- الأمير تركي الفيصل: افتتاح “تريندز” لفرع في كيب تاون التي تحمل ذكرى وروح أسطورتها مانديلا يستحق التقدير الكامل
- سعادة السفير الهاملي : خطوة نحو تعزيز البحث العلمي ودور مراكز الفكر
- زوندا مانديلا: دور كبير للمفكرين والباحثين في صياغة الاحداث
- د. محمد العلي: قناعة تامة بأهمية القارة الأفريقية
- د. حمد الكعبي: علاقات إنسانية – ونعتز بشراكتنا الإعلامية مع “تريندز”
- ممثلو المراكز الفكرية: ضرورة تعزيز التعاون وبناء شراكات
- أهمية تحوّل مراكز الفكر من أدوار تقليدية إلى مشاركة فاعلة
في باكورة أعمال مكتبه في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات، الفعالية الأولى ضمن سلسلة الموائد المستديرة العالمية لمركز تريندز: الشرق الأوسط وأفريقيا، بعنوان “تعزيز إمكانات مراكز الفكر: أفكار جديدة واستراتيجيات مبتكرة للمشاركة المؤثرة”، بمشاركة نخبة من الشخصيات السياسية المهمة، ومجموعة من ممثلي ومسؤولي المراكز الفكرية والبحثية في 11 دولة بالمنطقتين.
دور محوري
وقد استهلت أعمال الجلسة بكلمة افتتاحية للدكتور محمد عبداللـه العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، مؤكداً أهمية مراكز الفكر والدراسات في عالم اليوم، وأنها لم تعد تقتصر على دراسة الظواهر وتحليلها، بل أصبحت تؤدي دوراً محورياً في صنع المستقبل من خلال دعم صناع السياسات وأصحاب المصلحة بالتوجهات والأفكار والاستراتيجيات الجديدة.
وأضاف الدكتور العلي، أنّ مراكز الفكر تتحوّل من مجرد مراكز للفكر إلى مراكز للتغيير، من خلال استشراف المستقبل والمشاركة في صنعه، خاصة التنبؤ بالأزمات والكوارث المحتملة، وإحاطة صانعي القرار والجهات المعنية بها حتى يمكن الاستعداد الجيد والاستباقي لها.
وأوضح، أن حرص “تريندز” على عقد هذه المائدة المستديرة العالمية كأولى فعاليات فرعه في جنوب أفريقيا، يأتي انطلاقاً من قناعته التامة بأهمية القارة الأفريقية، التي تزخر بالعديد من الفرص والموارد والقدرات التي تؤهلها للانطلاق في المسار التنموي بما يحقق طموحات شعوبها في التنمية والرخاء والاستقرار.
علاقات إنسانية وشراكة اقتصادية
وفي كلمة افتتاحية مماثلة، أشار الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الأخبار إلى أن دولة الإمارات وجنوب أفريقيا تتمتعان بعلاقات تاريخية وثيقة وشراكة اقتصادية متنامية، حيث تحتفل الدولتان هذا العام بالذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وقال: “إن البلدين يرتبطان بعلاقات إنسانية قوية، تجسدت في اللقاء التاريخي بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، والزعيم الراحل نيلسون مانديلا عام 1995.
وأعرب الكعبي عن اعتزازه بأن يكون مركز الاتحاد للأخبار الشريك الإعلامي الرئيسي لفعاليات “تريندز” في المنطقة، بما في ذلك المؤتمرات والفعاليات وورش العمل، موضحاً أن الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين ورجال الأعمال وقادة الفكر تُعد فرصةً مثاليةً لتبادل الأفكار، وتعزيز التعاون، ونقل الصورة الحقيقية.
