Insight Image

في ختام جولته البحثية وبالتعاون مع جامعة مونتريال .. «تريندز» يعقد مؤتمراً في كندا حول «التكنوجيوسياسية» ودور التكنولوجيا في تشكيل العلاقات الدولية

18 مايو 2025

في ختام جولته البحثية وبالتعاون مع جامعة مونتريال .. «تريندز» يعقد مؤتمراً في كندا حول «التكنوجيوسياسية» ودور التكنولوجيا في تشكيل العلاقات الدولية

18 مايو 2025

 

-أكاديميون ومتخصصون:

  • السيطرة على التكنولوجيا أصبحت من أهم معايير التأثير في النظام الدولي الجديد
  • تعزيز التعاون الدولي ضرورة لتنظيم الذكاء الاصطناعي وتفادي التوترات الجيوسياسية
  • الدول تتنافس للسيطرة على البيانات والبنى التحتية الرقمية والمنصات التكنولوجية
   

عقد مركز تريندز للبحوث والاستشارات، عبر مكتبه في كندا، مؤتمراً دولياً تحت عنوان «التكنوجيوسياسية.. ما هي مكانة التكنولوجيا في العلاقات الدولية؟»، بالتعاون مع جامعة مونتريال، وذلك في مقر جامعة التكنولوجيا العليا الكندية، وتحت رعاية منتدى الجمعية الفرانكوفونية للمعرفة «ACFAS»، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، وجاء المؤتمر ختاماً لجولة المركز البحثية في كندا.

وأكد الأكاديميون والمتخصصون والخبراء المشاركون في جلسات المؤتمر، أن السيطرة على التكنولوجيا المتقدمة وتقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت من أهم معايير التأثير والريادة في النظام الدولي الجديد، موضحين أن التكنولوجيا باتت تعيد تشكيل موازين القوى الإقليمية والدولية.

وشددوا على أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال تنظيم الذكاء الاصطناعي لتفادي الانقسامات التي قد تعيق التقدم وتزيد من التوترات الجيوسياسية، في ظل تحول التكنولوجيا الرقمية إلى أحد أهم عناصر القوة الجيوسياسية الحديثة، حيث أصبحت الدول تتنافس للسيطرة على البيانات، والبنى التحتية الرقمية، والمنصات التكنولوجية الكبرى.

       

معادلات النفوذ

واستهل أعمال المؤتمر حمد الحوسني، الباحث الرئيسي، ورئيس قسم الإسلام السياسي في «تريندز»، حيث ألقى الكلمة الافتتاحية، وقال فيها إن المؤتمر يناقش قضية ملحة وهي «التكنوجيوسياسية»، أو ما يمكن وصفه بالتداخل المتسارع بين التكنولوجيا والجغرافيا السياسية، مضيفاً أن العالم دخل مرحلة أصبحت فيها السيطرة على التكنولوجيا من أهم معايير التأثير والريادة في النظام الدولي الجديد.

وذكر الحوسني أن المؤتمر يُمثل فرصة لطرح تساؤلات معمقة حول التحولات التكنولوجية وأثرها على السياسة العالمية، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا في الحروب الحديثة، وتأثيرها على السيادة الرقمية، والأمن القومي، والاقتصاد العالمي، وإعادة تشكيل الفضاء العام الرقمي.

       

تحولات العلاقات الدولية

وعقب ذلك، بدأت أعمال الجلسة النقاشية الأولى التي حملت عنوان «تحولات العلاقات الدولية بفعل التقنيات الجديدة»، وأدارها الدكتور وائل صالح، مستشار شؤون الإسلام السياسي في «تريندز»، ومدير مكتب «تريندز» في كندا، والتي تحدثت خلالها الدكتورة أوفيلي كويلو، من جامعة باريس بانثيون أساس، عن الدور المتصاعد للتكنولوجيا في إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية، مستندة إلى تحليل معمق للعلاقات بين الفاعلين المحليين والدوليين في سياقات رقمية حساسة، مثل البنية التحتية للاتصالات والبيانات.

وذكرت كويلو أن السيطرة التقنية على البنية التحتية الرقمية تُنتج تفاوتات هيكلية بين الشمال والجنوب، وتخلق اختلالاً في توازن القوى، حيث تصبح الدول الأفريقية عُرضة لضغوط خفية من قِبل فاعلين خارجيين. وبذلك، لا تكتفي الرقمنة بربط القارات، بل تُعيد رسم خطوط الانقسام الجيوسياسي، مما يستدعي إعادة التفكير في استراتيجيات السيادة والحوكمة الرقمية.

       

الدور المتنامي لـ«جوجل»

بدوره، استعرض الدكتور تشارلز تيبوت، من المركز الأوروبي لعلم الاجتماع والعلوم السياسية، الدور المتنامي لشركة جوجل في السياسة الخارجية الأمريكية، من خلال تعاونها مع المؤسسات الفيدرالية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والدبلوماسية التقنية، مما يجعلها فاعلاً جيوسياسياً مؤثراً، مضيفاً أنه رغم استفادة «جوجل» من الحماية والفرص التي توفرها الدولة الأمريكية، فإنها تواجه تحديات عندما تتعارض مصالحها التجارية مع أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.

