاع تظاهرات حاشدة عرفتها 10 مدن خلال نوفمبر وديسمبر 2019 راح ضحيتها نحو 200 قتيلاً وآلاف المصابين في أعقاب صدور قرار حكومي قاضٍ بخفض دعم المحروقات؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بـ 50%، وتأزم أوضاع الإيرانيين المأزومة بسبب سوء الأوضاع ونقص الخدمات الأساسية وترديها وارتفاع نسب التضخم والبطالة.
2.1 خارجياً
اندلعت أزمة وباء “كوفيد-19” في وقت كانت فيه إيران تواجه جراء تحركاتها الإقليمية اختباراً صعباً؛ فبعد الضربة القوية التي تلقتها بمقتل الجنرال قاسم سليماني – العقل المدبر لتحركاتها في المنطقة، سواء المباشرة أو غير المباشرة عبر أذرعها – وجدت إيران نفسها أمام تحديين اثنين:
أولهما: الانتقام لمقتل القائد العسكري البارز، وهو تحدٍ معنوي في مغزاه من وجهة موقف النظام الحاكم أمام الشعب الإيراني؛
وثانيهما: عملي متعلق بكيفية إدارة العمليات العسكرية والأمنية الإيرانية في الملفات والنزاعات الإقليمية القائمة.
وقد شكل تحقيق التوازن في المعادلة الصعبة بين ضرورة الرد على “الإهانة” الأمريكية، وتجنب الانزلاق إلى مواجهة مع واشنطن العامل المشترك بين هذين التحديين بالنسبة لـ طهران.
وبالموازاة مع هذه التطورات عانت إيران في الأشهر التي سبقت أزمة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد من وطأة العقوبات الأمريكية عليها؛ خصوصاً بعد إخفاق المحاولات المتتالية لإثناء واشنطن عنها، أو تعويض خسائرها بالتنسيق مع القوى الكبرى الأخرى في العالم، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي.
وقد تمظهر هذا الضغط الاقتصادي في اضطراب علاقات إيران الخارجية وتأرجُح مواقفها بين اللوم وتحميل المسؤولية جزئياً لأوروبا بسبب إخفاقها في مواجهة العقوبات الأمريكية أو حتى التحايل عليها، ومحاولة تقليل خسائر العقوبات عبر الحلفاء التقليديين مثل الصين وروسيا.
ويمكن، في المجمل، القول إن البيئة الخارجية المحيطة بإيران في مرحلة ما قبل أزمة “كوفيد-19″، كانت غير مواتية في وقت كانت فيه سياساتها وتحركاتها تجمع بين التهدئة النسبية انحناء لعاصفة العقوبات وتجنباً لتصعيد قد يؤدي إلى مواجهات ليست مستعدة لها، ومحاولة تأمين مواقف داعمة وموارد بديلة ولو بعد حين.
و”الحين” المقصود هنا، هو موعد الرئاسيات الأمريكية المقررة في نوفمبر المقبل، إذ تراهن إيران على مُرور الوقت بأقل الخسائر في انتظار ما ستسفر عنه، وأملاً في خروج ترامب من السلطة، وما قد يستتبعه من تغيير محتمل في السياسة الأمريكية؛ وما يفسر هذا الرهان هو الميل إيران إلى التهدئة في سياساتها الإقليمية، وتجنب التصعيد بشكل عام وبصفة خاصة ضد الولايات المتحدة.
ثانياً – إدارة إيران لأزمة كورونا
تعاملت طهران مع أزمة تفشي وباء “كوفيد-19” بنمط إدارة الأزمة نفسه الذي تتبعه في الأحداث والتطورات الداخلية بشكل عام، خصوصاً تلك التي تمثل تحدياً أو تنتقص من صورة الدولة مثل الاضطرابات السياسية (الاحتجاجات الشعبية) والكوارث الطبيعية (السيول).