خطوة تعزز البحث العلمي
ًوفي الكلمة الترحيبية أعرب سعادة محش سعيد الهاملي سفير دولة الإمارات لدى جنوب أفريقيا عن سعادته بافتتاح مكتب لمركز تريندز للبحوث والاستشارات في جنوب أفريقيا. مشيرا إلى اننا خطوة ستساهم في تعزيز التعاون العلمي والبحثي مع دول أفريقيا. وهذا البلد يزخر بالكفاءات التي ستقدم أفكاراً وخبرات تعزز المعرفة في العديد من المجالات.
وأضاف إذا نظرنا إلى حركة التجارة من الشرق الأوسط إلى أفريقيا ومن أفريقيا إلى الشرق الأوسط، نرى أن أفريقيا تمثل سلة لكل شيء، بما في ذلك الطاقة والأمن الغذائي.
وأوضح السفير الهاملي ان القارة الأفريقية تتسم بشكل عام، ولا سيما جنوب أفريقيا، بأهمية كبيرة بالنسبة لنا، حيث يعمل مواطني جنوب أفريقيا في دولة الإمارات في القطاعات المهمة مثل الصحة والتعليم.
مشيراً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة وجنوب أفريقيا وقعتا اتفاقيات في مجال الفضاء. كما أننا نعمل على العديد من المبادرات لدعم التعليم العالي والمدارس في جنوب أفريقيا على فتح فروع من الجامعات الجنوب أفريقية في دولة الإمارات كما تضطلع جنوب أفريقيا بدور مهم في دعم القضايا العربية.
نظام عالمي جديد
وفي الكلمة الرئيسية للمائدة المستديرة، اعرب صاحب السمو الملكي، الأمير تركي الفيصل، مؤسس وعضو مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، في بدايتها عن الشكر والتقدير لمركز “تريندز” ورئيسه على دعوته للتحدث أمام هذا الجمهور المتميز في هذا اللقاء العالمي، قائلاً: “يسعدني أن أهنئ مركز “تريندز” على افتتاح فرعٍ له في جنوب أفريقيا، ومساهمته في نشر المعرفة، وتعزيز التفاهم بين الدول الأفريقية والعربية التي تجمعها العديد من المصالح المشتركة، والتي كانت ضحية للقوى الاستعمارية العالمية والنظام الدولي نفسه”.
وأكد الأمير خالد الفيصل، أن افتتاح فرع لـ”تريندز” في هذه المدينة التاريخية، التي تحمل ذكرى وروح أسطورتها الراحل نيلسون مانديلا يستحق التقدير الكامل.. فهذه الذكرى والروح تتجاوز حدود جنوب إفريقيا لتشمل العالم أجمع، وبالتالي فإن البحث عن العدالة هو إرث هذا القائد العظيم.
وقال إن المصالح المشتركة بين الشعوب العربية والأفريقية والروابط التاريخية؛ هي ما تعزّز هذا الانفتاح البحثي بين مراكز الفكر العربية والأفريقية، وأن اختيار جنوب أفريقيا من أجل انطلاق “تريندز” إلى أفريقياً خيار موفق، لما توليه جنوب أفريقيا من اهتمام للقضايا العربية.
واكد سمو الأمير تركي الفيصل أن حالة عدم اليقين العالمي وإعادة تشكيل موازين القوى العالمية وضرورات التحولات العالمية والرؤى الإصلاحية خاصة في إدارة مجلس الأمن للقضايا العالمية، يدفع بنا للتأكيد على ضرورة إعادة بناء رؤية عادلة وشاملة وواقعية واستراتيجية للنظام العالمي الراهن.
وأضاف ان صياغة مثل تلك الرؤية تتطلب العمل المشترك بين المعنيين، لنكون فاعلين في النظام العالمي وليس ضحايا مجدّداً لسياسات القوى العالمية، وتُعد دول الخليج، والمملكة العربية السعودية، وجنوب إفريقيا، مؤهلة للقيام بهذا الدور.
