منطقة الإندوباسيفيك مقبلة على مرحلة جديدة من التنافس الدولي، حيث يتزايد القلق الغربي عموماً والأمريكي خصوصاً من تنامي النفوذ الصيني، ليس في منطقتي المحيط الهادي والهندي فقط، ولكن في مناطق أخرى من العالم أيضاً. وتبدو التحالفات إحدى أهم الأدوات التي تلجأ إليها الولايات المتحدة لمواجهة هذا النفوذ، وفي هذا الإطار جاءت مساعيها لإحياء التحالف الرباعي «كواد» الذي يضم إلى جانبها اليابان وأستراليا والهند أيضاً، وإعلانها عن التحالف الثلاثي «أوكوس» الذي يضم إلى جانبها بريطانيا وأستراليا. وعلى الرغم من اختلاف السياق الذي ظهر فيه هذان التحالفان، وحتى الأعضاء الذين انضووا تحتهما، فإن القاسم المشترك الواضح وغير المعلَن، الذي يمثل الهدف الرئيسي، هو مواجهة الصين واحتواؤها. ومع ذلك، فإن أهمية هذين التحالفين تتعدى هذا الهدف؛ لتشمل تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات أخرى مهمة اقتصادية وتجارية. ويتمحور السؤال الرئيسي هنا حول مدى فاعلية التحالفين؛ فبرغم التداعيات المتوقعة إقليمياً ودولياً، التي بدأت بعض مظاهرها تبرز فعلاً، فإن هناك شكوكاً ليس بالضرورة أن تحوم حول الاستمرارية، وإنما تحوم حول القدرة على إحداث توازن كبير في مواجهة الصين أيضاً، وذلك بالنظر إلى: أولاً، تباين رؤى الأعضاء حول الأسلوب الأمثل للتعامل مع صعود الصين، وثانياً، تشابك مصالح هذه الدول مع بكين، ولاسيما دول المنطقة (أستراليا والهند واليابان)؛ ومن ثم فإن المضي قدماً في مواجهة الصين ستكون له عواقب على هذه المصالح، بالإضافة إلى الولايات المتحدة نفسها، حيث تبدو أنها بحاجة إلى الصين في قضايا إقليمية ودولية، تماماً كما أن بكين بحاجة إلى التعاون مع واشنطن لخدمة العديد من المصالح المشتركة، سواء في الاقتصاد، أو البيئة، أو القضايا الإقليمية والدولية الأخرى؛ وهذا ربما يفسر ما يؤكده الطرفان باستمرار من رغبتهما في التعاون لا الصدام، واتفاقهما في القمة الافتراضية التي انعقدت بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والصيني شي جين بينغ يوم 16 نوفمبر 2021، على تجنب «صراع مفتوح».