يشير مفهوم حزب التحرير لـ”الخلافة”، الذي يجمع بين الخلافة الكلاسيكية وتأثيرات الفكر السياسي الحديث، إلى أن الحزب منشق عن جماعة الإخوان المسلمين.
وقد تأسس حزب التحرير”HUT” في عام 1953، کمنظمة منشقة عن جماعة الإخوان، على يد الشيخ النبهاني؛ بسبب تعاون الإخوان مع العلمانيين المصريين، وهو السلوك الذي أدى إلى مغادرة عدد من أعضاء الجماعة الأم، والانضمام إلى حركة “النبهاني” الناشئة.
ولمَّا كان لسيد قطب تأثير كبير في مؤسس الحزب “النبهاني”، فمن الواضح أن الأدبيات الفكرية لهذا الحزب هي أدبيات سيد قطب، مُعبَّرًا عنها باختلافات لفظية، ولكن بالحمل الدلالي نفسه لمصطلحاته. وتماشيًا مع أفكار السيد، فقد درَّس النبهاني كتبه لطلبة العلوم الإسلامية، وعرَّفهم بكثير من الجوانب النظرية والعملية لجماعة الإخوان المسلمين.
وخلال سنوات إقامته في القاهرة، تأثر النبهاني بـحسن البنا، عبر مشاركته في الدوائر التعليمة والتدريبية لجماعة الإخوان باعتباره عضوًا. لكن في الخمسينيات من القرن العشرين، ومع تأثر النبهاني الواسع بأفكار سيد قطب، خاصة فيما يتعلق ببناء فكر الإسلام السياسي، فقد أدى ذلك إلى تحوله الفكري نحو المزيد من التطرف. وباعتباره مواطنًا فلسطينيًّا، وفي ظل تعزيز الوجود الإسرائيلي في المنطقة، فقد وضع تركيزًا أكبر على ضرورة إعادة الخلافة؛ ما دفعه إلى إثارة مواجهة عقلية مختلفة، والتصرف بشكل أكثر تهورًا في إطار أيديولوجية جماعة الإخوان.
ومن هنا، ولتوضيح حدود التأثير والتفاعل بين هاتين الجماعتين، تتناول هذه الدراسة العلاقة بين الإخوان وحزب التحرير من منظور تأثير أيديولوجية الإخوان في الحزب وأنماط سلوكه، وكيفية تفكيرهم المبني على النفوذ، واحتكار المعتقد الديني، وطرق تحقيق الحكم الشمولي كخلافة.
التغلغل الفكري بين الإخوان وحزب التحرير
إن التأثير الفكري بين جماعة الإخوان وحزب التحرير هو -في كثير من النواحي- عملية معقدة وشائكة. وفيما يرفض بعض أعضاء الجماعة هذه الفكرة، يرى آخرون أنها ليست تأثيرًا، بل جزء أساسي من أيديولوجية الإخوان. وقد يقع هذا الاختلاف بسبب اختلاط الأفكار وتلاقحها، وانتقال الأفراد من حزب التحرير إلى الإخوان وبالعكس. وفی الواقع، فإن الاختلاف فی النهج لا ینتقص من وحدة الهدف بین هاتین الجماعتین کما يتبين مما يلي:
وحدة الهدف في الهيمنة العالمية:
ولما كانت الرؤية السياسية لحزب التحرير تقوم على المزج بين السياسة والدين على أساس تطبيق الشريعة في جميع جوانب الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وإقامة دولة الخلافة، باعتبارها السبيل الوحيد لإقامة المجتمع العادل الذي لا يمكن تحققه إلا في إطار مثل هذا النظام، فإن هذه الرؤية تُوحّد بين جماعة الإخوان وحزب التحرير تمامًا، حيث إن لكليهما أيديولوجيات شمولية تسعى إلى الهيمنة العالمية، وتختبئ وراء أقنعة دينية. كما أن من الواضح أن حزب التحرير، منذ تأسيسه، حدد هدفه النهائي بالعمل على استعادة الخلافة، وإيصال الدعوة الإسلامية إلى العالم، بحيث تشمل الأحكام الإسلامية -بقيادة الخليفة- جميع جوانب حياة المجتمع، وتعيد الإسلام إلى مجده وعظمته التي حددها الحزب. وبذلك، نرى أن أهداف ورغبات هذا الحزب هي نفسها أهداف ورغبات الإخوان، التي تتلخص في واقع الأمر في استعادة الخلافة وأستاذية العالم[1].
التكفير:
إن حزب التحرير، الذي ينشط في أكثر من أربعين دولة حول العالم، ويرتبط في كثير من الأحيان بالمنظمات الإرهابية، مرتبط بشكل وثيق بجماعة الإخوان في أيديولوجيته، وحتى في بعض تكتيكاته، لدرجة أنه من الصعب تمييز توجهاته، خاصة في الشرق الأوسط ككل. وبتطبيق عقيدة حزب التحرير القائمة على تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار كفر، فإن دار الإسلام، من وجهة نظر الحزب، هي دار تطبَّق فيها أحكام الإسلام في جميع مناحي الحياة في المجتمع، فيما بلاد الكفر هي بلاد لا تطبق فيها أحكام الإسلام بالمفهوم السابق. وبما أنه لا يوجد اليوم بلد في البلاد الإسلامية تطبق فيه أحكام الإسلام (بحسبه)، فإن كل تلك البلاد تُعد دار كفر. ومن هنا، يتبين بوضوح مدى تأثير الإخوان وسيد قطب في حزب التحرير في تعريف الجاهلية، وطبيعة الدولة الإسلامية، والقوانين التي تحكمها[2].
إن أتباع سيد قطب (جماعة الإخوان وحزب التحرير) جميعهم يريدون إسقاط حكوماتهم الحالية، ثم إعلان الجهاد المسلح ضد الدول الكافرة؛ لأن مفهوم سيد قطب للجاهلية يفرض عليهم الجهاد من أجل التغيير، أخذًا في الحسبان تعريفه لدار الإسلام ودار الكفر.
فضلًا عن ذلك، فإن جماعة الإخوان وحزب التحرير (بحسب تعريف السيد للمجتمع الجاهلي) يشتركان في رؤيتهما للمجتمعات الإسلامية المعاصرة، حيث إن كليهما يعدُّ الأنظمة التي تحكم هذه المجتمعات أنظمة كافرة. وبما أن المسلمين يخضعون لحكمها، فإنهم يخرجون من ملاذ الإسلام أيضًا. ولذلك، فإن حجة الحزب والإخوان (بحسب منطقهما) هي كالتالي: بما أن المسلمين لا يُحكمون بشريعة الله، فإنهم بطبيعة الحال يعيشون في دار كفر؛ ولذلك فإن حال الحزب والإخوان في التعامل مع المسلمين يشبه مرحلة الدعوة إلى الإسلام في العهد المكي[3]، وذلك بتحويل المجتمعات المعاصرة من خلال تشكيل ذوات مسلمة حديثة، والاعتماد على الاستراتيجية التحويلية “الفرد أولًا” (بحسب الإخوان)، تمهيدًا لتأسيس الخلافة من خلال تكوين ذوات تحمل الفكرة، وتعمل من أجل تحقيقها. في حين أن الإخوان والحزب خلطَا بين الأحكام الفقهية المأخوذة من النصوص الشرعية، كما يقتضيها العقل في مرحلة معينة من التاريخ، وبين المبادئ العَقدية. ونتيجة لذلك الانحراف الفکری، فقد كفَّرا المجتمعات والحكومات في العالم الإسلامي.
