أكد مركز تريندز للبحوث والاستشارات، عبر مكتبه في كندا، أهمية مواكبة التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي في دراسة الظواهر الدينية والحركية، ولاسيما ما يتعلق بخطابات الحركات الإسلاموية وأساليبها في التوظيف الأيديولوجي للتقنيات الحديثة.
جاء ذلك في محاضرة علمية ألقاها الدكتور وائل صالح، مدير مكتب “تريندز” في كندا والمستشار في شؤون الإسلام السياسي بالمركز، بجامعة مونتريال، تحت عنوان: “الإسلاموية الرقمية: السرديات الإسلاموية في عصر الذكاء الاصطناعي”، بتنظيم من المركز متعدد التخصصات للبحث في الأديان (CIRRES).
وقال الدكتور وائل صالح إن عصر الرقمنة يشهد إعادة تشكّل عميقة في الممارسات الدينية وأشكال التدين، موضحاً أن التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي وسّعا على نحو غير مسبوق نطاق الوصول إلى المعرفة والممارسات الدينية، لكنهما في الوقت نفسه أفسحا المجال أمام تعدد وتزاحم السرديات، وأحياناً تناقضها، وهو ما أعاد صياغة العلاقة بالدين وبالفاعلين الدينيين.
وركز الدكتور وائل صالح في محاضرته، التي استمرت نحو ساعتين، على تحليل أساليب توظيف الحركات الإسلاموية وشبكاتها العابرة للحدود للوسائط الرقمية وأدوات الذكاء الاصطناعي، كاشفاً عن استراتيجياتها في صياغة سردياتها الأيديولوجية وتكييفها ونشرها، مع التركيز بشكل خاص على الحالة “الإخوانية”.
وبيّن مدير مكتب “تريندز” في كندا أن الهدف من هذه المحاضرة هو تفكيك المنطق الخطابي والديناميات الاستراتيجية التي تتحكم في عمل هذه الحركات داخل منظومة معلوماتية متسارعة التغير، حيث يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل بنى التواصل، وممارسات التعبئة، وتقنيات الإقناع بصورة عميقة.
لم تعد الأفكار الإسلاموية، ومعها الخطابات المتعاطفة، حبيسة كتب المنظّرين الإسلامويين أو صفحات الدراسات الأكاديمية، بل باتت تتسرّب اليوم بهدوء عبر الخوارزميات، ومحركات البحث، بل وحتى في النصوص التي تنتجها تطبيقات الذكاء الاصطناعي. فهذه النماذج ليست سوى مرايا تعكس ما تُزوَّد به من بيانات؛ وإذا كانت هذه البيانات مشبعة بسرديات الإسلاموية المهيمنة في الفضاءات الرقمية، فإن النتيجة الحتمية هي إعادة إنتاج تلك السرديات والترويج لها. وهنا تكمن معركة جديدة تستحق كامل الانتباه.
وتأتي هذه المشاركة في إطار حرص مركز تريندز للبحوث والاستشارات على الإسهام الفاعل في النقاشات الأكاديمية الدولية، وتقديم قراءات معمقة للتحولات التي تشهدها الحركات الإسلاموية في عصر الرقمنة، بما يعزز من دور المعرفة العلمية في مواجهة تحديات التطرف والفكر المؤدلج، وترسيخ رؤية المركز القائمة على دعم الاعتدال، وتعزيز التفكير النقدي، وإثراء الحوار العالمي حول قضايا الدين والمجتمع.