Insight Image

ندوة عالمية لـ «تريندز» في باريس تناقش مسارات الشراكة الخليجية الفرنسية في مختلف المجالات

16 أبريل 2024

ندوة عالمية لـ «تريندز» في باريس تناقش مسارات الشراكة الخليجية الفرنسية في مختلف المجالات

16 أبريل 2024

 

مسؤولون وخبراء:

-العلاقات الخليجية الفرنسية راسخة وآفاقها واعدة

-العلاقات الإماراتية الأوروبية نموذج للشراكات العالمية الفعالة

   

أكد مسؤولون وخبراء وباحثون دوليون عمق العلاقات الخليجية الفرنسية، وقالوا إنها علاقات تاريخية متعددة الأبعاد، وشهدت خلال السنوات الأخيرة تطورات مهمة على مختلف المستويات.

جاء ذلك في ندوة دولية نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات ضمن المحطة الفرنسية من جولته البحثية الأوروبية وفي ختام مشاركته بمعرض باريس الدولي للكتاب، حول “العلاقات الخليجية الأوروبية: فرص وآفاق للتعاون والشراكة”، في فندق نابليون بالعاصمة باريس بحضور ومشاركة عدد من كبار الشخصيات الفرنسية والعربية، وحشد كبير من الإعلاميين، وناقشت مختلف جوانب العلاقات بين فرنسا ودول الخليج العربية، بما في ذلك التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي.

وشددت الندوة على أهمية العلاقات الخليجية الفرنسية، وضرورة تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات. وأوصت بتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، ودعم تبادل المعرفة والخبرات في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، وتعزيز الحوار الثقافي بين الحضارتين العربية والأوروبية، وتعزيز العلاقات الخليجية الأوروبية كنموذج للشراكات العالمية الفعالة.

وأوضحوا أن هذه الندوة الدولية خطوة مهمة في سبيل تعزيز العلاقات، وتحديد آفاق التعاون المستقبلي في مختلف المجالات.

   

   

علاقات متعددة الأبعاد

في الكلمة الافتتاحية رحب الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز بالمشاركين والحضور، وأكد عمق العلاقات بين الجانبين الخليجي والفرنسي، مشيراً إلى أنها علاقات تاريخية متعددة الأبعاد، وشهدت خلال السنوات الأخيرة تطورات مهمة على مختلف المستويات.

وأشار العلي إلى أن التعاون السياسي بين فرنسا ودول الخليج العربية يتميز بتقارب مواقف الطرفين تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وأن فرنسا يُنظر إليها في العالم العربي كداعم ومناصر للقضايا العربية، بينما تنظر دول الخليج العربية إلى فرنسا كشريك موثوق به في التصدي للتحديات التي تواجه المنطقة.

وعلى المستوى الاقتصادي، أوضح الرئيس التنفيذي لـ”تريندز” أن العلاقات الخليجية-الفرنسية شهدت نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، حيث بلغت جملة الواردات السلعية الفرنسية من دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2023 نحو 12.3 مليار دولار، فيما بلغت صادرات فرنسا السلعية للمنطقة الخليجية نحو 12.7 مليار دولار.

وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تُعد الوجهة الأولى للصادرات الفرنسية السلعية للمنطقة الخليجية.

كما أكد الدكتور محمد العلي قوة العلاقات الثقافية بين فرنسا ومنطقة الخليج العربية، لافتاً إلى تنامي الحضور الثقافي الفرنسي في دول الخليج في الآونة الأخيرة، من خلال انتشار اللغة الفرنسية، وتأسيس مدارس وجامعات فرنسية، وازدياد أعداد الطلاب والسياح الخليجيين في فرنسا، وافتتاح فرع لمتحف اللوفر في أبوظبي.

وختم الدكتور العلي كلمته بالتأكيد على أن آفاق الشراكة الخليجية-الفرنسية تبدو واعدة في المجالات كافة، في ظل الإرادة السياسية لدى الطرفين لتطويرها، وفي ظل ما تنطوي عليه من منافع مشتركة لكليهما.