توحيد الحاكمية:
بالنظر لخطة حزب التحرير لإقامة “الخلافة”، فإنه يظهر أن هذه الفكرة هي استمرار لأفكار جماعة الإخوان، التي تبدو في الواقع أكثر تشددًا وتناقضًا؛ لأن جماعة الإخوان تعتقد أن إعادة الخلافة هي أحد مبادئها الأساسية التي يجب أن تسعى إليها بمختلف السبل، فيما يرى حزب التحرير، بطريقة أكثر تجريدًا، أن الخلافة والحكم الشمولي من المبادئ التوحيدية للإسلام، وعزيمة شرعية لا رخصة، ولا تراخي فيها. إن هذه الرؤية المنحرفة المشتركة بين هاتين الجماعتين تعني أن حزب التحرير تاريخيًّا يعمل في إطار أيديولوجيا الإخوان حول إنشاء نظام اجتماعي ديني شامل في جميع أنحاء المنطقة[4].
ومن الجدير بالذكر أن استراتيجية كل من جماعة الإخوان وحزب التحرير لإقامة دولة الخلافة هي تدمير أسس الديمقراطية واستبدال مبادئهم المزعومة بها، من السيادة الإلهية، والكفر بالطاغوت “الحكومات الوطنية”، والالتزام بمبدأ الولاء والبراء “اقتصار الولاء والمحبة للمسلمين؛ ما يتطلب الكراهية والعداء تجاه شعب وثقافة الكفار”[5] (بحسب تفسيرهما)، خاصة أن كلتا الجماعتين تعتقد أن أي محاولة للفصل بين السياسة والدين خروج عن الملة، حيث إن العمل من أجل إقامة الخلافة هو بمنزلة ممارسة إسلامية واجبة، ومن باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ حيث يعتقد الإخوان أن أداء الشعائر الدينية وتنفيذ الحدود الشرعية متوقفان على وجود دولة “الخلافة”. ولعل الاختلاف بين أفكار الجماعتين يكمن فقط في أساليب تطبيقها ونطاقها؛ لأن النبهاني، مثل الإخوان، يقبل تشكيلات الدولة المعاصرة باعتبارها “خلافة” مستمدة بطريقة ما من الأنظمة السياسية المعاصرة، وكلتاهما تتصور أن دولة الخلافة عندهما تقوم على وجود منظمة قيادية وجيش ومحاكم وإدارة إقليمية، ولكن دون حدود إقليمية لهذه الدولة.
وهكذا، يتبين أن الإخوان وحزب التحرير، رغم إصرارهما على وجود نظام سياسي يقوم على الخلافة، فقد أدركا أن هذه الفكرة لديهما ليست أكثر من خطة مجهولة وغير فعالة في مواجهة إقليمية الدول المبنية على الخصائص الثقافية والاجتماعية.
فضلًا عن ذلك، فقد أثبت الهيكل السياسي العالمي أنه سياق عملي؛ ما جعل الخطط الوهمية للإخوان وكل الجماعات الإسلاموية عبثية ودون معنى. يتضح ذلك من حقيقة أن الحزب والإخوان اضطرا في نهاية المطاف إلى تنظيم أنشطتهما كحزب أو جماعة عابرة للحدود الوطنية ذات فروع وطنية[6].
التكتيكات وأساليب العمل:
طرق استخدام التقية: ورغم أن الإخوان المسلمين وحزب التحرير يزعمان أنهما ليسا متطرفين وإرهابيين، ولم يدعوَا علنًا إلى استخدام الأسلحة، فإنهما في الواقع لم يكونا مستعدَّين أبدًا لإدانة الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الجماعات الجهادية المختلفة حول العالم. وبدلًا من ذلك، وفي حين يروجان لأيديولوجيتهما المتطرفة، فإنهما يواصلان تدريب عناصرهما على استخدام الأسلحة وتصنيعها. وقد كشفت الأحداث الأخيرة في الأردن عن الأنشطة الإرهابية الشاملة لأعضاء حزب التحرير. ولتحقيق هذا الهدف، فإنهم يسعون إلى التأثير في مختلف شرائح المجتمع من خلال نشر الكراهية، وجذب الناس إلى سياقات تاريخية ممزوجة بالدين.
