تمثل هذه الورقة عرضًا تحليليًا يستعين بالشواهد النصية، لثلاثة عوامل تعدُّ من زاويتها الاستشرافية لمستقبل الإسلام السياسي، عوامل موضوعية داعمة لاستمراره.
يتمثل العامل الأول في العامل الديني، حيث يوجد وعي ديني إسلامي عام، محكوم بتصور قديم لعقيدة التوحيد، يمثل المدخل الرئيسي لاستمرار الإسلام السياسي، لأنه يُمِدُّ تأويليته السياسية لمفهوم التوحيد الإسلامي بمصطلح الحاكمية، كل الصلاحية الإقناعية.
أما العامل الثاني، فهو عامل سياسي، تمثله طبيعة الدولة الوطنية في المجال العربي الإسلامي، فهي دولة ضعيفة الشرعية، لسبب نظري هو طبيعتها العلمانية، وسبب واقعي هو فشلها في تحقيق وعودها بالتنمية. ومن هذا المأتى تمثل الدولة أحد الشروط الواقعية الممكنة لوجود الإسلام السياسي.
يُعدُّ العاملُ الاجتماعيُّ ثالثَ هذه العوامل الموضوعية، المساهِمةِ في بقاء الإسلام السياسي. وذلك من جهة النُّقلة التي وقعت فيه في ما سميناه "وسائط الجمعنة"، لنعين تلك الروابط الخالقة للاجتماع البشري، واللاحمة لهذه الوحدة الجامعة للأفراد.
من هذه الزاوية، فإن تفكك روابط المجتمع الأهلي القديم في هذه المجتمعات الإسلامية، أفسح المجال لوسائط قيمية ومادية، تضاعف من قدرة الإسلام السياسي على الانتشار، لعل أبرزها قيم اقتصاد السوق، والوسيلة الرقمية.