شهدت مدينة مونتريال الكندية، محاضرة علمية نظمها مكتب تريندز للبحوث والاستشارات في كندا بالتعاون مع جامعة مونتريال تحت عنوان “أبعد من الظلم المعرفي: عندما تتصارع السرديات الأكاديمية حول العالم العربي”.
قدم المحاضرة الدكتور وائل صالح الخبير في “تريندز” ومدير مكتبه في مونتريال، حيث استعرض، من خلال تجربته الميدانية، مجموعة من القضايا الشائكة التي تواجه الدراسات العربية في الجامعات الغربية، وأثرها المباشر على تكوين المعرفة وتشكيل الرأي العام حول العالم العربي.
وأوضح الدكتور وائل صالح أن هناك اتجاهاً متزايداً في الأوساط الأكاديمية الغربية نحو نزع الشرعية عن العديد من المناهج المعرفية العربية. هذا النزع، بحسب المحاضر، يؤدي إلى تقليل تقبل هذه المناهج في الأوساط الأكاديمية الغربية، ويحد من فرص الحوار والتبادل المعرفي بين الشرق والغرب.
وشدد على أن المقاربات الغربية المهيمنة في مجال الدراسات العربية تحمل في طياتها القدرة على الاعتراف بالقيمة المعرفية للآخر أو نفيها. هذه الهيمنة، بحسب قوله، تنتج نوعاً محدداً من الجهل، حيث يتم تقييم المعرفة العربية من خلال عدسة قيم ومعايير غربية محددة.
ورأى مدير مكتب “تريندز” في مونتريال أن المقاربات الأكاديمية حول العالم العربي تدخل بشكل متزايد في صراع معرفي، يتزامن مع التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم. فمع انتقال مركز الثقل الاقتصادي والسياسي من الغرب إلى الشرق، تتزايد حدة المنافسة على إنتاج المعرفة وتشكيل الرأي العام.
وأوضح الدكتور وائل صالح أن الظلم أو الغبن المعرفي قائم على ديناميات ثلاث ينتجها وتنتجه في الوقت نفسه وهي هيمنة معرفية أو تأويلية تحدث عندما تفرض جماعة مهيمنة فهماً معيناً لظاهرة معينة. وقمع معرفي نتيجة لإقصاء معرفي مستمر يحد من قدرة شخص أو مجموعة على المشاركة في عملية إنتاج المعرفة. وجهل معرفي طوعي ناجم عن رفض الجماعة المسيطرة معرفياً لمصادر ومراجع معرفية بديلة.
وقد أثارت المحاضرة تفاعلاً واسعاً من الحضور الذين طرحوا العديد من الأسئلة والاستفسارات حول القضايا التي تم تناولها. وقد أكد المحاضر أهمية الحوار والنقاش البناء في سبيل الوصول إلى فهم أعمق للعالم العربي وتجاوز الصراعات المعرفية القائمة.
وتعتبر هذه المحاضرة ضمن أنشطة مكتب “تريندز” مونتريال إضافة نوعية إلى الحوار الأكاديمي حول الدراسات العربية، حيث سلطت الضوء على مجموعة من التحديات والمعضلات التي تواجه هذا المجال. كما أنها دعت إلى ضرورة إعادة النظر في المقاربات التقليدية في دراسة العالم العربي، والعمل على بناء جسور من الثقة والتفاهم بين الشرق والغرب.