فقد جاء السلوك الإيراني في إدارة الأزمة تطبيقاً نموذجياً لنمط النظم الشمولية، حيث تطور من الإنكار إلى التعتيم الإعلامي، مع عدم التحرك الفعلي نحو إدارة الأزمة، إلا في وقت متأخر بعد أن خرجت الأمور عن السيطرة، ثم البطء الشديد في اتخاذ الإجراءات المطلوبة، وكشف المعلومات مع التحكم في كم ما يتم إعلانه من معلومات وبيانات رسمية ونوعيتها؛ ويمكن رصد سمات إدارة طهران للأزمة في ما يلي:
الإنكار إذ حرصت السلطات الإيرانية في الأسابيع الأولى لانتقال الفيروس من الصين إلى بلدان أخرى على إنكار تفشيه بين الإيرانيين إلى أن انتهت الاحتفالات بعيد الثورة الإسلامية، والانتخابات التشريعية[3]، ولم تعترف طهران رسمياً بوجود مشكلة حقيقية، إلا بعد ظهور إصابات في دول أخرى بين العائدين من إيران، ولا سيما في العراق ودول خليجية.
البطء حيث أن المسؤلين الإيرانيين منذ بداية الأزمة تمسكوا بعدم الحاجة إلى فرض حجر صحي في محاولة لإظهار عدم خطورة الموقف وأكد تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني بنفسه في منتصف مارس هذا المعنى، قائلاً “ليس لدينا شيء يسمى الحجر الصحي… ولن يُفرض لا اليوم ولا في عطلة عيد النيروز ولا بعد العطلة”[4].
وبالفعل تمسكت طهران بعدم فرض حجر شامل حتى مطلع أبريل مُكتفية بمنع التنقل بين المحافظات والمدن، على الرغم من الزيادة الكبيرة والمتسارعة في عدد الإصابات والوفيات. ولم يقتصر البطء على التحرك الإجرائي وحده، وإنما أيضاً في تخصيص الموارد اللازمة، حيث استغرق الأمر عدة أسابيع قبل أن يعلن روحاني تخصيص 20% من ميزانية البلاد لمواجهة “كوفيد-19” بإضافة إلى تحمل 90% من تكاليف علاج المرضى[5].
ومع تفشي الفيروس وتزايد أعداد ضحاياه، اضطرت طهران إلى اتخاذ إجراءات للتخفيف من تداعياته الاقتصادية، فأصدرت في 15 مارس الماضي حزمة قرارات شملت مساعدات مالية مباشرة لحوالي 3 ملايين أسرة فقيرة، بقيمة تراوحت بين 200 إلى 600 ألف تومان إيراني (42 ألف تومان يساوي دولار أمريكي واحد) لكل أسرة. وتأجيل سداد رسوم الخدمات الأساسية لثلاثة أشهر، ومنح إعفاءات ضريبية لشركات القطاع الخاص المشاركة في جهود مواجهة الوباء.
كما عمل البنك المركزي الإيراني على اتخاذ حزمة قرارات إضافية مطلع أبريل الحالي تضمنت توفير 75 تريليون تومان لدعم الأنشطة والمشروعات الاقتصادية المتضررة من انتشار “كوفيد-19″[6]؛ وهكذا جاءت الإجراءات المتخذة من قبل وائر الحكم متأخرة دائماً وجزئية فلا هي منعت انتشار الفيروس وحالت دون تحوله إلى وباء، ولا هي واجهت الخسائر التي ترتبت على انتشاره.
التعتيم، ففي ظل قصور الإجراءات الحكومية، خرجت أصوات معارضة تنتقد الأداء الرسمي، وتطالب بمزيد من الفعالية والشفافية في النهج المتبع لإدارة الأزمة، غير أن الرد الرسمي على تلك الانتقادات كان بإسكات الأصوات المعارضة عبر توقيف أصحابها واتخاذ إجراءات قضائية في حقهم.
وشملت الاعتقالات إعلاميين، وناشطين، ومواطنين عاديين بتهم من بينها نشر الشائعات والأخبار الكاذبة. كما تم، وفقاً لتصريحات رسمية، رصد ومتابعة ما يقرب من ألف انتهاك وجريمة على الإنترنت بنهاية شهر مارس[7] الأمر الذي دفع السلطات الإيرانية إلى تشكيل فريق عمل مخصص لتتبع الأخبار والإحصاءات التي يجري تداولها حول كورونا عبر الإنترنت والرد عليها[8].
ولم تقتصر الانتقادات على المعارضة، بل شملت شخصيات من داخل النظام وبعضها صدر عن مسؤولين رفيعي المستوى، مثل رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، ومحمد باقر قاليباف، المرشح الرئاسي السابق (أمام روحاني)، حيث وجه كلاهما انتقادات لاذعة لبطء التحرك الرسمي وعدم فعالية الإجراءات المتخذة[9].