دور جوهري
في كلمة رئيسية أشاد زوندوا مانديلا، رئيس مؤسسة إرث مانديلا، بجهود “تريندز” البحثية وافتتاح مكتبه في كيب تاون، ودعا إلى دعم وتعاون أكبر مع المؤسسات الفكرية ومراكز الأبحاث لمعالجة التحديات التي تواجه جنوب إفريقيا، بما في ذلك بطالة الشباب.
أكد مانديلا على دور المفكرين والباحثين والهياكل المنظمة في صياغة دستور جنوب إفريقيا الجديد بعد انهيار نظام الفصل العنصري، مشيداً بمساهماتهم في تعزيز قيم المساواة والعدالة والديمقراطية.
وشدّد على أهمية الاستمرار في دعم هذه المؤسسات، مشيراً إلى دورها الحاسم في تطوير حلول مبتكرة لمواجهة مشكلات مثل بطالة الشباب.
وأشار زوندا مانديلا، إلى أن الأبحاث التي أجرتها مراكز الأبحاث، مثل وحدة أبحاث السياسات الإنمائية (DPRU) في جامعة كيب تاون قد ساعدت في تشكيل سياسات حكومية فعالة، لتعزيز التدريب المهني وتحسين الوصول إلى التعليم العالي وخلق فرص العمل.
وأكد مانديلا على ضرورة التعاون بين جميع القطاعات، بما في ذلك الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان مستقبل مزدهر لجميع مواطني جنوب إفريقيا.
وختم كلمته بالقول: “إن الاجتماع بداية، والالتزام معاً تقدم، والعمل معاً هو النجاح”.
الجلسة الأولى: دور وتأثير مؤسسات الفكر والرأي في تشكيل صنع السياسات
عقب ذلك؛ بدأت أعمال المائدة المستديرة التي قدمت لها الباحثة شريفة الرئيسي، نائب رئيس قطاع الاستشارات في “تريندز”، بجلسة حول دور وتأثير مؤسسات الفكر والرأي في تشكيل صنع السياسات. وقال مدير الجلسة الباحث عوض البريكي، رئيس قطاع “تريندز” غلوبال، إن الجلسة تسعى إلى تقييم دور مؤسسات الفكر والرأي في مختلف دول الشرق الأوسط ودول شرق أفريقيا وكيف أثرت في التغيير، واستكشاف التجارب العملية لوضع السياسات، ووظيفة وقيمة مؤسسات الفكر والرأي في مراحلها المختلفة.
الشورى راسخة
واستهل الحديث الدكتور عمر أحمد العبيدلي، مدير الدراسات والبحوث بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية، قائلاً: “إن مفهوم الشورى راسخ منذ العصور الأولى وجزء من الثقافة العربية والإسلامية، ولكننا نصرّ في كثيرٍ من الأحيان على أن تكون عملية مغلقة وليست مفتوحة. وأضاف، أن جعل الشورى علنيةً يجبرنا على التفكير بجدية أكبر، ويعرِّض أفكارنا لتحليل أكثر، ويجعل الشورى أفضل ويثري الخطاب العام، ويسمح للمسؤولين بالاستفادة من أفكار مجموعة أكبر كثيراً من المستشارين، مما يساعد في كسر التفكير الراسخ.
الدبلوماسية الاقتصادية
بدوره قال سعادة نيكولاي ملادينوف، المدير العام لأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، إن تجربة دولة الإمارات قادت إلى تقدير مزايا إقامة سلاسل قيمة إقليمية تعزّز التجارة البينية وتشجع زيادة التصنيع، مع ما يصاحب ذلك من عمليات خلق فرص العمل ونقل التكنولوجيا وزيادة القدرة التنافسية داخل المنطقة.
وأشار إلى أن الدبلوماسية الاقتصادية تضطلع بدورٍ كبيرٍ في تهيئة بيئة أعمال تحفز نمو التجارة بالمساعدة على زيادة الاستثمار، لدعم المبادرات التجارية الإقليمية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر.
