تأخذ الأمم المتحدة بزمام المبادرة نحو الاستجابة العالمية
للتغيُّر المناخي، ومن البديهي أن تلك المنظمة تُعَدُّ هي المنتدى الأهم الذي يمكن
من خلاله التوصل إلى اتفاقيات، وتأطير استراتيجيات تهدف إلى خفض انبعاثات الغازات
المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ومؤازرة الدول في جهودها للتصدي لتلك الظاهرة؛ بعد
أن أصبح تحدي تغيُّر المناخ يشمل كل دولة، ويؤثر بشكل أساسي على كافة مناحي
الحياة، وتطال تداعياته النشاط الاقتصادي بجميع أشكاله، ما جعل قضايا التغيُّر
المناخي أحد أهم الشواغل الأمنية للمجتمع الدولي. ومن هنا فإن الأمم المتحدة باتت
تؤدي دورًا محوريًا في بناء الإجماع العلمي بشأن تلك القضية، واستطاعت أن تجعلها
محور اهتمام الإعلام العالمي، ونجحت في وضعها على رأس أولويات الحكومات والمؤسسات
الدولية[1].
ومن هذا المنطلق، فإن هذه الورقة تهدف إلى تسليط الضوء على الأساليب
التي اعتمدتها المنظمة الدولية، والجهود التي بذلتها للتصدّي لظاهرة التغيُّر
المناخي، والإجراءات التي اتخذتها لتقديم الدعم إلى الدول في سبيل مواجهته، وذلك
عبر التركيز على ثلاثة محاور، بدءًا بتعزيز الإطار القانوني والمؤسسي، من أجل
تحسين الأداء، ووضع الخطط وفقًا لمعايير ودراسات علمية ونَسَقٍ قانوني، مرورًا بمتابعة
تنفيذ هذه الخطط والسياسات على نحوٍ فعّال، عبر تطوير رؤية سياسية واضحة تتسق مع ظروف
وأولويات كل دولة ومنطقة وإقليم، وتختتم الورقة بالخوض في مسألة أهمية تطوير
السياسات الخاصة بتمويل الجهود الخاصة بمكافحة تغيُّر المناخ.
أولًا: الإطار القانوني والمؤسسي الأممي لمواجهة التغير المناخي
1- برنامج الأمم المتحدة للبيئة
بادئ
ذي بدء، فإن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، الذي تم إنشاؤه في عام 1972، يُعَدُّ السلطة العالمية الرائدة
في مجال الحفاظ على البيئة، وتعزيز مرونتها واستجابتها للأزمات والظواهر الطبيعية.
وتتمثل مهمته الرئيسية في تمكين الدول والشعوب من تحسين نوعية حياتها دون المساس
بحياة الأجيال القادمة، وذلك من خلال تضمين عنصر “الاستدامة” في الأنشطة
المختلفة للبرنامج. ومنذ تأسيسه، عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة مع كل من
الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وكذلك مع كيانات الأمم المتحدة ذات الصلة،
لمعالجة التحديات البيئية الأكثر إلحاحًا، والعمل من أجل التحول إلى اقتصادات
منخفضة الكربون وفعالة في استخدام الموارد الطبيعية، وتعزيز الإدارة البيئية
والحوكمة، من أجل تعزيز الاقتصاد الأخضر، وتشمل أنشطة البرنامج جميع دول المنظمة[2].
2- الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيُّر المناخ
تم إنشاء “الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيُّر
المناخ” من قِبَل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وبرنامج الأمم المتحدة
للبيئة في عام 1988. ويُناط بتلك الهيئة إتاحة وتوفير مصدر موضوعي وموثوق، والحصول
على تقييمات منتظمة للمعلومات العلمية، بشأن ظاهرة التغيُّر المناخي وتأثيراتها
المختلفة ومخاطرها المستقبلية، ومن ثمّ إصدار التوصيات والتقديرات وخيارات التكيُّف
والتخفيف للدول والحكومات لكي تعمل وفقها[3].
3- اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ
من المعروف أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر
المناخ قد انبثقت عن قمة الأرض التي انعقدت في عام 1992، كآلية للتصدي لإشكالية
التغيُّر المناخي، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك من خلال كبح التدخلات
البشرية التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقُم الظاهرة، وفي إطار زمني يسمح للنظم
الإيكولوجية بالتكيُّف بشكل طبيعي. وتتمتع تلك الاتفاقية حاليًا بعضوية شبه
عالمية، حيث حظيت بتصديق نحو 198 دولة، ما يجعل قراراتها تتمتع بقوة واستجابة خاصة[4].
4- بروتوكول “كيوتو”
يُذْكَر أن الدول قد دخلت في مفاوضات عام 1995؛ بهدف تطوير
آليات عالمية أقوى للاستجابة للتغيُّر المناخي، وتمخض عن ذلك اعتماد ما يُعرف باسم
بروتوكول “كيوتو” في عام 1997، والذي يُلزم الدول الأطراف قانونيًا بأهداف
خفض الانبعاثات[5].
5- اتفاق باريس
في المؤتمر الحادي والعشرين للأطراف، الذي انعقد في باريس عام
2015، توصلت 197 دولة إلى اتفاقية باريس التاريخية لمكافحة التغيُّر المناخي، وتسريع
الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام، والحفاظ على درجة حرارة
الأرض أقل من درجة ونصف درجة مئوية، والوصول إلى صافي صفر انبعاثات للحد من ارتفاع
درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين، مع تقديم الدعم، لأول
مرة، لمساعدة البلدان النامية على تحقيق أهداف المناخ[6].
6- أهداف التنمية المستدامة
من ضمن أهداف التنمية المستدامة، التي أقرّتها الدول الأعضاء في
الأمم المتحدة عام 2015، نلقي الضوء – بوجه خاص – على الهدف رقم 13، وهو المعنيّ
بـ “العمل المناخي”، والذي يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة التغيُّر
المناخي والتخفيف من آثاره والتكيُّف معها، وينبغي ملاحظة أن هذا الهدف يرتبط
ارتباطًا وثيقًا بجميع الأهداف الستة عشر الأخرى لخطة التنمية المستدامة لعام 2030،
وهو ما يؤكد الدعم الوثيق من قِبَل المنظمة الدولية لإيجاد بيئة عالمية أكثر
استدامة[7].
7- المفوضية السامية لحقوق الإنسان:
نظرًا لأن التغير المناخي يهدد إمكانية التمتع الكامل بحقوق
الإنسان في أشكالها المتنوعة، ولا سيّما الحق في الصحة، والحق في الغذاء، ومياه
الشرب النظيفة وغيرها، فقد حرصت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان على
مجابهة التغيُّر المناخي. على سبيل المثال، نجد أن خطة عمل المفوضية السامية لحقوق
الإنسان، في الفترة من 2018 وحتى 2021، قد استهدفت ضمان تنفيذ الخطط والسياسات
البيئية والمناخية الدولية والوطنية، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق
الإنسان. ووفقًا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاق باريس بشأن تغير المناخ،
دأبت المفوضية السامية على تطوير نهجٍ مستند إلى حقوق الإنسان، ضمن الإجراءات ذات
الصلة بالمناخ، ويتطلب هذا الأمر أن تقوم الدول باتخاذ تدابير طموحة وشاملة
للتخفيف من التغيُّر المناخي وللتكيُّف مع آثاره[8].
8- المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال
التجارية وحقوق الإنسان:
عمدت الأمم المتحدة، من خلال إقرار “المبادئ التوجيهية
بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”، إلى دعم وتعزيز التدابير الفعالة
لمواجهة التغيُّر المناخي، حيث تتضمن تلك المبادئ جهود التخفيف من آثار تغيُّر
المناخ، التي ينبغي على الدول والشركات وأصحاب المصلحة المعنيين اتخاذها. فعلى
سبيل المثال، تنص تلك المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان بشكل
صريح على أنه يقع على عاتق الشركات مسؤولية “عدم إلحاق الضرر”. كما أن
الدول – في إطار تلك المبادئ – ينبغي عليها أن تتخذ حزمة من الإجراءات الفعالة
لحماية الأشخاص من تغيُّر المناخ الناجم عن الأعمال التجارية داخل أراضيها، مع
الوضع في الاعتبار أن مؤسسات الأعمال التجارية قد لا تتمكن من الوفاء بمسؤولياتها
بشأن احترام حقوق الإنسان المُعترف بها دوليًا، ما لم تدمج اعتبارات التغيُّر
المناخي في سياسات حقوق الإنسان. هذا بالإضافة إلى استخدام آليات متنوعة – قضائية
وغير قضائية – لالتماس سُبُل الإنصاف ضد الدول والشركات التي تتسبب في حدوث تغيُّر
المناخ، أو تسهم فيه، أو تفشل في منعه[9] [10].
ثانيًا: الإطار السياساتي للأمم المتحدة بصدد قضايا المناخ
ومن خلال برامج الأمم المتحدة وإطارها المؤسسي، فإنها تلتزم
بتقديم حوافز لكل من الدول النامية والمتقدمة لمواجهة التغيُّر المناخي، وتشجعها
على التحوُّل صوب بيئة نظيفة أكثر استدامة، من خلال تطوير مجموعة من السياسات
والأُطر الاستراتيجية لكل منطقة، وفقًا لإمكاناتها وظروفها، ونمط تأثُّرها بتغيُّر
المناخ؛ وذلك في سبيل تعزيز التنمية والنمو، وتوطيد دعائم الأمن القومي التقليدي
وغير التقليدي للبلدان كافة. ويُمكن توضيح الإطار السياسي للأمم المتحدة بشأن
قضايا المناخ من خلال تصنيف جهود المنظمة على أساس مستوى التنمية للدول.
1- دعم الدول النامية والأقل نُمُوًا
من خلال برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تدعم الأمم المتحدة،
بكافة الآليات والسبل، الدول النامية في مجابهة آثار التغيُّر المناخي والحد من
حدوثه. في هذا الشأن، وعلى سبيل المثال، فإن برنامج الأمم المتحدة للبيئة في منطقة
آسيا والمحيط الهادي، التي تُعَدُّ واحدة من أكثر المناطق عرضة لتهديدات التغير
المناخي، يركز البرنامج على تزويد الحكومات والجهات والمؤسسات المعنية بالمعرفة
المهمة حول العلوم والسياسات وأفضل الممارسات للتكيُّف مع الظاهرة، فضلًا عن تقييم
الاحتياجات التكنولوجية، وتسهيل نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى تلك الدول؛ لكي
تمكنها من اتخاذ إجراءات التكيُّف والتخفيف، وكذا دمج مسألة تغيُّر المناخ في
السياسات والخطط الوطنية والقطاعية، وتسهيل الحصول على التمويل[11].
جديرٌ بالذكر أن الأمم المتحدة، بأجهزتها المختصة، لم تتوانَ عن
دعم أقل البلدان نُمُوًا في وضع خطط التكيُّف الوطنية. وغنيٌّ عن البيان أن هذه الدول
– مثل العديد من دول إفريقيا – لا تُسهم إلَّا بنسب ضئيلة في تفاقم ظاهرة تغير
المناخ؛ حيث إن نسبة إسهامها لا تتجاوز من 2% إلى 3% من الانبعاثات العالمية. ومع
ذلك فإنها تُعَدُّ أكثر المناطق في العالم عرضة للأخطار الناجمة عن تلك الظاهرة. وعلى
الرغم من أن التغيُّر المناخي أضحى قضية عالمية، فإن الدول النامية والمجتمعات
الفقيرة -على وجه الخصوص- هي المعرضة بشكل أكبر لآثاره، ويُعزى ذلك إلى المستويات
المنخفضة للنمو الاجتماعي والاقتصادي، وضعف السياسات والحوكمة، والافتقار إلى
الموارد اللازمة لعمليتيْ التكيُّف والتخفيف، وكذا التمويل اللازم[12].
