ملخص تنفيذي إن البيئة الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط تشهد تطورات دراماتيكية، أثرت بشكل مباشر على الأمن والاستقرار فيه، وعلى طبيعة التفاعلات البينية بين وحداته، بل وعلى داخل الوحدة الواحدة أحياناً. وهنا، انقسم الخبراء المهتمون بالتحولات الهيكلية في الإقليم إلى فريقين، كلٌّ منهما له قراءته. فيرى الفريق الأول أن البيئة الأمنية في الإقليم تبدو الآن أكثر هدوءاً من العقد الأخير، بينما يرى الفريق الثاني أن الإقليم لايزال مضطرباً، الأمر الذي يجعل البيئة الأمنية فيه عُرضة لكثير من التهديدات اللامتماثلة وعدم الاستقرار. وفي هذا الإطار، تسعى الدراسة إلى تحديد السمات العامة للبيئة الأمنية، والتحولات التي لحقت بطبيعة التهديدات الأمنية القائمة، والمحركات والمحفزات لتصاعد التهديدات اللامتماثلة في الإقليم، ومستقبل الإقليم في ضوء هذه التهديدات. وتنقسم الدراسة إلى خمسة محاور رئيسية: يتناول الأول منها «الأطر المفاهيمية والنظرية للبيئة الأمنية في الإقليم»، وتسعى فيه إلى تقديم تعريف مختصر لماهية البيئة الأمنية الاستراتيجية، وثلاثية التحديات والتهديدات والمخاطر، ومعايير تقسيم التهديدات وأنواعها. بينما يتناول المحور الثاني «السمات العامة للبيئة الاستراتيجية في الإقليم»، حيث ترصد الدراسة فيه مجموعة من السمات العامة للبيئة الاستراتيجية في الإقليم على مختلف الصُّعد (السياسية، والاقتصادية، والأمنية العسكرية، والثقافية والاجتماعية)، وأما المحور الثالث فيتناول «محركات التهديدات في الإقليم»، والتي يقصد بها العوامل والدوافع والمحفزات لحدوث تلك التهديدات، والنابعة أيضاً من داخل هذه البيئة الإقليمية أو من البيئات المغايرة. ويرصد المحور الرابع، «التهديدات اللامتماثلة المحتملة الحدوث في الإقليم»، والتي ربما يكون بعضها قائماً بالفعل، ولكن حجم تأثيرها قد يتعاظم خلال السنوات المقبلة، إذا لم تعمل دول الإقليم على معالجة المحفزات وكبح جماحها عبر سياسات متوسطة وطويلة الأمد. أما المحور الخامس والأخير من الدراسة، فيُحدد ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الإقليم في ضوء التهديدات اللامتماثلة: الأول، الأكثر تشاؤماً، وهو انفجار براميل البارود واندلاع حرب إقليمية؛ والثاني الأقرب للحدوث، وهو التسويات المحدودة؛ والثالث هو النزوع إلى التهدئة وفك الاشتباك.