الاستثمار في التدريب
إلى ذلك أوضح البروفيسور جواو بوسكو مونتي، مؤسس ورئيس معهد البرازيل أفريقيا، أن الاستثمار في التدريب والبرامج الرامية إلى تعزيز القدرات البحثية لمراكز الفكر يُعد أمراً أساسيّاً لدفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات الضعيفة، مشدداً على أن بناء شبكات تعاونية بين مراكز الفكر في جميع أنحاء الجنوب العالمي أمر مهم لتبادل المعارف والممارسات المبتكرة في الشرق الأوسط وأفريقيا والبرازيل.
مركز الفكر وتشكيل السياسات
من جانبه أكد السيد ديفيد ويليام، ممثل معهد الدراسات الأمنية (ISS)بجنوب أفريقيا، على الدور المحوري الذي تلعبه مراكز الفكر في صياغة السياسات بالشرق الأوسط وأفريقيا، نظراً إلى الترابط الجغرافي والتاريخي والسياسي والاقتصادي بين المنطقتين.
وشدّد ويليامز على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي بين مراكز الفكر والوكالات الحكومية والمنظمات الدولية، مشيراً إلى أن هذه الشراكات ضرورية لتبادل المعرفة وتطوير السياسات المشتركة، لاسيما في مواجهة التحديات المشتركة.
الجلسة الثانية: تحديات التنظيم والسياسات العامة التي تواجه مراكز البحوث
وعقب استراحة قصيرة، عُقدت الجلسة الثانية ضمن المائدة المستديرة بإدارة الباحثة سمية الحضرمي، نائب رئيس قطاع “تريندز” غلوبال، التي أشارت إلى أن بناء شبكات قوية يمكن أن يحسن الوصول إلى المعلومات ويزيد من وضوح عملهم وتأثيره. وقالت، إن التدريب المستمر والتطوير المهني ضروريان لمواكبة المشهد السياسي المتطوّر، ويجب على مؤسسات الفكر والرأي أن تستثمر في موظفيها للتأكد من أنهم مجهزون بأحدث المنهجيات والأدوات التحليلية.
مخرجات مراكز التفكير
وقال الدكتور ناجي الصيعري، مدير إدارة البحوث والابتكار وعميد كلية الجاهزية بالإنابة في أكاديمية ربدان، إن مخرجات مراكز التفكير من دراسات وبحوث استراتيجية، تكتسي أهمية كبيرة لمساعدة صنّاع القرار على مراعاة مختلف المدخلات المستقاة من المصادر المختلفة لاتخاذ الخطوات الصحيحة.
وتوقف الصيعري عند بعض التحديات المحورية التي تواجهها مراكز الفكر في الشرق الأوسط وأفريقيا على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن مواجهة هذه التحديات يتطلب التصدي واتباع نهج متعدّد الأوجه، وإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لمؤسسات الفكر والرأي لنضمن استمرارها في الاضطلاع بدورٍ حاسمٍ في تشكيل السياسة العامة المستنيرة والفعالة.
التنسيق والدعم
أما الدكتور علي عيسى، المدير العام لمعهد السياسة الاجتماعية، فقد أكد أن مساعدة مراكز الفكر الأفريقية للحصول على التمويل المرن والمستدام، سيعزّز تحقيق القارة للنمو الشامل للجميع والتحول على المدى الطويل، مشيراً إلى أن التنسيق بين المؤسسات البحثية المستقلة ومقرري السياسات في القطاع الحكومي مهم جداً لبناء الثقة؛ من أجل مساعدة البلدان الأفريقية على تهيئة بيئة تمكينية للسياسات السليمة والحوكمة الرشيدة.
الربط الشبكي
بدوره قال الدكتور إيمانويل أوسو-سيكير، مدير البحوث والسياسات والبرامج في المركز الأفريقي -التحول الاقتصادي، إن بإمكان مراكز البحث والفكر أن نكون أكثر فعالية إذا عملت في بيئة تستند إلى شبكة جيدة التنسيق من مراكز الفكر والتنفيذ الأخرى والأوساط الأكاديمية والمؤسسات البحثية والشركاء التنمويين والقطاع الخاص والحكومة، مؤكداً أن الربط الشبكي على مختلف المستويات وفي مختلف الاتجاهات أمر عظيم الأهمية.