التديين والتسييس حيث أنه من الملاحظ وجود تداخل عضوي بين الدين والسياسة في إيران انسجاما مع تعاليم المذهب الشيعي – خصوصاً في نسخته الخُمينية التي تقول بمبدأ “ولاية الفقيه”؛ وتجلى هذا التداخل في إدارة أزمة “كوفيد-19″، بدءاً برجال الدين هونوا من شأن الأزمة في بداياتها[10]، والترويج لفكرة أن الفيروس لا يصيب “المؤمنين”، ولا يمكن انتشاره في الأضرحة والأماكن المقدسة إلى حد دفع ببعض المتشددين إلى لعق الأضرحة نفياً منهم لأي أثر سلبي محتمل لهذا الوباء[11] وبعد انتشار الوباء بالفعل، تغير الخطاب الديني – السياسي إلى أنه ابتلاء إلهي.
وبالموازاة مع التأطير الديني لذلك المنطق التبريري، كانت إيران تقوم بعملية توجيه سياسي مباشر لمشاعر الغضب والهلع لدى الإيرانيين وتوجيهها نحو الولايات المتحدة عبر تصويرها كطرف مسؤول عن الأزمة، في امتداد للخطاب السياسي التقليدي الذي يتهم واشنطن بالمسؤولية عن معاناة الشعب الإيراني طوال العقود السابقة. ففي تجسيد فج للتفسير التآمري وتسويقه للداخل الإيراني، وجه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي اتهامات إلى الولايات المتحدة صراحة بالمسؤولية عن أزمة كورونا، بل وتصنيع الفيروس لاستهداف إيران على وجه التحديد، قائلًا: “صنع خصيصا لإيران باستخدام البيانات الجينية للإيرانيين”[12].
غير أن أوجه التسييس والتديين في إدارة الأزمة لم تقف عند تغليفها دينياً وتوظيفها تعبوياً في الداخل، وإنما اكتسبت أيضاً وجهاً براجماتياً مألوفاً في سياسات إيران. فقد طلبت حكومة روحاني قرضاً بقيمة 5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي بعد أن أعلن توفير مساعدات مالية عاجلة للدول المتضررة، وهذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها إيران قرضاً من الصندوق منذ عام 1960 أي منذ ستة عقود كاملة[13].
يمكن تلخيص طريقة إدارة إيران لأزمة كورونا في كون أن السلطات الإيرانية معنية باستقرار النظام أكثر من القضاء على فيروس كورونا[14] وفي مجريات الإدارة الرسمية للأزمة كثير من الشواهد على ذلك منها ما يلي:
تأخير الإعلان عن وجود حالات إصابة حتى انتهاء الانتخابات البرلمانية والاحتفالات بعيد الثورة؛
عدم اتخاذ إجراءات فعلية لمواجهة انتشار الفيروس إلا بعد تصاعد الانتقادات الداخلية والخارجية، وانتقال العدوى إلى دول أخرى منها العراق وفرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي مصدرها إيرانيين أو عائدين من إيران؛
التمسك غير المبرر برفض إعلان حجر صحي شامل رغم انتشار الفيروس بشكل وبائي وتضخم أعداد الضحايا المصابين والمتوفين.
لقد أكدت الإدارة الحكومية للأزمة، أن ثمة فجوة كبيرة تفصل بين أوضاع الإيرانيين ومطالبهم الحياتية الفعلية، ومدى إدراك القيادات والمسؤولين لها. فقد تبلور ما يشبه الإجماع بين الإيرانيين على ابتعاد السياسات والقرارات والإجراءات الحكومية عن احتياجات ومتطلبات الواقع الفعلي، وهذا بافتراض أن الهدف بين المستويين الرسمي والشعبي واحد ومتطابق، وهو القضاء على الوباء وحماية صحة وحياة المواطنين الإيرانيين.