ولمجابهة تلك الإشكالية، فإن عمل “برنامج الأمم المتحدة
للبيئة” بشأن تغير المناخ في أفريقيا، على سبيل المثال، يركز اهتمامه على دعم
تلك البلدان؛ لوضع هيكل محدد يضمن قيامها بتنفيذ التزاماتها المتعلقة بالعمل
المناخي، والمعروفة باسم “المساهمات المحددة وطنيًا” – وهي خطة العمل
المناخي لخفض الانبعاثات وتحسين التكيُّف مع تأثيرات تغيُّر المناخ – ولكن مع
مراعاة الأولويات الاجتماعية والاقتصادية، وضمان الأمن الغذائي للفئات الفقيرة، وتوليد
الدخل، وتوفير فرص لإقامة المشروعات التي من شأنها تشغيل الشباب وتحقيق التوسع
الاقتصادي والتنمية، ويتسنى تحقيق ذلك من خلال دفع العمل المناخي والبيئي باعتباره
فرصة استثمارية ومصدرًا للتحسين الاجتماعي والاقتصادي[13].
2- الاستجابة لتغير المناخ في الدول المتقدمة
من المُسَلَّم به أن الدول الصناعية والمتقدمة تحتاج إلى أنماط
أخرى من السياسات والاستراتيجيات والشراكات؛ للاستجابة للتغيُّر المناخي، ولاسيّما
أن أهداف تلك الدول ودوافعها تختلف بشكل أو بآخر عن
نظيرتها النامية. وفي هذا الإطار تقوم الأمم المتحدة بمساعدة تلك الدول على تحقيق
التكيُّف، وبناء القدرة على الصمود مع تغيُّر المناخ، والتحرك نحو مجتمعات منخفضة
الكربون، والحد من الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في أوروبا؛
وتمويل نماذج جديدة مبتكرة للاقتصاد الأخضر[14].
في سياق مُتصل، تعتمد غالبية نظم الطاقة العالمية على الوقود
الأحفوري لتلبية احتياجات اقتصادات الدول، خاصة الصناعية المتقدمة. وعلى الرغم من
المعدل السريع للابتكار التكنولوجي، فإن خيارات الطاقة الجديدة والمتجددة وكفاءة
الطاقة لا تزال تواجه منافسة قوية مع تكنولوجيات مصادر الطاقة كثيفة الكربون. وبما
أن انبعاثات الغازات الدفيئة هي المسؤولة عن أكثر من 60% من أسباب تغيُّر المناخ، فإن
برنامج الأمم المتحدة للبيئة أصبح يدعم التحوُّل إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح
والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الحيوية، إلى جانب مجموعة متنوعة أخرى من أنظمة
تخزين الطاقة الجديدة؛ لتشجيع القادة الحكوميين ورجال الأعمال في دول مثل الولايات
المتحدة الأمريكية وكندا على تحقيق تقدم في مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة حصتها
في مزيج الطاقة وتعزيز كفاءة الطاقة. كما يركز عمل الأمم المتحدة في تلك المناطق
أيضًا على تعزيز العمل المناخي، من خلال سياسة مناخية إقليمية، تركز على العدالة
المناخية والبيئية؛ لتحقيق العدالة في توزيع الأعباء المادية وتكاليف التخفيف[15].