المستقبل يتطلب عملاً مشتركاً
من جانبها أوضحت الدكتورة هايدي علي، نائب مدير مركز الاقتصاد والبحوث المالية والدراسات بجامعة القاهرة، أن مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية يؤمن بأن البحوث المفيدة تقوم على التعاون، مؤكدة أهمية مناقشة الكيفية التي يمكن بها لمؤسسات الفكر والمراكز البحثية الأفريقية العمل معاً من أجل تحسين عملية صنع السياسات، مثمنة دور وجهود مركز تريندز للبحوث والاستشارات على أخذ زمام المبادرة في هذا الشأن.
وتوقفت عند جهود مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية وما يحدثه من أثرٍ في مصر، مؤكدة أن بناء مستقبل أفضل يتطلب العمل المشترك، مشيدة بسلسلة موائد “تريندز” البحثية العالمية.
قيادة تحولات ملموسة
من جانبة حث الدكتور تايو أدولوجو، المدير التنفيذي النيجيري، القمة الاقتصادية ومراكز الفكر على لعب دور حاسم في تحفيز التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مشدداً على ضرورة أن تُظهر مراكز الفكر آثاراً ملموسة وقابلة للقياس من خلال الاستفادة من تقاطع القضايا المعقدة والديناميكيات السياسية وفرص صنع السياسات.
كما أكد الدكتور تايو، على ضرورة تحول مراكز الفكر من أدوار استشارية تقليدية إلى مشاركين فاعلين في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأن ذلك يتطلب تحالفات استراتيجية، والاستفادة من أدوات التواصل الحديثة، وتسخير البيانات والتكنولوجيا، وتعزيز القدرة على التكيف والصمود.
الجلسة الثالثة: التعاون بين مراكز البحوث في الشرق الأوسط وافريقيا – فرص تحسين جودة المخرجات وأثرها في مجال سياسات التنمية
واختتمت المائدة المستديرة الأولى لـ”تريندز” في جنوب أفريقيا بجلسة ثالثة، أدارها الباحث الرئيسي عبدالعزيز أحمد الشحي، لافتاً إلى أنها تركز على التعاون بين مؤسسات الفكر والرأي في الشرق الأوسط وأفريقيا، وآفاق تحسين جودة وتأثير النواتج في مجال سياسة التنمية، وفرص تحسين جودة المخرجات وأثرها على وجه الخصوص في مجال سياسة التنمية.
“غرف صدى”
قال السيد ريتشارد مورو، المحلل بمؤسسة برينثورست، إن مراكز الفكر معرَّضة للعزلة عن المجالات التي لا تفهمها، مما سيخلق “غرف صدى” لا تسمع فيها سوى صوتها هي، مؤكداً أن على خبراء السياسة الخارجية أن يكونوا على اطّلاع بالشواغل التجارية بنفس قدر اطّلاعهم على نظرية العلاقات الدولية.
بناء القدرات
من جانبها طالبت البروفيسورة فورتوناتا سونغورا ماكيني، المدير التنفيذي لمعهد البحوث الاقتصادية والاجتماعية، مراكز الفكر أن تعتمد المنهجيات البحثية المبتكرة كي تحافظ على أهميتها، والاستفادة من التكنولوجيا والثورة الصناعية الرابعة، مشيرة إلى إمكانية حدوث ذلك من خلال دمج تحليلات البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، لتوفير رؤى أكثر دقة وفي الوقت المناسب لمقرري السياسات، والتواصل مع فئات أوسع من الجمهور وأصحاب المصلحة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والندوات الشبكية وما إلى ذلك ، وقالت، إن التعاون مفتاح زيادة الأثر الذي تحدثه مراكز الفكر.
توفير الأدلة
أما الدكتور جون كارانجا، مدير التطوير المتكامل بمعهد كينيا للسياسة العامة والبحث والتحليل، فقد شدَّد على أن توفير الأدلة عالية الجودة يُعد أمراً مهمّاً لتكريس دور مراكز الفكر في عملية صنع السياسات، لافتاً إلى ضرورة أن ترسخ مؤسسات الفكر تأثيرها في عمليات صنع القرار المرتبطة بخطط التنمية الوطنية.
وقال، إن مقرري السياسات يحتاجون إلى الأدلة، وعلى مراكز الفكر أن تتعاون وتنسق الجهود لدعم خطط التنمية الوطنية.
الاستقلالية
من جانبه طالب السيد نذير باندور، مدير تطوير الأعمال بمعهد زامبيا للسياسة والتحليل والبحث، الحكومات بدعم استقلالية مراكز الفكر إذا أريد لكلا الجانبين أن يحدثا أثراً على عملية التنمية في أي بلد، قائلاً: “إن الاستثمار في الأفكار المستقلة والمتكاملة من شأنه المساهمة في التنمية، وهو ما توفره مراكز الفكر”.
وبين نذير باندور، أن التنمية المستدامة موضوع اليوم بالنسبة للقارة الأفريقية والعديد من دول الشرق الأوسط، وأن تعزيز التعاون بين مؤسسات الفكر والرأي في المنطقتين أساسي ويتطلب إنشاء بنية تحتية لشبكة مراكز الأبحاث التي تحدد الهياكل والاستراتيجيات التي سيتم استخدامها لإقامة التعاون واستدامته.
ركيزة أساسية للتنمية المستدامة
واختتمت جلسات المائدة المستديرة بمداخلة للخبير الاقتصادي بنجامين جورج دايفس، مدير مكتب “تريندز كيب تاون”، أوضح فيها أن العالم العربي كان القناة التجارية بالنسبة لأفريقيا إلى بقية العالم ، وأن التكامل الاقتصادي على غرار دول مجلس التعاون الخليجي، وتجربة التحول نحو الطاقة النظيفة مع الاستفادة من الهيدروكربونات القديمة، والنهج المنفتح والشامل للهجرة والعمالة المهاجرة، تستحق النظر فيها كبديل لنماذج التجارة الإقليمية المعيارية للاتحاد الأوروبي أو أمريكا الشمالية، التي يلجأ إليها عادة صناع السياسة الأفارقة.
وشدَّد على أن مؤسسات الفكر والرأي تؤدي دوراً مهماً في تبادل الدروس، من خلال استضافة هذه الأنواع من المنتديات والتعاون حول مجالات الاهتمام المشتركة والعمل كصوت موازن آخر، بالإضافة إلى مجموعات المصالح التجارية والعمالية والسياسية المنظمة جيداً والتي تهيمن على خطاب السياسات.
التوصيات
وفي ختام الجلسات الثلاث، أعلنت الباحثة فاطمة اليماحي اخصائي الاستشارات بتريندز ،التوصيات ، أشارت فيها الى أن المائدة المستديرة التي نظمها مركز تريندز تحت عنوان “تعزيز إمكانات مراكز البحوث: أفكار جديدة واستراتيجيات مبتكرة للتأثير الفعال” ركزت على ثلاثة محاور، وعرض فيها خبراء من 11 مركزاً فكرياً ومؤسسة بحثية في دولة الإمارات والشرق الأوسط وأفريقيا أفكارهم ورؤاهم.
واكدت التوصيات على ضرورة أن تنتج مراكز الفكر أبحاثاً ذات صلة بالموضوعات الراهنة وتشارك بها في النقاشات السياسية الجارية، بحيث يستفيد منها صناع القرار. ومواءمة أجندات البحث مع الأولويات والتحديات الوطنية والإقليمية، وإعطاء الأولوية للأبحاث حول قضايا حاسمة مثل تغير المناخ، وبطالة الشباب، والأمن الغذائي، وحل النزاعات.
