الملخص التنفيذي
إثر انهيار وحدات من الجيش العراقي أمام مقاتلي "تنظيم داعش" في صيف عام 2014، تم تأسيس "الحشد الشعبي" للمشاركة في الحرب ضد التنظيم. ويضم هذا الكيان عشرات من الفصائل والتنظيمات، التي توجد بينها اختلافات وتباينات واضحة من حيث الانتماءات الطائفية والدينية والعرقية، فضلاً عن الحجم العددي والقدرات العسكرية. وتُعد فصائل "الحشد الولائي"، أي الموالية لإيران القوة المهيمنة داخل "الحشد الشعبي". وعلى الرغم من أن "الحشد الشعبي" أصبح بموجب القانون جزءاً من القوات المسلحة العراقية، فإنه ظل يتمتع باستقلالية حقيقية، حيث يُعتبر من الناحية القانونية تشكيلاً عسكرياً مستقلاً لا يتبع وزارة الدفاع. ونظراً لارتباط فصائل "الحشد الولائي" بأهداف إيران وأجندتها تجاه العراق والمنطقة العربية بصفة عامة، فقد دأبت على الاستفادة من موارد الدولة العراقية من ناحية، وتحدي هيبتها وسيادتها عند اللزوم من ناحية أخرى.
والهدف من هذه الدراسة هو رصد وتحليل وتقييم "الحشد الولائي" من حيث ظروف نشأته، وموقعه ضمن بنية "الحشد الشعبي"، ومصادر قوته التي تجعله قادراً على تحدي سيادة الدولة. كما تسعى الدراسة إلى تحليل مظاهر وأسباب عجز الحكومات العراقية المتعاقبة عن إخضاع "الحشد الولائي" لسيطرة الدولة، وحصر السلاح بيدها، خاصة في ظل عملية الدمج المشوّه لـ "قوات الحشد الشعبي" في الجيش العراقي. وبالإضافة إلى ذلك، تسلط الدراسة الضوء على مستقبل "الحشد الولائي" في ضوء التطورات والمستجدات على الساحة العراقية، وتحديداً تلك المتعلقة بنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، ورفض فصائل "الحشد الولائي" المنضوية تحت مظلة "تحالف الفتح" لها، لا سيما أن التلويح باستخدام القوة رفضاً لنتائج الانتخابات يجسد معضلة ممارسة العمل السياسي تحت ضغط التهديد بالسلاح. وهو مسلك يغذي الصراعات الداخلية، ويقوض أي جهود لإعادة بناء الدولة العراقية على أسس ومبادئ المواطنة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
وتغطى الدراسة الموضوع من خلال خمسة أقسام. يتناول القسم الأول ظروف نشأة "الحشد الولائي" وموقعه كقوة مهيمنة داخل "الحشد الشعبي". ويحلل القسم الثاني عملية الدمج المشوّه لـ "قوات الحشد الشعبي"، وفي قلبها الفصائل الولائية، في القوات المسلحة العراقية، وهو ما أسهم في خلق ظاهرة الأمن الهجين. ويتناول القسم الثالث مصادر قوة "الحشد الولائي" التي تجعله قادراً على تحدي سلطة الدولة العراقية وسيادتها. ويناقش القسم الرابع جهود ومحاولات حكومة الكاظمي بشأن إخضاع "الحشد الولائي" لسيطرة الدولة. ويستشرف القسم الخامس مستقبل "الحشد الولائي" في ضوء المعطيات والتطورات الراهنة عراقياً وإقليمياً ودولياً.