ثالثاً – تداعيات الأزمة
في ضوء التطورات التي سبقت ظهور فيروس كورونا ثم وصوله إلى إيران، كان لانتشاره السريع تأثيرات على المشهد العام هناك، عبر مستويين اثنين:
المستوى الأول: مباشر وعاجل، وهو الخسائر الفادحة التي تكبدتها طهران في أكثر من اتجاه، وتشمل الأعداد الكبيرة من الضحايا بالإصابة والوفيات خصوصاً مع سقوط عدد من المسؤولين والشخصيات العامة، إضافة إلى أعداد من التكنوقراط والمتخصصين ضحايا للفيروس؛ ففي 5 من أبريل الحالي ارتفع عدد حالات الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في البلاد إلى 3,739 حالة، فيما بلغ عدد الإصابات 60 ألفاً و500. ووصل عدد ضحايا الوباء من المسؤولين والشخصيات العامة إلى 55 حالة بعد شهر واحد من انتشاره في إيران (أي في 11 مارس 2020)، توفَّى منهم 12 شخصاً.
ورغم ذلك، فقد شعر المواطنين الإيرانيين بالتمييز ضدهم في الإجراءات المتبعة لمحاصرة الوباء، لصالح المسؤولين الأمر الذي عكسه، استطلاع للرأي أجراه مركز إيساب للطلاب الإيرانيين، كشف أن 76% من سكان طهران يرون غياباً للعدالة في تقديم الخدمات الطبية بين الشعب والمسؤولين[15].
وهنا يأتي الأثر الثاني المباشر، وهو المتعلق بالرأي العام الإيراني وتدهور الحالة المعنوية للإيرانيين الذين فوجئوا بتفشي الفيروس بمعدلات سريعة لم تكن متوقعة لدى كثير منهم. وكان لتلك الصدمة أثر بالغ على شعبية نظام الحكم في إيران لدى الرأي العام. خاصة بسبب طريقة إدارة الأزمة في بداياتها، حيث اتسمت بقدر عال من اللامبالاة بحياة الإيرانيين الأمر جعل السلطات في حاجة ماسة لاستعادة ثقة الإيرانيين[16].
المستوى الثاني: ويرتبط بالتأثيرات العميقة التي قد تظهر إرهاصاتها فقط في المدى القصير، بينما ستظهر تأثيراتها كاملة لاحقاً، وتتركز بشكل رئيس في المجال الاقتصادي، إضافة إلى بعض مكونات القوى الشاملة للدولة الإيرانية، خاصة القدرات المعرفية والتقنية، وتحديداً في مجال الهندسة الطبية والصحة العامة وغيرها من المجالات التي كشفت أزمة كورونا مدى ضعفها وقصورها.
فعلى المستوى الاقتصادي، تعرضت أهم مصادر الدخل القومي الإيراني إلى ضربة موجعة بتحول فيروس كورونا إلى وباء متفشي؛ ففضلاً عن التكاليف المباشرة لمواجهة الوباء، تضررت السياحة الدينية وتجارة النفط، ما انعكس بدوره على انخفاض حاد لقيمة العملة المحلية. فبينما يبلغ السعر الرسمي للدولار الأمريكي 4,200 تومان، فقد وصل إلى 16 ألف تومان في التقديرات غير الرسمية[17]؛ أخذا في الاعتبار أن هذه التقديرات في مطلع شهر مارس الماضي، أي قبل تفاقم الأزمة وتفشي الفيروس بشكل وبائي وتقدم ترتيب إيران في قائمة الدول الموبوءة على مستوى العالم. ومع تزايد احتمالات استمرار هذا الوضع لشهر أو اثنين أي حتى مطلع يونيو المقبل، فإن الآثار الاقتصادية للأزمة، ستزيد كثيراً عن تلك التقديرات المبكرة.
ومن النتائج عميقة الأثر أيضاً، انكشاف وضعف وهشاشة مؤسسات الدولة الإيرانية، ليس فقط من حيث الإمكانات المادية والموارد، لكن أيضاً من حيث الكفاءة البشرية والقدرة على إدارة الأزمة. كما يمكن القول إن الأزمة وجهت ضربة قوية للتماسك النفسي والثقة في الإمساك بزمام الأمور داخل أروقة الحكم الإيرانية؛ بل وأيضاً الأمان الشخصي للنخبة الحاكمة والدوائر المحيطة بها من شبكات المصالح والنفوذ، وذلك على خلفية وفاة عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين ورجال الدين وهي نتيجة شديدة الأهمية من وجهة نظر مستقبل التماسك والثقة المتبادلة بين أفراد النخبة الحاكمة، بغض النظر عن التراتبية الوظيفية في ما بينها ولا أدل على ذلك من الانتقادات التي ترددت داخل دوائر الحكم، من المستويات الأقل إلى الأعلى.
رابعاً – سياسات إيران بعد الأزمة
في ضوء ما سبق، يمكن القيام باستشراف مبدئي لاتجاهات وملامح مستقبل السياسات الإيرانية داخلياً وخارجياً؛ فعلى الرغم من أن الأزمة لم تنته بعد، إلا أن ثبات نمط وإجراءات إدارتها من جانب طهران، يجعل لذلك الاستشراف ما يدعمه من شواهد ووقائع ما تزال مستمرة.
1.4 – داخلياً
لا شك في أن التململ والغضب بين المواطنين الإيرانيين سيزداد اتساعاً وحدة في ما بعد أزمة كورونا خاصة إذا لم تبادر السلطات إلى خطوات عملية لتخفيف الاحتقان عملياً لا خطابياً. لذا، ستعمل السياسة الرسمية على احتواء حالة الاستياء و”تبريد” المزاج العام بواسطة مؤسسات الإعلام وآلة الدعاية في الداخل، والتي تعتمد إلى حد بعيد على رجال الدين وقنوات التأثير التابعة لهم، أي المساجد والحوزات والصحف والمواقع الإلكترونية المحافظة.
وستستغل تلك السياسة الدفاعية مجريات الأزمة في إيران ومواقف مختلف الدول تجاهها، لتضخيم إيجابيات الأداء الرسمي، والتقليل من شأن وقيمة الخسائر البشرية والاقتصادية الكبيرة التي تكبدتها طهران، وترويج أنه لو لم تكن إدارة الأزمة ناجحة وفعالة، لكان حجم الخسائر ونطاقها أكبر كثيراً مما كان.
كما ستعمل السلطات الإيرانية على تطويع المعادلات الرقمية ودلالات الإحصاءات الخاصة بالأزمة من خلال توظيف موقع إيران في قائمة الدول الأكثر إصابة بالوباء بشكل عكسي، وإظهاره كإنجاز يحسب للحكومة، حيث احتلت إيران لبضعة أسابيع الترتيب الثالث في عدد الإصابات والوفيات ومعدل الانتشار لكل من الصين والولايات المتحدة وإيطاليا ولم تبتعد طوال الشهرين الماضيين منذ تفشي الفيروس، عن المراتب الخمس الأولى، بالتبادل مع فرنسا وإسبانيا.
وبعيداً عن الصين التي خرج منها الوباء، ستروج طهران داخلياً للمقارنة مع واشنطن وباريس ومدريد وروما، وهي الأكثر تقدماً بإمكاناتها التكنولوجية والاقتصادية. وستركز المقارنة الإيرانية على الترتيب والأرقام، دون النظر إلى الفوارق الأخرى الواجب أخذها في الاعتبار، مثل انفتاح تلك الدول وكثافة واتساع نطاق تفاعلاتها مع العالم اقتصادياً وبشرياً. إضافة إلى وجود قاسم مشترك بينها جميعاً، مع إيران، وهو تأخر التعامل مع الأزمة والاستهانة بها في بداياتها.
كما ستواجه طهران، اقتصادياً، تحديات وضغوط كبيرة نتيجة الأعباء الكبيرة التي فرضها انتشار الوباء على مختلف القطاعات. بدءاً بضرورة تعويض الخسائر المالية المباشرة الناجمة عن تراجع حركة السياحة والسفر. ثم الحاجة إلى وضع خطط قصيرة ومتوسطة المدى لتطوير ورفع كفاءة قطاع الصحة والخدمات العلاجية الذي كشفت أزمة كورونا عن تراكم أوجه القصور فيه. يضاف إلى ذلك، تحدي إعادة تشغيل عجلة الاقتصاد التي تعطلت بفعل الأزمة.
لكن تظل خسائر قطاع النفط هي التحدي الحقيقي، إذ من المتوقع أن تنخفض عائدات صادرات إيران من النفط هذا العام. وذلك بقيمة تتراوح بين 2 إلى 2.5 مليار دولار (بافتراض حجم صادرات بين 200 إلى 250 ألف برميل يومياً بسعر 30 دولار للبرميل)[18]. بل إن التطورات الفعلية في السوق العالمي للنفط، تشير إلى مسار أسوأ من هذه التوقعات، حيث تتجه أسعار النفط إلى انخفاضات كبيرة وصلت إلى سعر 20 دولار للبرميل. كما تراجع الطلب العالمي على النفط بشكل كبير بسبب التراجع الحاد في حركة التجارة العالمية. ولطهران نصيب مهم من خسائر ذلك التراجع، في ضوء تباطؤ حركة الاقتصاد الصيني، إذ تمثل بكين مستورداً رئيسيا لصادرات طهران من النفط[19].
