ملخص تنفيذي
بالرغم من كثرة الجهود والمحاولات التي بذلتها الأمم المتحدة إلى جانب أطراف إقليمية ودولية أخرى، من أجل وقف الحرب وتحقيق السلام في اليمن؛ فإنها لم تسفر عن أية نتائج ملموسة حتى الآن. فتعنُّت الحوثيين ورفضهم جهود ومبادرات التسوية السـياسـية من أهم أسباب استمرار الحرب، إذ يسعون إلى تحقيق أهداف عدة غير عابئين بقرارات الشـرعية الدولية، والتداعيات الكارثية للحرب على الشعب اليمني، إضافةً إلى سمعتهم على المستوى الدولي. وبرغم أن الحرب تكاد تنهي عامها السابع؛ فإنها لا تظهر أي احتمالات تشـير إلى تسوية سـياسـية شاملة خلال المستقبل المنظور.
والهدف من هذه الدراسة هو رصد أهم العوامل التي مكنت الحوثيين من الاستمرار في الحرب وتحليلها، وأسباب عرقلتهم جهود السلام. كما تسعى إلى استشـراف مآلات الحرب في ضوء المستجدات والتوازنات الراهنة على الصعيدين العسكري والسـياسـي، وتحليل انعكاسات ذلك على مستقبل الدولة اليمنية، ولاسـيما أنها باتت من الناحية العملية مقسمة إلى مناطق عدة واقعة تحت سـيطرة كلٍّ من حكومة الرئيس هادي والحوثيين وكيانات مسلحة أخرى.
وتتمثل أهم أسباب رفض الحوثيين للسلام في محاولتهم فرض الأمر الواقع، وتجاهل المرجعيات المطروحة لتحقيق السلام، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن، وتنامي قدراتهم العسكرية بدعم من إيران وحزب الله اللبناني؛ الأمر الذي مكنهم من الاستمرار في الحرب وتعويض بعض خسائرهم. يُضاف إلى ذلك ارتباط الحرب في اليمن في جانب منها، بالأجندة الإقليمية والدولية لإيران، وتمدد شبكة المنتفعين من تنامي اقتصاد الحرب في اليمن، وفشل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عموماً في التعامل مع الأزمة اليمنية.
وفي حال عدم التوصل إلى تسوية سـياسـية شاملة للأزمة اليمنية، فإن وضعية الانقسام أو الصوملة ستترسخ، بحيث تستمر الدولة اليمنية بوصفها حالة نموذجية للدولة المتصدعة التي تعاني غياب السلطة المركزية، والصـراعات الممتدة، والتدخلات الخارجية، وانعدام الأمن والاستقرار والتنمية. وفي ظل هذا الوضع سـيكون مستقبل اليمن خلال الأجلين القصـير والمتوسط على الأقل أسوأ بكثير من ماضـيه الحافل بالانقلابات العسكرية، والحروب الأهلية، والاغتيالات السـياسـية، وتفشـي الفساد والفقر، وهشاشة الدولة.
ونظراً إلى أن وجود دولة يمنية متصدعة في المنطقة يمثل تهديداً للأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وبخاصة فيما يتعلق بأمن الممرات البحرية وإمدادات الطاقة، فإنه من المهم تفعيل الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب وخلق ظروف ملائمة من أجل التوصل إلى تسوية سـياسـية، ليس بالضرورة أن تكون مثالية، بل المهم أن تلبي بعض مطالب الأطراف اليمنية الرئيسـية المنخرطة في الصـراع، وإلا فالبديل هو استمرار حالة الحرب بأشكال مختلفة، وعلى مستويات متعددة، الأمر الذي ستكون له تداعيات سلبية ليس على الصعيد اليمني فحسب، بل على الصعيدين الإقليمي والدولي أيضاً. فهل من الممكن إنضاج شـروط ومتطلبات تسوية سـياسـية شاملة في اليمن؟ هذا هو التحدي الحقيقي.