في إطار جولته البحثية في الهند، وتعزيزاً للحوار الفكري وبناء جسور التعاون الاستراتيجي مع المؤسسات البحثية والأكاديمية والفكرية، نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات، عبر مكتبه الافتراضي في نيودلهي، حوار «تريندز-أوبزرفر» الاقتصادي، تحت عنوان «التعاون الاقتصادي بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند.. تبادل المعرفة وبناء الشراكات وتطوير الاستراتيجيات»، وذلك بالشراكة مع مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في مقر مركز الدكتور أمبدكار الدولي بالعاصمة الهندية نيودلهي.
وشارك في الحوار نخبة من الأكاديميين والباحثين والخبراء والمتخصصين، حيث ناقشوا على مدار جلستين نقاشيتين موسعتين سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند في ظل نظام عالمي سريع التغيّر، كما تناول النقاش دور مراكز الفكر في تعزيز التعاون الاقتصادي بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند.
العلاقات الشرق أوسطية الهندية
وشهدت الجلسة الأولى مشاركة مجموعة من الخبراء والباحثين وهم، غوتام شيكرماني، نائب رئيس مؤسسة أوبزرفر للأبحاث، وجهانفي تريباتي، باحثة مشاركة في برنامج الجغرافيا الاقتصادية بمؤسسة أوبزرفر للأبحاث، ومحمد الظهوري، الباحث الرئيسي، ومدير إدارة الدراسات السياسية المتقدمة في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، حيث أجمعوا على أن العلاقات الشرق أوسطية الهندية تستند إلى إمكانات كبيرة وفرصة مستقبلية واعدة للنمو والتعاون، من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والتعاون الإقليمي والحوار الثقافي، لبناء علاقات قوية وشراكات اقتصادية مستدامة.
وأكد المشاركون أن العلاقات الشرق أوسطية الهندية تعد فريدة ومهمة للغاية، بسبب الموقع الجغرافي الاستراتيجي للهند ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أن التكامل الاقتصادي بين الهند ودول الشرق الأوسط يعد أمراً حيوياً، حيث يمكن أن يؤدي إلى تعزيز آفاق الشراكة الاقتصادية، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة.
وذكروا أن العلاقات الخليجية الهندية تمتد لسنوات طويلة، ووجود جالية هندية كبيرة في دول الخليج يعزز هذه العلاقات ويجعلها أكثر ترابطاً، مضيفين أن 66% من الهنود المقيمين خارج الهند يعيشون في دول الخليج العربي، مما يجعل هذه المنطقة الحيوية مهمة جداً للاقتصاد الهندي.
تحولات النظام العالمي
وأشار المشاركون في الجلسة إلى أن النظام العالمي يشهد تغييرات كبيرة وتحولات متسارعة، وهناك نقاش حول طبيعة القطبية السائدة، حيث إن الأرقام والحقائق تدل على أننا ما زلنا في نظام عالمي أحادي القطبية، لأن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت صاحبة التأثير الأكبر، ومع ذلك، هناك فرص كبيرة للهند ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي في ظل هذه التغييرات المتنامية.
وحول أهم المجالات الحيوية المرتقبة في العلاقات الاقتصادية المستقبلية الشرق أوسطية الهندية، أكدوا أن الذكاء الاصطناعي سيكون المسيطر على دفع وتنمية هذه العلاقات، لما له من تأثير على مختلف مجالات الحياة، كما أن الاقتصاد المعرفي يُعد المحرك الأساسي لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، إلى جانب المشاريع اللوجستية لما تتيحه من منافع اقتصادية للدول المشاركة.
وشدد المتحدثون في الجلسة على أهمية تعزيز المناقشات الفكرية والحوارات العلمية للوصول إلى أفضل الحلول لبناء علاقات اقتصادية قوية ومستدامة بين الهند والشرق الأوسط، كما يجب العمل على تعزيز التعاون الاستراتيجي في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والتعليم والبحث العلمي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي، من خلال إنشاء منظمات إقليمية ومشاركة الخبرات وتبادل المعرفة وتسهيل التجارة البينية، فضلاً عن العمل على تعزيز الحوار الثقافي، من خلال التوسع في مبادرات التبادل الطلابي والتعاون في مجال الثقافة والتعريف بالثقافات المختلفة.
دور محوري لمراكز الفكر
أما الجلسة الثانية «دور مراكز الفكر في تعزيز التعاون الاقتصادي بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند»، فشارك فيها البروفيسور هارش بانت، نائب الرئيس للدراسات والسياسة الخارجية في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث، وكبير تانجا، نائب مدير إدارة الدراسات الاستراتيجية في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث، وميرا الزعابي، باحثة وأخصائية إعلام في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، ولطيفة الجنيبي، باحثة وأخصائية شراكات في «تريندز».
وقال المشاركون في الجلسة إن مراكز الفكر والمؤسسات البحثية والمعرفية والأكاديمية تلعب دوراً محورياً ومهماً في تعزيز التعاون الاقتصادي، وذلك من خلال توفير مساحات للتعاون والحوار بين مختلف الأطراف، مما يسهم في بلورة مسارات التعاون العملي، إلى جانب دعم البحث العلمي وتقدم رؤى واضحة حول فرص التعاون الاقتصادي بين المنطقة والهند، وفهم الأولويات المشتركة وبناء الثقة، وتقديم معلومات علمية مدروسة حول الفرص التجارية والاستثمارية، بالإضافة إلى دورها في دعم التنمية المستدامة، من خلال تقديم تصورات حول فرص التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي.
وذكر المتحدثون أن الحوار الاقتصادي بين الدول هو آلية أساسية لتعزيز التعاون والتنمية المستدامة، حيث يتيح للدول فهم الأولويات المشتركة وبناء الثقة وتقليل حالة عدم اليقين في العلاقات الإقليمية والدولية، مبينين أن التحول المتزايد نحو مجالات المستقبل مثل التكنولوجيا والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وأمن الطاقة والتنمية المستدامة، يفتح الباب أمام فرص جديدة للتعاون بين الدول، لأن الحوار الاقتصادي لم يعد مقتصراً على السياسات المالية، بل أصبح أداة لدعم التنمية وإدارة المخاطر وتعزيز المرونة الاقتصادية عالمياً.
شراكات تتجاوز التجارة
وأوضح المشاركون في الجلسة النقاشية أن الشراكات بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند تتسع لتتجاوز التجارة، مع بروز دولة الإمارات كحلقة وصل أساسية في هذه الشراكة المتنامية، كما أن مراكز الفكر والمؤسسات البحثية توفر المساحات الحوارية والنقاشية التي يلتقي فيها مختلف الأطراف وتتبلور فيها مسارات التعاون العملي، ومنها تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والارتقاب بالتعاون في مجال التكنولوجيا الرقمية، وتطوير البنية التحتية الرقمية، والتعاون أيضاً في مجال سلاسل التوريد العالمية، وتحسين كفاءة النقل واللوجستيات، إلى جانب الشراكة البحثية والعلمية وتبادل المعرفة والخبرات.
وأكدوا أن مراكز الفكر والبحوث تحلل وتدرس التغييرات والتطورات العالمية لفهم كيفية تطوير الشراكات الدولية ودورها في تشكيل مستقبل التعاون الاقتصادي، مما يجعل دورها مهماً في تقديم رؤى واضحة وفهماً متقدماً لمستقبل الحوار الاقتصادي من خلال دعم النقاش والبحث العلمي، مضيفين أن الحوار الاقتصادي المتواصل والتعاون العلمي والشراكات البحثية الاستراتيجية آليات أساسية لتعزيز التعاون والتنمية المستدامة بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند.