تتناول هذه الدراسة التحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي وتجربة الاندماج والتكامل الأوروبية. وتوزعت هذه التحديات بين مستويات عدة في مسيرة الاتحاد الأوروبي، فثمة التحديات المؤسسية والتنظيمية. فضلًا عن تلك التحديات التي تتعلق بالجغرافيا السياسية والاستراتيجية والشراكة الأوروبية، مع حلف الأطلسي، قبل حرب أوكرانيا وبعدها، ومصير الاستقلال الاستراتيجي الذي كانت تنشده دول أوروبية عدة، وخصوصًا الدول الأوروبية الكبرى.
وتناولت الدراسة بالتحليل التحديات الديمقراطية الليبرالية وصعود اليمين الشعبوي؛ إذ يفتقد الاتحاد الأوروبي الآلية التي تضمن الشفافية وتؤمّن دور المواطن الأوروبي العادي في عملية اتخاذ القرار داخل المؤسسات المختلفة في الاتحاد. وأشارت الدراسة إلى أن ظاهرة اليمين المتطرف والشعبوي ليست جديدة في أوروبا؛ بل يعود ظهورها إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، إذ ترافقت مع صعود النازية الألمانية والفاشية الإيطالية. وقد تضافرت عوامل عدة ومعطيات جديدة في المشهد الأوروبي ساعدت في ظهور هذه التيارات مرة أخرى.
وتناولت الدراسة إشكالية التداخل بين القرار الوطني والقرار الأوروبي؛ حيث إن الاتحاد الأوروبي بمؤسساته وتنظيمه وقوانينه الفوق قومية والعابرة للحدود الوطنية، يثير كأغلب المنظمات الدولية والإقليمية، العديد من التداخلات والتشابكات في بعض الأحيان بين القرار والتشريع الوطني من ناحية، وبين القرار والتشريع الأوروبي من ناحية أخرى، على غرار التداخل بين السيادة العابرة للقوميات والحدود من جهة والسيادة الوطنية من جهة أخرى.
كما تناولت الدراسة أزمة دولة الرعاية ومحاولات الإصلاح؛ إذ أشارت بعض الدراسات إلى أن العديد من الدول الأوروبية حققت المساواة في تخفيض المساعدات الاجتماعية والمساواة في التوزيع، وإضافة إلى ذلك، فإن تجربة الإصلاح أثبتت تمسُّك نظم الحماية بخصائصها وملامحها الرئيسية، وأنها غير قابلة أو مؤهلة للإصلاح الجذري.
وأخيرًا، تطرقت الدراسة إلى أوروبا بين الاستقلال الاستراتيجي والتبعية الأطلسية قبل حرب أوكرانيا وبعدها، إذ يرى بعض المحللين أن الاتحاد الأوروبي "عملاق اقتصادي" ولكنه ليس بهذا القدر على الصعيد الاستراتيجي والعسكري والسياسي، وأن الحرب الروسية الأوكرانية غيرت كثيرًا في لغة الخطاب الرسمي والطموح الاستراتيجي لمؤسسة الاتحاد الأوروبي.