أكدت دراسة بحثية لمركز “تريندز للبحوث والاستشارات” أن جماعة الإخوان المسلمين تشكّل قوة منظمة تسعى لإعادة تشكيل بعض مكونات المجتمع الفرنسي عبر نفوذ أيديولوجي طويل الأمد وشبكات موازية من المؤسسات الاجتماعية والدينية والتعليمية.
وأشارت الدراسة، التي أعدّتها الباحثة شمسة القبيسي تحت عنوان: “الإخوان المسلمون في فرنسا: الهياكل، النفوذ، واستجابة الدولة”، إلى أن الجماعة تعتمد استراتيجية دقيقة تقوم على العمل داخل الأطر القانونية، مع توظيف المؤسسات الرسمية والدينية لتوسيع حضورها وتعزيز رؤيتها المجتمعية القائمة على أولوية الشريعة على القيم الجمهورية العلمانية.
وأوضحت الدراسة، التي جاءت في أعقاب التقرير الحكومي الفرنسي الذي تم رفع السرية عنه في مايو 2025، أن الجماعة تسلك نهجاً مزدوجاً: وجهٌ علني يتمثل في المساجد والمدارس والجمعيات المجتمعية، ووجهٌ خفي يُدار عبر قيادة داخلية تحدد التوجه الأيديولوجي. هذا التوجه يهدف إلى خلق “أنظمة إسلامية موازية” تعيد تعريف مفاهيم الهوية والانتماء والمواطنة وفقاً لقيم تدعي أنها دينية قد تتعارض مع مبادئ الجمهورية الفرنسية.
وحدّدت الدراسة أربعة محاور رئيسية للنفوذ الإخواني في فرنسا: البنية التحتية الدينية (المساجد)، والمؤسسات التعليمية، والتأثير الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والشبكات المجتمعية المحلية. وبيّنت أن هذه المحاور تُستخدم لتشكيل الوعي الديني والسلوك الاجتماعي، بما يعزز نموذجاً حياتياً موازياً للمجتمع المدني الفرنسي.
كما أبرزت الدراسة الدور المحوري للتمويل الخارجي في تمكين الجماعة من بناء مؤسساتها في فرنسا، محذّرة من أن هذه الموارد – رغم قانونيتها الظاهرية – تُسهم في تكوين شبكات مؤسسية موالية أيديولوجياً، وتعمل على نشر خطاب ديني مؤدلج قد لا ينسجم مع قيم الاندماج والانفتاح.