ثالثًا: تمويل المناخ
تنطلق سياسة “تمويل المناخ” الأممية من رؤية مفادها
أنه “بدون الاستثمار في القطاعات الصحيحة، لن يتمكن العالم من تحقيق أهدافه
المناخية، ما يؤدي – بدوره – إلى زيادة تأثيرات التغيُّر المناخي التي تهدد صحة
الأشخاص ورفاهيتهم في كل مكان”[16]. وبناءً على هذه الحقيقة، وعلى
ضوء اتفاقية
الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ، وبروتوكول كيوتو، واتفاقية باريس، في
إطار كل ذلك يتعيّن على الأطراف التي تمتلك موارد مالية أكبر أن تبادر إلى تقديم
المساعدة المالية إلى الأطراف الأكثر ضعفًا؛ من أجل تعزيز استثمارات التخفيف ومشروعاته
واسعة النطاق، ومنها تمويل التحوُّل إلى الطاقة المتجددة؛ مثل طاقة الرياح والطاقة
الشمسية. ووفقًا
لمبدأ “المسؤوليات المشتركة لكن المتباينة” المنصوص عليه في الاتفاقية،
يتعيّن على الدول المتقدمة أن تقوم بتمويل البلدان النامية لمساعدتها في تنفيذ
أهداف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ. ويُعَدُّ هذا الأمر اعترافًا
ضمنيًا بأن مساهمة البلدان في تغيُّر المناخ، وقدرتها على كبحه والتعامل مع عواقبه،
تتباين بشكل كبير[17].
يُذكر في هذا الصدد أن اتفاق باريس لعام 2015 يؤكد أيضًا على
التزامات البلدان المتقدمة في تأمين التمويل اللازم لنظيرتها النامية والأقل نموًا،
من خلال مجموعة واسعة من المصادر والقنوات والآليات. وقد التزمت الدول الأكثر
تقدمًا – بمقتضى ذلك الاتفاق – بتمويل الدول النامية بما لا يقل عن 100 مليار
دولار سنويًا بحلول عام 2020، لتخفيف آثار التغيُّر المناخي، كما تم الاتفاق على
زيادة تمويل التكيُّف بشكل كبير. وعلى الرغم من إحراز تقدم في كلا الهدفين، إلَّا
أن التمويل لا يزال أقل من المنشود، خاصةً في خضم تفاقم الظاهرة واتساع نطاق
آثارها[18].
وفي هذا السياق ينبغي ملاحظة أن سياسة تمويل المناخ الأممية تنطلق من منظور تحقيق “العدالة المناخية”؛ إذ إن الأمم المتحدة تنظر إلى توفير التمويل الكافي واستثماره في القطاعات والمشروعات المستهدَفة، باعتباره السبيل الفعال لتحقيق العدالة المناخية. ومن ثَمَّ، وضع الأمين العام للأمم المتحدة “خطة التسريع” لعام 2023، التي تتكون من ستة إجراءات رئيسية، مُوَجَّهَة إلى الحكومات والشركات والقادة الماليين، وهي: الوفاء باتفاق باريس بتقديم 100 مليار دولار للدول النامية من أجل العمل المناخي، ومضاعفة التمويل لمساعدة الدول على التكيُّف مع تأثيرات المناخ، وإصلاح البنك الدولي وبنوك التنمية الأخرى لتلبية الهدف المنشود، وتجديد موارد الصندوق الأخضر للمناخ في عام 2023، وهو أكبر صندوق لتمويل المناخ في العالم، وقد تم إنشاؤه بموجب اتفاق باريس لتوجيه التمويل إلى البلدان النامية، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار لعام 2023، وحماية جميع الأشخاص من الكوارث المناخية من خلال أنظمة الإنذار المبكر بحلول عام 2027[19].
الخاتمة
يتضح مما سبق أن آليات الأمم المتحدة السياسية وقوانينها المعنيّة بقضايا التغيُّر المناخي تَتَنَوَّع، وأن المنظمة تنطلق وفقًا لرؤية مُحددة ومستندة إلى حقائق علمية واضحة؛ حتى يتأتّى لها تحقيق المستهدفات بأفضل السبل الممكنة، وبما يتسق مع ظروف كل دولة، ويحيط بأبعاد كل إشكالية. وقد نجحت المنظمة بدرجة يُعْتَدُّ بها في تمكين العديد من الدول من تطوير أدواتها – خاصة التكنولوجية – لمجابهة آثار التغيُّر المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وعلى الرغم من أنه ما يزال هناك العديد من التحديات والصعوبات، فإن الأمم المتحدة لم تتوانَ عن تطوير آليات مُستحدثة لتعزيز المرونة والاستجابة اللازمتيْن لإحراز تقدم بصدد قضايا التغيُّر المناخي.