وأكد المشاركون على أهمية تطوير إطار لقياس وتوضيح تأثير أبحاث وتوصيات مراكز الفكر على السياسات والمجتمع، وبناء شراكات مع صناع السياسات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لتوسيع نطاق وزيادة تأثير الأبحاث، بما في ذلك المشاركة في وضع أجندات البحث والمشاركة في الحوارات السياسية ونشر النتائج من خلال قنوات متنوعة.
وشدد المشاركون على ضرورة أن تضع مراكز الفكر نفسها ككيانات غير حزبية تعمل كجسور بين الحكومة والقطاع الخاص والجمهور، وتعزيز التعاون والتواصل بين مراكز الفكر والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية على المستويين الإقليمي والعالمي، لتبادل الموارد والخبرات والممارسات الجيدة.
ودعا المشاركون إلى إعطاء الأولوية لتوليد الأفكار الإبداعية والمبتكرة، وخلق ثقافة مجتمعية تدعم التغيير الإيجابي، واعتماد أساليب بحثية وتواصلية مبتكرة.
وطالبوا بتطوير ومشاركة أفضل الممارسات بين مراكز الفكر لتقييم فعالية استراتيجيات المشاركة، مما يتيح لمراكز الفكر تحديد تأثيرها وتعديل الأساليب بناءً على الرؤى المستندة إلى البيانات.
ودعا المشاركون إلى تعزيز التعاون والتواصل بين مراكز الفكر في الإمارات العربية المتحدة وأفريقيا من خلال مشاريع بحثية مشتركة ومنصات لتبادل المعرفة ومبادرات بناء القدرات
ودعا المشاركون إلى تطوير استراتيجيات للتغلب على التحديات التي تواجه مراكز الفكر في الشرق الأوسط وأفريقيا
وشجع المشاركون مراكز الفكر على معالجة الموضوعات الحساسة أو المثيرة للجدل، مثل التسامح والحرية الدينية والإصلاح السياسي وحقوق الإنسان، من خلال البحث الدقيق والحوار البناء والدعوة لصنع السياسات القائمة على الأدلة.
وطالب المشاركون بالاستثمار في بناء القدرات من خلال توفير التدريب والتطوير المهني المستمر للباحثين والموظفين، وتلبية الحاجة الملحة لتأمين تمويل مرن ومستدام لأبحاث السياسات في مراكز الفكر
وأكد المشاركون على دور مراكز الفكر في الدفاع عن استخدام الأدلة والبيانات لاتخاذ توصيات سليمة للسياسات العامة، وبالتالي ينبغي منحها إمكانية الوصول إلى الإحصائيات الحالية.
ودعا المشاركون صناع السياسات والمؤسسات الحكومية التي تحتفظ وتجمع هذه البيانات إلى زيادة إمكانية الوصول إليها لمراكز الفكر حتى تتمكن من تحليلها بشكل فعال وتقديم وجهات نظر مستقلة لصياغة سياسات عامة سليمة.
وطالب المشاركون بتنظيم المزيد من الفعاليات العامة والندوات وورش العمل، عبر الإنترنت وغير متصل، لمشاركة نتائج البحث والتفاعل مع أصحاب المصلحة.
وشدد المشاركون على التأكيد على الدور المتطور لمراكز الفكر، والانتقال من مستشاري السياسات التقليديين إلى المشاركين الفاعلين في تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وهذا أمر بالغ الأهمية في البيئة العالمية المتقلبة وغير المؤكدة والمعقدة والغامضة والمشوشة الحالية.
وفي ختام المائدة المستديرة في كيب تاون ، كرم الدكتور محمد عبداللـه العلي، المشاركين وقدم لهم مجموعة من كتب “تريندز” وإصداراته، إضافة إلى درعٍ تذكاري.