وفي ظل العجز المالي الذي تعاني منه الموازنة العامة الإيرانية، والتأثر المؤكد بالركود الاقتصادي العالمي الذي أصبح أمراً واقعاً بالفعل[20]، فإن الخيار الأقرب أمام صانع القرار الإيراني لمعالجة الآثار الاقتصادية لأزمة كورونا، هو خيار التقشف، وتوصيف “التقشف” هنا نسبي، حيث تطبق إيران بالفعل سياسة تقشفية بسبب العقوبات ونقص المداخيل المالية المباشرة؛ أي أن التقشف سيكون مضاعفاً، في ما يشبه اقتصاد حالة الحرب، وهو ما قد يثير مزيد من الغضب الشعبي المتفاقم أصلاً.
2.4 – خارجياً
لوحظ على السلوك الإيراني خلال تصاعد أزمة وباء كورونا، أنها تبنت خطاباً تعاونياً وصل إلى حد “الاستعطاف” تجاه المجتمع الدولي، بينما انتقلت في تحركاتها الإقليمية من سياسة التهدئة النسبية التي مارستها قبل انتشار الوباء، إلى التصعيد واستعراض القدرات الإيرانية على التأثير، عملاً بمنطق “الهجوم خير وسيلة للدفاع”. وذلك تحديداً في الملفات التي تملك فيها أدوات ومداخل للتأثير دون تحمل أعباء أو خسائر كبيرة.
ولما كان هذا هو سلوك طهران أثناء الأزمة نفسها، وهي تعاني من تبعات اقتصادية وسياسية ثقيلة؛ فالمتوقع في المراحل التالية من الأزمة ثم في ما بعد انتهائها، أن تطور إيران من سياسة المبادرة الهجومية، وأن تصعد ضغوطها في كل من اليمن والعراق، وربما أيضاً في لبنان، بهدف تأكيد الدور والحضور، عبر تحصيل مكاسب مباشرة وتأمين وضعية متميزة وزيادة النفوذ الإيراني في إدارة هذه الملفات على المدى القصير.
وتمتلك إيران مقومات تمنحها ميزة نسبية في تطبيق هذا التوجه: أهمها أنها لا تباشر سياساتها في تلك الملفات بشكل مباشر، سواءً على المستوى العسكري أو السياسي. وإنما تعتمد على وكلاء وحلفاء لها من الأطراف الداخلية المرتبطة مباشرة بتلك القضايا الأمر الذي يحد من تأثر القدرات الإيرانية الذاتية بأي تصعيد محتمل في ظل حشد جُل الموارد الاقتصادية والبشرية والسياسية أيضاً، لمواجهة أزمة انتشار كورونا في الداخل وخصوصاً أن الموارد المخصصة أصلاً للدور الإيراني في تلك الملفات، تأتي بشكل رئيس من ميزانيات خاصة بالكيانات الاقتصادية والمشروعات التابعة للحرس الثوري بصفة خاصة. وليست مدرجة ضمن المخصصات المدنية في الموازنة العامة.
وفي إطار تعظيم الاستفادة من أزمة وباء كورونا، ينتظر أن تتخذ طهران من الأزمة مرتكزاً للدعاية لنظام الحكم، ليس فقط في الداخل الإيراني لكن في المحيط الإقليمي أيضاً، وذلك عبر الترويج لتمكنها من تجاوز الأزمة، رغم العقوبات وما تعتبره “تعنتاً” أمريكياً معها. وتصوير الأمر لدول المنطقة، كما لو كانت إيران قد هزمت واشنطن في معركة كورونا بما يعنيه ذلك من رسالة ضمنية تعيد تأكيد الخطاب الإيراني الثابت تجاه المنطقة ككل، ودول الخليج على وجه الخصوص، بأن الاستقواء بالولايات المتحدة ليس هو الخيار الأكثر دقة وصواباً وأن واشنطن نفسها عاجزة عن مواجهة الأزمات الكبرى.
