كتب

استخدام نظرية الألعاب في تطوير استراتيجيات مكافحة الإرهاب: المقاربات والأهداف

28 أبريل 2025

Publication Thumb

ISBN: 978-9948-708-36-0

د.إ 30

شهد العالم خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظا في التهديدات الإرهابية من الجماعات والتنظيمات المتطرفة، حتى أصبح خطر الإرهاب الذي يواجه العالم، وفي القلب منه منطقة الشرق الأوسط، يتنامى بشكل غير مسبوق، سواء من حيث الكم أو النوع، نظرا إلى أن عدد العمليات الإرهابية ازداد في السنوات الأخيرة على نحو كبير ومروع، إضافة إلى أن الأساليب المستخدمة في الهجمات الإرهابية تنوعت تنوعًا لافتا للنظر؛ ما أدى إلى تهديدات كبيرة للدول الوطنية وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا الأبرياء، حتى إن الإنسان العاقل لا يستطيع أن يستوعب أن بشرًا يمكن أن يصنع بآخر ذلك. ومع تزايد التهديدات الإرهابية في العالم المعاصر، أصبحت الحاجة ملحة إلى استراتيجيات جديدة مبتكرة وشاملة لمكافحة الإرهاب على نحو فعال؛ ولاسيما أن مواجهة الإرهاب غالبًا ما تعتمد المعالجات السريعة المتمثلة في العمل العسكري، عبر العمليات العسكرية الواسعة، سواء أكانت ضربات استباقية، أو مسحا لجغرافية الإرهاب والتطرف وهدما لمعسكرات التدريب. لذا يبقى المعنيون بمكافحة الإرهاب ينظرون إلى المستقبل البعيد، وفق رؤى استراتيجية توصي باعتماد مجموعة سياسات متكاملة ضمن الأمن القومي، تقع ضمنها سيطرة الحكومة والدولة على أمنها ومواردها الطبيعية والبشرية، باعتماد خطط وآليات جديدة لمواجهة الإرهاب والحد من مخاطره وتقويض تهديداته قدر المستطاع.

وفي الوقت نفسه نشهد تصاعد تهديدات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، مثل تجارة الأسلحة والمخدرات وغسل الأموال والاتجار بالبشر والأعضاء والمخدرات والموارد الطبيعية والحياة البرية، وكذلك تزايد الجرائم الإلكترونية كما ونوعا بدءًا من الاحتيال عبر الإنترنت وسرقة البيانات إلى استغلال الأطفال وينقسم مرتكبو هذه الجرائم إلى مجرمين أفراد وشبكات منظمة، وكل منهم يستغل عدم الكشف عن هويته وإمكان الوصول إلى العالم الرقمي. فالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية لا تسرق الأموال فحسب بل تسرق مستقبل الناس وتفسد المجتمعات وتدمر حياتهم. وتمثل المليارات المفقودة بسبب التدفقات المالية غير المشروعة فرص عيش ضائعة وفقرا متفاقما. ففي أفريقيا وحدها، يُفقد ما يعادل نحو 90 مليار دولار أمريكي أو نحو 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة سنويا بسبب التدفقات المالية غير المشروعة.

لا أحد ينكر الدور العسكري الذي تؤديه الحكومات، وقوات الجيش والشرطة، وقوات إنفاذ القانون، وأجهزة الاستخبارات والاستطلاع في مناهضة الإرهاب والجريمة المنظمة واقتلاعها من جذورها لكن شمولية مكافحة الإرهاب والجرائم واجتثاث جذورها تتطلب استراتيجيات جديدة وشاملة لمعالجة أبعاد الظاهرة، تتجاوز إطار العمل العسكري، وصولاً إلى مجالات تعكس تعقيدات هذه الظاهرة، وتعدد أبعادها وتقاطعها مع مجالات الحياة كافة دينيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيًا وتربويا، وصدق من قال: «بالسلاح تستطيع قتل الإرهابيين والمجرمين، لكنك بالعلم تقتل الإرهاب» وشتان بين قتل الأفراد، وقتل الأفكار.

والمواجهة هذه التحديات، تحتاج الدول المتضررة من الإرهاب والجريمة إلى اتباع نهج شامل يجمع بين الجهود العسكرية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ومن الضروري تعزيز التعاون الإقليمي من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة. إضافة إلى ذلك، يجب الاستثمار في برامج تعليمية وتطويرية تهدف إلى تقليل معدلات البطالة؛ ما يسهم في خلق بيئة أكثر استقرارًا وأقل عرضة للتطرف.

وفي ظل تزايد التهديدات الإرهابية عالميا وتعقيد أساليب الجماعات الإرهابية، أصبحت الاستراتيجيات التقليدية لمكافحة الإرهاب غير كافية لمواكبة التطورات الأمنية الحديثة، حيث يعتمد نجاح الجهود الأمنية على القدرة على تحليل سلوكيات الأطراف الفاعلة، والتنبؤ بتحركاتها، وتصميم استراتيجيات مرنة تتكيف مع طبيعة التهديدات المتغيرة. ومع ذلك، تواجه الحكومات والمنظمات الأمنية تحديات كبيرة في تطوير استراتيجيات شاملة تحقق التوازن بين تعزيز الأمن القومي وتقليل الخسائر البشرية والمادية وهنا تبرز الحاجة إلى أدوات تحليلية متقدمة مثل نظرية الألعاب التي توفر إطارا لفهم ديناميكيات الصراعات واتخاذ قرارات أكفأ في مواجهة التهديدات الأمنية.