وبما أن هذه الجماعات تعمل على تعزيز أيديولوجيتها من خلال مزيج من السرية والعنف، فإنها تؤكد ضرورة التحلي بالصبر الاستراتيجي في برامجها التعليمية والتدريبية. ومن أجل دمجه مع المفاهيم الدينية، وإثارة مشاعر جمهورها، فإنها تدرس الدعوة الإسلامية في العصر المكي، عبر استحضار حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة”[7]، وكذلك محنة الإمام أحمد بن حنبل على يد المعتزلة[8]؛ وذلك لحث أتباعها على العمل من أجل استعادة الخلافة. كما تؤكد تلك الجماعات أن الأفراد والجماعات المرتبطة بها التي تنفذ عمليات مسلحة أو اغتيالات متفرقة يجب أن تنكر هويتها التنظيمية؛ حتى لا يثار غضب الدول والحكومات الوطنية، ولا يتعطل عملهم الأساس في إعادة دولة الخلافة[9].
التعاون الميداني: وبالنظر إلى مواقف الإخوان وحزب التحرير مع الجماعات الإرهابية الأخرى، وتمجيد أفعالها، يتبين أن هذه التنظيمات ترى أن جميع الجهود الإرهابية الإسلاموية تصب في الاتجاه نفسه “إحياء الخلافة”. ولذلك، فإن هناك العديد من الأمثلة على تعاون الإخوان وخلايا حزب التحرير مع جماعات إرهابية متشددة، مثل حماس وكتائب شهداء الأقصى، وتنظيم القاعدة في هجمات، بما في ذلك: هجمات لندن يوليو2005، وتفجيرات ثكنات عسكرية هندية في سريناجار في يوم عيد الميلاد عام 2000 بالتعاون مع منظمة جيش محمد الإرهابية، وتفجيرات قطارات مدريد في مارس 2004، وهجوم بالغاز السام في فرنسا عام 2000، بالإضافة لاختطاف 63 شخصًا في اليمن في ديسمبر1998، ومحاولة شراء صواريخ أرض-جو في شرق لندن خلال عام 2005 لإسقاط طائرة مدنية[10].
وقد وجد هذا التعاون الميداني بين الإخوان وحزب التحرير تجلياته الحقيقية في العراق، عندما شجع حزب التحرير، مثل الإخوان، الانتحاريين، وأطلق عليهم لقب “شهداء”، تمامًا كما أعلن الجناح العسكري للإخوان في العراق، “ألوية صلاح الدين”، أن الجنة تحت ظلال السيوف، وأن موقف الكتائب هو “الإثخان في القتل” (ارتكاب المجازر الفادحة)، وأن هذه الألوية تتبع توجيهات المكتب السياسي للإخوان، وهو المكتب الذي ينسق ويربط ويوضح إحداثيات مسيرتنا الجهادية الطويلة والقصيرة[11]؛ ما لا يدع مجالًا للشك في هذا التعاون بينهما، كلما اقتضت الظروف ذلك.
الاختلاف التكتيكي: وبطبيعة الحال، ورغم أن الحزب والإخوان يتفقان على القضية الرئيسية المتمثلة في “الخلافة”، فإن لكل من الجماعتين نهجها الخاص لتحقيق هذا الهدف. وبشكل عام، يمكن تلخيص الاختلافات في نهجهما في نقطتين.