اقتصادياً، سارعت طهران إلى استغلال الأزمة في الضغط من أجل رفع العقوبات أو تخفيفها جزئياً. وحشد مواقف الأطراف الحليفة والمحايدة لهذا الغرض مع التركيز في الوقت ذاته، على استجلاب مساعدات وقروض خارجية، خصوصاً من المؤسسات الدولية.
وبينما يواجه طلب إيران الاقتراض من صندوق النقد الدولي عقبات داخلية وخارجية، قد تحول دون الحصول على القرض كلياً أو جزئياً؛ إلا أن الإقدام على هذه الخطوة، يعكس حدة المأزق الاقتصادي الذي دفعها إلى الاستعانة بالمؤسسات المالية الدولية التي تعتبرها بعض دوائر السلطة في إيران، خصوصاً المحافظين ومجمل التيار المتشدد، مجرد أدوات لقوى الاستكبار العالمية.
وتؤشر هذه التطورات إلى احتمالية تعديل إيران سياسة المقاطعة لتلك المؤسسات – إن لم يكن للاستفادة من آلياتها والمساعدات التي تمنحها للدول المأزومة اقتصادياً – فلتوظيف الاشتباك مع تلك الآليات اقتصادياً وسياسياً، للحد من الضغوط الأمريكية المتزايدة.
كما قد يعني هذا بدوره، أن ثمة اتجاهاً جديداً لدى طهران، وإن لم يتبلور بوضوح بعد، في التعامل مع الضغوط الخارجية خصوصاً الاقتصادية، من داخل المنظومة الاقتصادية العالمية ذاتها، بالآليات والأدوات بنفسها سواءً الاقتصادية المباشرة أو في إطارها التنظيمي الأوسع، وفي هذا السياق كان وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قد خاطب أمين عام الأمم المتحدة برسالة رسمية مطولة ركزت على أوضاع الإيرانيين الصعبة في ظل انتشار الفيروس. وارتباط تعذر مواجهة عقبات تلك الأزمة بالعقوبات الأمريكية على طهران. وطلب ظريف إدراج تلك الرسالة كوثيقة رسمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك في مجلس الأمن[21].
خاتمة
يمكن القول إن سياسات إيران التي تكشفت أو ربما تبلورت خلال أزمة اتشار وباء “كوفيد-19″، تجمع بين عدة ملامح أساسية، حيث أنها تحرص في الداخل على ضمان ثبات واستقرار النظام أكثر من أي هدف آخر، بما فيه مواجهة الوباء ذاته مع مراعاة عدم تجاهل الوضع الصحي المترتب على الوباء، وكذلك المزاج العام لدى الإيرانيين حتى تظل الأوضاع الداخلية تحت السيطرة. ولذا تحرص إيران على توظيف كل الأدوات المتاحة لعبور ظروف هذه الأزمة بأقل الخسائر سياسياً وبخسائر مقبولة اقتصادياً وبشرياً.
لذا ينتظر أن تتجه إيران مع نهايات الأزمة وما بعدها، إلى الضغط على المجتمع الدولي لتعبئة أكبر قدر من الموارد، الاقتصادية خصوصاً، لتلافي تبعات الأزمة ومعالجة خسائرها المادية المباشرة ولو جزئياً مع الاستمرار في رفع راية العداء للولايات المتحدة وتحميلها مسؤولية ما يعانيه الإيرانيون من أوضاع اقتصادية وخدمية واجتماعية سيئة بفعل العقوبات.
ولعل التمسك بهذا التوجه، كان السبب وراء رفض طهران عرضاً أمريكياً بالمساعدة على مواجهة أزمة كورونا[22]، ووضع رفع العقوبات كمطلب أساسي ووحيد، رغم علم طهران أنه مطلب غير قابل للتحقق بسهولة، والدافع الواضح هنا لهذا الموقف، هو توظيف التوتر مع واشنطن لخدمة تقليل الأثر السلبي لأزمة كورونا سياسياً ومعنوياً، على شعبية السلطة واستقرار نظام الحكم هناك.