[1]
The United Nations, “The UN Role in Climate Change Action: Taking The Lead
Towards A Global Response”, UN, 2007, available at: https://www.un.org/en/chronicle/article/un-role-climate-change-action-taking-lead-towards-global-response
[2]
UNEP, “About the United Nations Environment Programme”, UNEP, available at: https://www.unep.org/who-we-are/about-us
[3]
IPCC, “History of the IPCC”, Intergovernmental Panel on Climate Change,
available at: https://www.ipcc.ch/about/history/
[4]
UN, “The United Nations Framework
Convention on Climate Change”, available at: https://unfccc.int/
[5] الأمم المتحدة، “تغير المناخ”، موقع
الأمم المتحدة، متاح على الرابط: https://www.un.org/ar/global-issues/climate-change#:~:text=%D8%AA%D8%B9%D8%AF%20%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%20%D9%81%D9%8A,%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D9%87%D9%8A%20%D8%B7%D8%B1%D9%81%D8%A7%20%D9%81%D9%8A%D9%87%D8%A7.
[6] المرجع السابق
[7]
UN, “Sustainable Development Goals:
Climate Action”, available at: https://www.un.org/sustainabledevelopment/climate-action/#:~:text=Goal%2013%20calls%20for%20urgent,well%20below%202%20degrees%20Celsius.
[8] ميشيل باشيليت،
“المفوضية السامية لحقوق الإنسان وتغير المناخ”، الأمم المتحدة، سبتمبر
2019، متاح على الرابط: https://www.ohchr.org/ar/climate-change
[9] مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق
الإنسان، “التغيّر المناخي والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال
التجارية وحقوق الإنسان”، موقع مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق
الإنسان، متاح على الرابط: https://www.ohchr.org/ar/special-procedures/wg-business/climate-change-and-ungps
[10] منظمة العفو الدولية، “عالميًا: الاتفاق في
مؤتمر المناخ كوب 28 على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري أمر جوهري لمنع كارثة
مناخية وحقوقية”، موقع منظمة العفو الدولية، نوفمبر 2023، متاح على الرابط: https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2023/11/global-agreement-at-cop28-to-phase-out-fossil-fuels-is-vital-to-prevent-a-climate-and-human-rights-catastrophe/
[11]
UNEP, “Helping countries tackle climate
change”, UNEP, available at: https://www.unep.org/regions/asia-and-pacific/regional-initiatives/helping-countries-tackle-climate-change
[12]
UNEP, “Responding to climate change,
Africa”, UNEP, available at: https://www.unep.org/regions/africa/regional-initiatives/responding-climate-change#:~:text=To%20this%20end%2C%20UNEP%20Africa,leading%20socioeconomic%20priorities%20%E2%80%93%20food%20security%2C
[13]
Ibid
[14]
UNEP, “Responding to climate change,
Europe”, UNEP, available at: https://www.unep.org/fr/node/18251
[15]
UNEP, “Taking Climate Action”, available
at: https://www.unep.org/regions/north-america/regional-initiatives/taking-climate-action
[16]
UN, “Why finance climate action?”, UN,
available at: https://www.un.org/en/climatechange/why-finance-climate-action
[17]
UNFCCC, “Introduction to Climate Finance”,
UNFCCC, available at: https://unfccc.int/topics/introduction-to-climate-finance
[18]
UN, “Why finance climate…., Op.cit.
[19] الأمم المتحدة،
“التمويل والعدالة”، 2023، موقع الأمم المتحدة، متاح على الرابط: https://www.un.org/ar/climatechange/raising-ambition/climate-finance