   

   

نموذج يحتذى

وفي الكلمة الرئيسية أشادت سعادة السيناتور ناتالي جوليه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، بالجهود الخليجية عامة والإماراتية خاصة في تعزيز العلاقات، مؤكدة عمقها، فيما وصفت العلاقات مع دولة الامارات بـ”العلاقات الأخوية “، مشيرةً إلى دور والدها الراحل، السيناتور السابق آلان جوليه، في تسليط الضوء على الإمكانيات الاقتصادية الهائلة للإمارات العربية المتحدة، وذلك من خلال تقرير كتبه في ثمانينيات القرن الماضي لمجلس الشيوخ الفرنسي.

وأشادت جوليه بالإنجازات الاقتصادية المتميزة التي حققتها دول الخليج والإمارات خلال العقود الماضية، مؤكدةً أنها باتت نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالم. كما شددت على أهمية التعاون بين فرنسا وهذه الدول في مختلف المجالات، منوهة بالحضور الفرانكوفوني الملحوظ بالمنطقة وفي دولة الإمارات، واعتبرت جوليه هذا الأمر دليلاً قاطعاً على مكانة الإمارات المتميزة.

   

   

آفاق واعدة

واستهلت أعمال الندوة الأستاذة اليازية الحوسني، مديرة مكتب الاتصال الإعلامي في “تريندز”، مديرة الندوة، مشيرة إلى محاورها الأربعة وهي آفاق الشراكة والتعاون الاقتصادي والتجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة كمحرك للتعاون الخليجي الأوروبي، والجوانب الثقافية في العلاقات الخليجية الأوروبية، والعلاقات الإماراتية الأوروبية كنموذج للشراكات العالمية الفعالة، وذكرت أنه لا خلاف حول حقيقة تنامي العلاقات الخليجية – الفرنسية عامة، والإماراتية – الفرنسية خاصة، على جميع المستويات.

   

   

علاقات قوية وقيادة حكيمة

عقب ذلك بدأت أعمال الندوة الباريسية، بورقة عمل للدكتور شارل سان برو، مدير عام مرصد الدراسات الجيوسياسية (OEG)، فرنسا حول “آفاق الشراكة والتعاون الاقتصادي والتجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي”، والتي بين فيها أن العلاقات الجيدة بين الدول تتطلب صداقات طويلة المدى بينها، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بوجود قادة  أقوياء وثقابي النظر، مثلما هي الحال الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وشدد على أهمية الشراكة بين المجموعات الإقليمية في ظلّ التحديات التي يواجهها العالم اليوم. وقال إنّ الشراكة بين مجموعاتنا الإقليمية ضرورية أكثر من أي وقت مضى، خاصة في عالم مضطرب كهذا، مشدداً على دور فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة كقائدتين في هذا المجال، مشيراً إلى “أنّ البلدين يتشاركان رؤى متقاربة بشكل كبير، خاصة في مجال مكافحة المنظمات المتطرفة”.

وأضاف: “تقع على عاتق فرنسا والإمارات العربية المتحدة مسؤولية خاصة في المضي قدماً في هذا المشروع، في مواصلة لإرث الجنرال ديغول والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، اللذين كانا يتمتعان برؤية ثاقبة لعالم جديد”.

واختتم سان برو مداخلته بالتأكيد أن الوفاء في العلاقات الدولية قيمة نادرة الوجود، ولكنها موجودة في حالة العلاقات الفرنسية الإماراتية، وأن الشراكة بين الجانبين تشكل نموذجا يُحتذى به للتعاون الإقليمي، مؤكداً أن دولة الإمارات باتت تلعب دوراً محورياً في السلام والتسامح في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

   

   

شراكة تُثريها الثقافة

بدورة أكد الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، رئيس تحرير صحيفة الاتحاد في مداخلة تركزت حول الجوانب الثقافية في العلاقات الخليجية الأوروبية، مشيراً إلى أن الأوروبيين والعرب يتمتعون بتاريخ طويل وغني من التبادلات الثقافية والاقتصادية والتجارية والسياسية، لافتاً إلى عمق العلاقات التاريخية بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، ووصفها بأنها “شراكة استراتيجية لمستقبل واعد تُثريها تبادلات ثقافية غنية”.

