تشكل جماعة الاخوان المسلمين ظاهرة جديرة بالبحث والدراسة، بالنظر إلى امتدادها الجغرافي وعمق تأثيرها الاجتماعي والسياسي ليس في المنطقة العربية والإسلامية فحسب، بل عبر العالم برمته. وفي هذا السياق تشكل نظرة تحليلية للظروف التاريخية لظهور الجماعة بمصر أحد المفاتيح الأساسية لفهم العوامل المتحكمة في تأطير أتباعها وصياغة رؤيتها الايديولوجية وأدواتها التغييرية.
وفي هذا الصدد تشكل دراسة البيئة الاجتماعية والاقتصادية لنشأة الجماعة أولوية خاصة كونها تسمح بتقديم تصور لما كانت عليه الأوضاع العامة في مصر بأبعادها المختلفة ومتغيراتها بمستوياتها المتعددة، في محاولة لمعرفة جذور الماضي القريب وتأثيراته في مسار الأحداث والمسوغات التي رافقت نشأة جماعة الإخوان المسلمين.
كما تفرض الأصول الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين نفسها في متن الدراسة لمعرفة جذورها الفكرية، وهي الأصول التي تتجسد في الأرثوذكسية السنية وفكر الخوارج، ومرجعيات قريبة تركز بالأساس على رواد النهضة الإسلامية، مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، دون إغفال دور فكر أبو الأعلى المودودي بصفته أكثر الكتاب المعاصرين تأثيراً في صياغة منظومة الأفكار الإخوانية.
كما تتناول الدراسة أطروحات الجماعة خاصة تلك التي صاغها مؤسسها حسن البنا ومن بعده سيد قطب ودورهما في توجيه مسارات الجماعة نحو العنف المسلح وجعله مركباً بنيوياً في خطابها، لنتمكن من استعراض الأطر الفكرية والمقاربات النظرية التي تطوق الإيديولوجية الإخوانية من النواحي الحركية والمعرفية.
كما تستعرض المنطلقات الفكرية للجماعة من خلال التطرق إلى أهم مرتكزات الفكر الإخواني، واستعراض مفاهيمها ومصطلحاتها الأساسية التي تتميز بعموميتها وضبابيتها، وتزعم أصالتها في البيئة الشرعية والفقهية الإسلامية