أولًا، فيما تحاول جماعة الإخوان التقرب من الحكومات لتحقيق هدفها الطويل الأمد المتمثل في إقامة “الخلافة”، يسعى حزب التحرير بشكل مباشر إلى الإطاحة بالحكومات الوطنية؛ لاعتقاد التحريريين أن مراحل وصول الإسلاميين/ الإسلامويين، من وجهة نظر الإخوان لـ”الخلافة”، تعترضها صعوبات “التمكين”، والمرحلية التي تستغرق وقتًا طويلًا. فالأمر عند حزب التحرير يرتكز إلى “الجهاد” بطرق مختلفة للوصول إلى الحكم بشكل واضح، وإن كانت هناك تناقضات في مفهوم الجهاد نفسه لديه؛ لأن الجهاد خاص بالقتال، عكس الإخوان الذين يعتمدون أساليب “ملتوية وفيها الكثير من المناورة بين السياسة والعنف”[12].
ثانيًا، استهداف الإخوان شرائح مختلفة من المجتمع من حيث تقديم الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية من خلال تأسيس المدارس والمستشفيات والأنشطة التجارية؛ من أجل توجيه الرأي العام نحوها، فيما لا يهتم حزب التحرير بالجمهور العام، ويعمل فقط على مستوى المثقفين والمتعلمين؛ من أجل تحقيق الهدف من خلال النخبة الفكرية والعسكرية.
إن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، على سبيل المثال، يدّعون أنهم يعملون ضمن إطار النظام السياسي القائم، ويسعون إلى تغييره تدريجيًّا، كما حدث في مصر تحت شعار “الإصلاحات التدريجية من أجل تطبيق الشريعة وأسلمة المجتمع”. غير أن حزب التحرير، في المقابل، يعارض هذا النهج بشدة، وينتقد المقاربة السياسية التدريجية، أو المشاركة في العمليات الانتخابية والتشريعية بقصد التأثير في عملية صنع القرار، عبر وسائل ديمقراطية؛ لاعتقاد الحزب أن هذا النهج يسهم في دعم النظام القائم، ويحول دون تأسيس نظام “الخلافة”، بالإضافة لنأي الحزب عن اعتبار نفسه منظمة تقوم بأنشطة غير سياسية (مثل الأعمال التعليمية أو الخيرية)، بل إنه ينتقد الجماعات الإسلامية/ الإسلاموية الأخرى التي تقوم بمثل هذه الأنشطة؛ لأن ذلك يُبعد المسلمين عن مهمتهم الأساسية، وهي إعادة “الخلافة”، كما يؤدي إلى الانشغال والتغافل عنها[13].
الخاتمة:
إن جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها أساس كل الأيديولوجيات الإسلامية الانتهازية، تلجأ دائمًا إلى الخداع للوصول إلى السلطة الشمولية باسم الخلافة، وفرض أفكارها على المجتمعات بطرق مختلفة، ومن خلال مجموعات عديدة، وتحت مسميات خادعة.
تلجأ جماعة الإخوان المسلمين إلى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى السلطة كهدف رئيسي لها، ولا تتردد في استخدام أية وسيلة تحت مسمى الجماعات، أو الجمعيات، أو الأحزاب، أو مؤسسات الخدمات الاجتماعية. لكن من الواضح أن كل الوسائل التي تستخدمها جماعة الإخوان في هذا الصدد تتوازى مع شكل من أشكال الترهيب والترهيب والعنف. وهكذا، يعمل حزب التحرير والإخوان المسلمون بالتنسيق والاتفاق مع بعضهما بعضًا لزعزعة النظام والاستقرار في المجتمعات الإسلامية والعربية ولمصلحة جماعتَيهما.
وبطبيعة الحال، فإن مفهوم التفكير المشترك والتنسيق العملي بين جماعة الإخوان وحزب التحرير، الذي يرتكز على قدسية الأفراد والإخلاص لمؤسِسيهم ومنظِّريهم، هو تعبير عن ذلك على أعلى المستويات. فبالإضافة إلى تأثير حسن البنا المباشر في “النبهاني”، فإن هذا الأخير لعب دورًا كبيرًا في التنشئة السياسية لشباب الإخوان، لدرجة أن حسن البنا أعطى “النبهاني” الفرصة للتحدث في مقر الإخوان، والكتابة في مجلتهم. فضلًا عن ذلك، فإن سيد قطب نفسه قال عن العلاقة الجذرية بين الإخوان وحزب التحرير: “اتركوهم وشأنهم، فسينتهون من حيث بدأ الإخوان”[14].
وهكذا، فإن الوحدة الأيديولوجية بين مؤسسي ومنظِّري الإخوان وحزب التحرير(حول ماذا لوكان الإخوان والحزب دينًا)، بالإضافة إلى مصير حياة النبهاني كلاجئ فلسطيني غاضب، يفسران بوضوح أيديولوجية الإخوان السلوكية من خلال المؤامرات والانقلابات وتكفير المجتمعات، ونشر الكراهية؛ في سعي منهم إلى خلط الدين بالسياسة عبر ما يسمى “دولة الخلافة”، مع ملاحظة وجود فرق، يتمثل في أن حزب التحرير يريد التركيز على إقامة الخلافة منذ البداية، فيما تؤجل جماعة الإخوان حلم العودة إلى الخلافة إلى فرصة مناسبة من خلال مشروع هندسة اجتماعية طويلة الأمد، يحرم الشعوب بمقتضاه من الحكومات الوطنية، والحقوق الفردية وسيادة القانون، ويستبدل بها حكومة الجماعة الشمولية.
[1] إمانوئل كاراجيانس، “خاتستگاه ها،ایدیولوژی وساختار”حزب التحریر”، الموقع التخصصي للدراسات الفكر الوهابي والتيارات السلفية، 24 August 2014، رابط الصفحة (22/4/2025).
[2] Krishna Mungur, “Islamist Distortions: Hizb ut-Tahrir a Breeding Ground for Al-Qaida Recruitment,” Journal of Strategic Security 2, no. 4 (2010): 61–66,
[3] حسن حضرتی وعبد الواحد قادری، “اندیشۀ سیاسی حزب التحریر”، مجله پژوهشهای تاریخ اسلام، العدد 16522، 2025، 1-20.
[4] Dietrich Jung and Kirstine Sinclair, “Religious Governmentality: The Case of Hizb ut-Tahrir,” Temenos – Nordic Journal for the Study of Religion 56, no. 1 (2020): 95-118.
[5] New America, From Revolution Muslim to Islamic State (Washington, D.C.: New America, 2025),
[6]مهران موحد، “آیا بازگشت ‘خلافت اسلامی’ ممکن است؟” بي بي سي فارسي، 1 أكتوبر 2018، https://www.bbc.com/persian/blog-viewpoints-45698658 (تم الاطلاع عليه في 22 أبريل 2025).
[7]حديث: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها)، ديوان الأحاديث، آخر دخول 29 أبريل 2025،
https://goo.su/VvkdHqG
[8] رباب كمال، “ما علاقة محنة خلق القرآن بصعود الصحوة السلفية؟”، حفريات، 16 يناير 2025،
[9] Karagiannis, Emmanuel. “The New Political Islam in Central Asia: From Radicalism to the Ballot Box?.” The Brown Journal of World Affairs 19, no. 1 (2012): 71-82.
[10] “The Origin of Revolution Muslim,” New America, n.d., https://www.newamerica.org/future-security/reports/revolution-muslim-islamic-state/the-origin-of-revolution-muslim/ (accessed April 22, 2025).
[11]علي رجب، “الإخوان المسلمون في العراق: شركاء الاحتلال وأدعياء المقاومة”، بوابة الحركات الإسلامية، 9 سبتمبر 2022،
[12] سيف الدين العامري، “رؤى الظلام والتكبيل والتكفير في فكر حزب التحرير”، صحيفة العرب، 20 أكتوبر 2014،
13] Emmanuel Karagiannis, “Origins, Ideology and Structure of Hizb ut-Tahrir,” in Political Islam in Central Asia: The Challenge of Hizb ut-Tahrir (London: Routledge, 2010),