ملخص تنفيذي
لم تكن أحداث 25 يناير عام 2011 في مصر وما تلاها مفاجأة من حيث التطورات السياسية والأمنية والمجتمعية التي صاحبتها فحسب، وإنما كانت مفاجأة في المجالين الفكري والديني أيضًا.
كشفت الأحداث نفسها عن ظواهر فكرية ودينية عدة لم تكن متوقعة من قِبَل المتتبعين، ومنها ظاهرة تسييس الخطاب الديني والفكري عند مجموعة من الأسماء الفكرية والدينية.
لاحظنا هذه الظاهرة مع مجموعة من الأسماء الفكرية والدينية، ومن أشهر هذه الأسماء: يوسف القرضاوي، والمفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي، والمفكر المغربي طه عبد الرحمن.
في حالة يوسف القرضاوي كانت المفاجأة متمثلة في انتقاله من مقام يحظى فيه باحترام شعوب المنطقة العربية وأنظمتها، إلى مقام تصفية الحسابات مع أنظمة، أو ممارسة الازدواجية في قراءة الأحداث نفسها.
في حالة أبي يعرب المرزوقي، وبالرغم من انفصاله التنظيمي عن الإسلاموية السياسية في نسختها التونسية، فإنه تورط في تأييد الإسلاموية الجهادية في نسختها السورية.
في حالة طه عبد الرحمن، كانت المفاجأة أن خطابه الإصلاحي - صوفي المرجعية - لم يقف عائقًا لكي ينشر كتابًا يروج فيه آراءً سياسية أيديولوجية، تميز ما يصدر عن الإسلاموية السياسية والجهادية.
بسبب الثقل الرمزي - الديني والفكري - لهذه الأسماء، لم تتردد الإسلاموية السياسية، وبخاصة الأقلام الإخوانية، في توظيف هذه التحولات في المواقف، إمّا لأغراض أيديولوجية، أو لأغراض سياسية، أو غيرها.
من نتائج هذه التطورات أن هذه الأسماء أساءت إلى نفسها لأنها تورطت في ترويج خطاب نظري اختزالي، بما قد يُفَسِّر - بشكل أو بآخر - تراجع شعبيتها لدى شعوب المنطقة العربية وأنظمتها.
لكن الوجه الآخر لهذه التطورات أن تلك المواقف كانت تصب في مصلحة الإسلاموية، وليس في مصلحة مشروع الدولة الوطنية الحديثة، بسبب إصرار الأسماء المعنية على الانقلاب في الخطاب السياسي.
كشفت هذه التحولات أيضًا عن استفادة بعض دول المنطقة من هذه المواقف، والانتقال من مقام الدفاع عن المصالح المشتركة لدول المنطقة، نحو خدمة مشاريع إحداث فتن وصراعات وأزمات ما تزال قائمة.