وأكد أن العلاقة المعقدة بين جوجل والحكومة الأمريكية تمثل نموذجاً لاندماج القطاع الخاص في وظائف كانت حكراً على الدولة، وهذا التداخل يفرض إعادة النظر في مفهوم السيادة الرقمية، ويعكس اتجاهاً جديداً في العلاقات الدولية، حيث تؤدي الشركات التكنولوجية أدواراً مركزية في تشكيل توازنات القوة والنفوذ.

       

السيادة التكنولوجية

من جانبه، أشار الدكتور جيم سافاس، من جامعة يديتيبي التركية، إلى كيفية تحول مبادرة «French Tech» من مجرّد مشروع لدعم الشركات الناشئة الفرنسية إلى أداة استراتيجية بيد الدولة، تُستخدم في تعزيز نفوذها الرقمي والاقتصادي على الساحة الأوروبية، مبيناً أن المبادرة أصبحت جزءاً من خطاب السيادة التكنولوجية الذي تتبناه باريس لمواجهة التبعية للمنصات والتقنيات الأجنبية، خاصة الأمريكية والصينية.

وركز سافاس على أن المبادرة أصبحت جزءاً من الدبلوماسية الاقتصادية الفرنسية، من خلال شبكاتها الدولية، حيث تستخدم هذه الشبكات لتعزيز صورة فرنسا كمركز للابتكار التكنولوجي، وجسر بين السيادة الرقمية وجاذبية الاستثمار الأجنبي، ما يمنح فرنسا دوراً قيادياً في رسم معالم الاقتصاد الرقمي الأوروبي.

       

الجيوسياسة والذكاء الاصطناعي

أما الجلسة النقاشية الثانية من أعمال مؤتمر «التكنوجيوسياسية.. ما هي مكانة التكنولوجيا في العلاقات الدولية؟»، فأدارها الدكتور باتريس برودور، الأستاذ في جامعة مونتريال، وتحدث خلالها الدكتور كريم بن خليف، نائب رئيس جامعة مونتريال، عن «الجيوسياسة التنظيمية للذكاء الاصطناعي.. رهانات القوة»، وكيف أصبحت مسألة تنظيم الذكاء الاصطناعي محوراً استراتيجياً في الصراعات الجيوسياسية العالمية.

وذكر أن تطوير وتنظيم الذكاء الاصطناعي أصبح ساحة للتنافس بين القوى العالمية الكبرى، حيث صارت الدول تسعى إلى وضع معايير تنظيمية تعكس مصالحها الاستراتيجية، مما يجعل من التنظيم أداة لتعزيز النفوذ على الساحة الدولية، مؤكداً أهمية التعاون الدولي في مجال تنظيم الذكاء الاصطناعي لتفادي الانقسامات التي قد تعوق التقدم وتزيد من التوترات الجيوسياسية.

       

التكنولوجيا العسكرية

من جانبه، قال الدكتور سيمون هوج، الأستاذ في جامعة كيبيك بمونتريال، إن الحرب في أوكرانيا تحوّلت إلى ساحة اختبار حقيقية للتكنولوجيا العسكرية الجديدة، فقد أدى الصراع إلى تسريع دمج الطائرات المسيّرة والذكاء الاصطناعي في العمليات الحربية، ورغم ذلك فإن التأثير التكنولوجي في الحرب الروسية الأوكرانية لم يكن مطابقاً للتوقعات، حيث إن مخرجاتها لم تُحدث تغييراً حاسماً في موازين القوى.

وأوضح أن هذا الصراع تخطى الجانب العسكري البحت ليشمل بُعداً اقتصادياً ووطنياً، حيث حفزت الدولة الأوكرانية مشاركة المدنيين عبر أدوات رقمية للإبلاغ والمراقبة، ما حوّل المجتمع بأسره إلى شريك نشط في الحرب.

 

التنافس الرقمي

من جهته، أكد الدكتور وائل صالح، مستشار شؤون الإسلام السياسي في «تريندز»، ومدير مكتب «تريندز» في كندا، أن التكنولوجيا الرقمية أصبحت أحد أهم عناصر القوة الجيوسياسية الحديثة، حيث لم تعد الدول تتنافس فقط على الموارد الطبيعية أو النفوذ العسكري، بل باتت تسعى للسيطرة على البيانات، والبنى التحتية الرقمية، والمنصات التكنولوجية الكبرى، مضيفاً أن هذا التحول أدى إلى بروز ما يُعرف بـ«التكنوجيوسياسة»، للتحكم في الفضاء السيبراني كامتداد جديد للسيادة الوطنية.

       

الدفاع السيبراني

وأوضح صالح أن إعادة تشكيل العلاقات الدولية اليوم يقوم على محورين أساسيين هما السيادة الرقمية والدفاع السيبراني، فالدول تسعى إلى تقليص اعتمادها على تكنولوجيا أجنبية، من خلال تطوير حلول محلية لحماية بياناتها ومؤسساتها، بينما تزداد أهمية الأمن السيبراني في مواجهة التهديدات المتصاعدة، وفي هذا السياق، تتحول الحرب في الفضاء الرقمي إلى ساحة صراع جديدة، تؤثر بشكل مباشر في القرارات السيادية والتوازنات الدولية.

وفي سياق متصل، وعلى هامش أعمال مؤتمر «التكنوجيوسياسية.. ما هي مكانة التكنولوجيا في العلاقات الدولية؟»، اطلع فريق «تريندز» على الإصدارات العلمية والبحثية المتخصصة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، التي ضمها معرض الجامعات الكندية السنوي، الذي أقيم في جامعة التكنولوجيا العليا.