وقال إن فرنسا ترتبط بمنطقة الخليج العربية بعلاقات ثقافية قوية، وهذا أكثر ما يميزها عن علاقات باقي الشركاء لمنطقة الخليج في العالم، حيث أخذ الحضور الثقافي الفرنسي في دول الخليج في التنامي والاتساع مؤخراً.

وأضاف الكعبي أن التبادلات الثقافية بين المنطقتين ساهمت في تعزيز التفاهم المتبادل وتقريب وجهات النظر، وفتحت آفاقاً جديدة للتعاون في مختلف المجالات. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية يُنظمّان بانتظام فعاليات ثقافية متنوعة، مثل المهرجانات والمعارض والمؤتمرات، تهدف إلى تعزيز التواصل بين الشعوب وتبادل الخبرات والتجارب.

وبيّن أن هذه الفعاليات تُساهم في نشر الوعي بالقيم الثقافية المشتركة بين المنطقتين، وتعزيز الحوار بين الثقافات، وتُشكل جسراً للتواصل بين الحضارات.

وشدد على أن مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وودول الخليج خاصة والدول العربية عامة واعد، وأن التعاون بينهما سيُساهم في تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في المنطقتين، وتعزيز الحوار بين الثقافات. ولفت الكعبي إلى أن التحديات المشتركة التي تواجهها المنطقتان، مثل الإرهاب والتطرف، تُشكل دافعاً قوياً لتعزيز التعاون بينهما.

   

   

فرصة ذهبية

من جانبه أوضح السيد عمرو عبدالرحيم، باحث مشارك، برنامج تركيا والشرق الأوسط، المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)، فرنسا في ورقة عمل حول “الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة كمحرك للتعاون الخليجي الأوروبي” أن الذكاء الاصطناعي يشكل فرصة ذهبية للتعاون بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي. وقال إن الذكاء الاصطناعي أصبح يستحوذ على الاهتمام الأكبر عالمياً، وبات يشكل مجالاً رئيسياً للتنافس العالمي، بالنظر لدوره المحوري في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي والاستراتيجي العالمي.

وذكر أن دول الخليج العربية لديها رؤية وسياسات واضحة في تعزيز الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يكون هذا المجال من القضايا الرئيسية في مفاوضات التجارة الحرة بين أوروبا ودول الخليج.

وشدد السيد عمرو عبدالرحيم على أن “الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة يُمكن أن يكونا محركاً رئيسياً للتعاون الخليجي الأوروبي، موضحاً مجالات التعاون في العديد من المجالات، ومنها البحث والتطوير من خلال تمويل مشاريع بحثية مشتركة، وتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي جديدة، والتبادل المعرفي الخبرات في كلا المنطقتين، وتشجيع الشركات الأوروبية والخليجية على الاستثمار في مشاريع الذكاء الاصطناعي في بعضها البعض، إضافة إلى العمل معاً لوضع معايير أخلاقية وقانونية لتنمية وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي.

   

   

حلقة وصل

من جهتها تطرقت السيدة كاميل لونز، نائب مدير مكتب باريس، زميلة باحثة، برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) بفرنسا إلى العلاقات الإماراتية الأوروبية كنموذج للشراكات العالمية الفعالة، وذكرت أن الإمارات تتطلع للعب دور الوسيط بين الغرب والجنوب في عالم متعدد الأقطاب.

وقالت إن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى إلى الاستفادة من ظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب لتتخذ موقعاً لها كحلقة وصل رئيسية بين الغرب والجنوب العالمي. وأوضحت أن الإمارات برزت كلاعب رئيسي وشريك للأوروبيين، ليس فقط على الساحة الإقليمية، ولكن أيضاً في القضايا العالمية، بدءاً من التحولات الخضراء إلى الاستثمار في تقنيات المستقبل.

وشددت على أن دولة الإمارات أظهرت قدرة متنامية على تشكيل التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأوسع، مشيرة إلى أن الأوروبيين يقدرون هذا اللاعب ودوره بشأن القضايا الإقليمية.