في اتجاه آخر، وقياساً على تاريخ السياسة الخارجية الإيرانية طوال العقود الأربعة الماضية، ربما تنحو إيران إلى مزيد من السياسات التدخلية والتحركات الهجومية النشطة في الملفات الإقليمية المنخرطة فيها؛ خصوصاً تلك التي تتحرك فيها عبر وكلاء أو حلفاء لتخفيف الضغوط على النظام نفسه وصرف الانتباه عن مشكلاته الداخلية والخارجية وهو ما بدأت إشاراته بالفعل في الملف اليمني.
فبينما العالم كله منهمك في مواجهة وباء كورونا، وإيران نفسها تعاني من تفشيه وتزايد ضحاياه لديها، استأنف الحوثيون في اليمن توجيه هجمات صاروخية إلى المملكة العربية السعودية. وقد تزاد مثل هذه الهجمات مستقبلا، وقد نشهد عمليات مسلحة وأنشطة سياسية، تقوم بها جماعات وقوى موالية لإيران في العراق ولبنان وسوريا، وذلك بغرض إظهار أن إيران خرجت من أزمة كورونا، أقوى وأكثر نفوذاً وتأثيراً.
الهوامش:
[1] حول التظاهرات الاحتجاجية والاحتقان الداخلي وأوضاع حقوق الإنسان في إيران، انظر:
https://arb.majalla.com/node/80806/تجدد-المظاهرات-إنذار-بنهاية-حكم-الملالي
[2] حول تفاصيل وسياقات انتخابات 2020 ودلالاتها ونتائجها، انظر:
الانتخابات الإيرانية البرلمانية 2020..النظام ينافس ظلّه، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 25 فبراير 2020. https://bit.ly/2RcxUD4
[3] https://middle-east-online.com/إيران-تخفي-ما-لا-يخفى-طويلا-مع-الوباء#off-canvas
[4] https://bit.ly/39M7ej4
[5] https://bit.ly/3e3HZwb
[6] البنك المركزي الإيراني بصدد اتخاذ إجراءات مهمة لمواجهة كورونا، صحيفة “الوفاق” الإيرانية، 1 أبريل 2020.
[7] https://bit.ly/2wlh91s
[8] Ibid
[9] صراع سياسي في إيران بينما كورونا يحصد الأرواح، موقع “ميدل إيست أون لاين”، 30 مارس 2020.
https://bit.ly/2xO3tfI
[10] حنان عزيزي، فيروس ممزوج بنكهة دينية… والشعب الخاسر الأكبر، مجلة “المجلة”، 7 مارس 2020.
https://arb.majalla.com/node/82406/فيروس-ممزوج-بنكهة-دينية-والشعب-الخاسر-الأكبر
[11] د. فاطمة الصمادي، “عطر النبي” لمعالجة فيروس كورونا: مواجهة مع “الجهل المقدس” في إيران، مركز الجزيرة للدراسات، 26 مارس 2020، ص 2.
[12] Mohammed Al-Sulami, Iran regime using superstition and mythology to evade responsibility, Arab News, 30 March 2020.
[13] بندر الدوشي، طهران تطلب دعماً لمكافحة كورونا.. والمعارضة تحذر، العربية نت، 13 مارس 2020. https://ara.tv/9qr4q
[15] https://bit.ly/34k0hEL
[16] حول استياء الإيرانيين من التعامل الرسمي مع أزمة وباء كورونا، انظر:
Djavad Salehi-Isfahani, The Coronavirus Is Iran’s Perfect Storm, Foreign Affairs, 18 March 2020.
https://www.foreignaffairs.com/articles/iran/2020-03-18/coronavirus-irans-perfect-storm
a[17] موجات التعتيم تجتاح اقتصاد إيران، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2 مارس 2020.
https://rasanah-iiis.org/?p=20058
[18] مصطفى هارون، هل يتعرض قطاع النفط الإيراني لتدهور جديد؟، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 29 مارس 2020.
https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/5420
[19] Ibid
[20] انظر التفاصيل في تصريحات النائب الأول لرئيس البنك الدولي المبعوث الأممي لأجندة التمويل الدولية 2030، وذلك في لقاء تليفزيوني بُث في 29 مارس 2020. https://www.youtube.com/watch?v=SbE0C3jlGvQ
[21] للرجوع إلى نسخة من رسالة ظريف، انظر:
بندر الدوشي، طهران تطلب دعماً لمكافحة كورونا.. والمعارضة تحذر، العربية نت، 13 مارس 2020. https://ara.tv/9qr4q
[22] https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2020/03/13/coronavirus-iran-health-usa